رأي

إنها مكيدة بلا نهاية.

كتبت لمى الغلاييني في جريدة اليوم السعودية.

الوفرة ليست شيئا يمكن إنتاجه، بل توجهٌ يمكن توقعه والتوافق معه، فإذا كان عقلنا يؤمن بالندرة والحاجة فسوف تكون حياتنا على هذا النحو، لأننا نحصل على ما نتوقعه، وما نفتقده ليس بسبب عدم تواجده بل بسبب إيماننا بمعتقدات الندرة، وحين تتغير توجهاتنا الداخلية بما نستحقه سيتغير سلوكنا وستزدهر أحوالنا، فما نركز عليه يزداد ويتوسع، وإذا كنت تشعر بأنك تستحق فقط جزءا ضئيلا من السعادة، فهذا الجزء هو الذي سوف يزداد. وإذا كنت تعرف أنك تساوى كل شيء، وكانت نيتك في الحفاظ على مبدأ الوفرة هو الخير وخدمة للآخرين، فسوف تجذب مستويات مرتفعة من السعادة في حياتك وإذا كنت تعتقد أنك تستحق القليل جدًا، فسوف تجذب مثل هذا القدر في حياتك، ولو شعرت بأنك أفضل من الآخرين وبأنك تستحق أن تأخذ أكثر على حساب البقية فالنتائج هي نفسها كما لو كنت تشعر بأنك تستحق القليل جدًا، ففي كلتا الحالتين أنت تقوم بالتقليل من شأن نفسك. فالاعتقاد بأنك لا تستحق شيئًا، أو أنك تستحق كل شيء على حساب الآخرين هو طريق مدمر للنفس يؤدي إلى الابتعاد عن الوفرة، ويقذف المرء في طريق الندرة والحاجة. وعندما تؤمن بأنه في أثناء قيامك بمساعدة الآخرين سوف تحصل على كل شيء، فإنك سوف تدعم نفسك والآخرين في نفس الوقت، فالاعتقاد بالندرة هي ما يعزز وجودها ويساعدها بأن تسود في حياتنا، وستتحقق الوفرة حين نتخلص من المعتقدات المقيدة التي تتحدى تجلي الوفرة، والأهم هو أن نتوقف عن التركيز على ما لا نملكه ونحول إدراكنا إلى تقدير ما بين أيدينا، فجميع مكونات الحياة قد خلقت لخدمتنا وليس لتجعلنا خادما لها، وعندما نتوقف عن المطاردة والتعقب والقلق والحاجة لجمع الأشياء سنجد كل ما أردناه متاحا أمامنا، فالأشياء التي نرى أننا في حاجة إليها لكي نكون أسعد هي الدليل الأوضح على أننا محكومون من الخارج وليس من داخلنا، وهذا الافتراض بأننا غير مكتملين وينقصنا شيء ما، ويمكننا إشباع هذا العجز وعدم الاكتمال عن طريق تملك الكثير من الأشياء، هو مكيدة لا نهاية لها، ولا يمكننا الهروب منها، وإذا كنا نشعر بوجود فراغ أو فجوة، فالسبب أننا نملك أفكارًا شحيحة أو خائفة، وهذا النوع من التفكير يزيد دائما من الفراغ الذي نشعر به، حيث يؤدي للاعتقاد بأنه علينا الحصول على المزيد قبل أن نكون سعداء، وهو ما يمنعنا من التناغم مع فكرة الوفرة التي تتواجد في كل مكان من حولنا، لأن قدرتنا على الاستمتاع بالحياة تنبع من كيفية اختيارنا لطريقة إدراك الحياة وليس من الأشياء الخارجية، حيث لا يملك أي شيء خارج أنفسنا القوة على أن يمنحنا السعادة أو الإشباع النفسي، فإن كنت في حاجة إلى المزيد لكي تشعر بالكمال فسوف تظل تشعر بالنقص والتعطش للمزيد، وحجر الأساس في حريتنا يكمن في طريقتنا في التفكير ولا أحد يستطيع سلبه أبدا، وعندما تؤمن بذلك سترتبط بالوفرة لأنها شعار وجودنا الكامل، وكل ما تحتاجه هو أن تضبط جهاز الاستقبال الخاص بك على موجات الوفرة لتجني ثمارها في حياتك.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى