رأي

إندبندنت: في إفريقيا التطوع في أوكرانيا بطاقة سفر إلى أوروبا والحكومات لا تريد إغضاب موسكو

قالت صحيفة “إندبندنت” إن المئات في إفريقيا عبروا عن رغبة للقتال في الفيلق الأجنبي الأوكراني كوسيلة للهجرة إلى أوروبا. وفي تقرير أعدته بورتيا كراو وأزيل مومار لو قالا فيه إن الحسن فايي، 45 عاما عامل البناء السنغالي أراد عندما سمع أخبار الغزو الروسي لأوكرانيا عمل شيء “لا أستطيع تحمل الظلم” قال. وأضاف العامل الذي يعيش في بلدة باوت، قريبا من العاصمة داكار “لا أحب رؤية الناس وهم يعانون”.
وعثر على رقم هاتف السفارة الأوكرانية في دكار وسأل عن إمكانية المساعدة، فتم إخباره عن موقع على الإنترنت لتقديم طلب، ثم تدخلت الحكومة السنغالية ومنعت كل عمليات التجنيد، وحينها قدم 35 سنغاليا طلبات. والسنغال ليست الوحيدة التي عبر فيها مدنيون كثر عن رغبة بالانضمام للفيلق الأجنبي الأوكراني بل وفي مناطق أخرى من القارة الأفريقية. وفي الوقت الذي لن يتمكن فيه معظم الراغبين بالوصول إلى أوكرانيا بسبب كلفة السفر وشروط الخبرة العسكرية وحظر الحكومات إلا أن الكثير من المحللين فوجئوا بحجم الاهتمام في الحرب ومشاركة الأوكرانيين معاناتهم. وقالت سفارتا أوكرانيا وجنوب إفريقيا انهما تلقتا وحدهما مئات من الطلبات- بالبريد الإلكتروني والهاتف أو المقابلات الشخصية حول الانضمام للحرب. وقالت السفيرة الأوكرانية في جنوب إفريقيا إن سفارتها تلفت سيلا من الرسائل عندما أعلن الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي عن فتح الباب للمشاركة في الفيلق الأجنبي. ونفس الأمر في كينيا حيث قالت السفارة الأوكرانية هناك إنها تلقت استعلامات من الراغبين وقابلت الصحيفة عددا من الأشخاص من يوغندا وبورندي، حيث لا يوجد فيهما سفارات لأوكرانيا، وعبروا عن رغبة بالتطوع للحرب ولكنهم لا يعرفون كيف. وأكد المتحدث باسم الفيلق الأجنبي ديميان ماغرو وجود “بعض المتطوعين” من إفريقيا ولكنه لم يذكر عددهم أو جنسياتهم. وفي الشهر الماضي قال مسؤول عسكري إن حوالي 20.000 شخص من 50 دولة انضموا للفيلق.
وفي مقابلات مع 7 أشخاص قالوا إن الرغبة بمساعدة الشعب الأوكراني هي الدافع الرئيس لكنهم أشاروا إلى إمكانية هجرتهم من خلال التطوع إلى أوروبا. وتمنح أوكرانيا حاليا تأشيرات دخول مجانية لمن يريد القتال، وهو أمر نادر بالنسبة للمواطنين الأفارقة التي تعد جوازاتهم من أقل وثائق السفر قوة في العالم. ومن لا يملك جوازات للهجرة إلى أوروبا من الأفارقة يسافرون في رحلة طويلة وخطيرة بالبر حيث يتعرضون للتمييز والابتزاز والاحتجاز. ويقول ستيفن غرازد، مدير الحكم في إفريقيا والدبلوماسية بمعهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية “لو فكرت بمن يتطوعون، فهم شباب، أقوياء جسديا، وربما رأوا في هذا تذكرة إلى خارج إفريقيا وطريقا للدخول إلى أوروبا والبقاء هناك فرضا”.
وقال إبراهيم نيي، من ليبيريا الزميل في مركز الديمقراطية والتنمية، وهي جماعة حقوقية إن “من يتقدمون للتطوع في أوكرانيا” ربما حاولوا في السابق السفر إلى أوروبا عبر طرق غير رسمية. وألقي القبض على فايي عام 2005 هو يحاول الهجرة عبر إسبانيا على متن قارب صيد. وقال إن صديقا مدينا له بمال دعاه للمشاركة في الرحلة ودفع كلفتها. وقام مع عدد من الأصدقاء بركوب القارب ولكن الشرطة جاءت قبل بدء الرحلة وألقت القبض عليهم. ويقول إنه لا يريد الاستفادة من الحرب هناك، إلا أن والد 6 أطفال ومتأخرا عن دفع أجر البيت يتطلع لفرصة عمل هناك بعد الحرب.
وبنفس السياق، قال فردريك أوكوت، 27 عاما من يوغندا إنه “يرغب بالسفر إلى أوكرانيا لتقديم الدعم الإنساني للأوكرانيين وإنقاذ أرواح”. وقال إنه بحث عن طرق للعثور على أقرب سفارة وسأل صديقا يعمل في وزارة الخارجية “أنا مستعد للقتال من أجل إخواني في أوكرانيا”، مشيرا في رسالة عبر واتساب للروس بالقوى الإرهابية. وعندما سئل عن الدافع الحقيقي للمخاطرة بحياته في حرب أجنبية اعترف أنه يبحث عن وسيلة لمغادرة بلده. وهو حاصل على شهادة جامعية بالعمل الاجتماعي والإدارة الاجتماعية ولكنه بدون عمل رغم محاولات البحث. وقال “لا أريد مغادرة يوغندا وبحثت عن عمل وفشلت بالحصول عليه في بلدي” و “أجد نفسي عالة وغير منتج”. وقال إنه لو استطاع السفر إلى أوكرانيا فإنه سيبحث عن عمل ويأمل بالسفر إلى بريطانيا.
ويقول المحللون إن وراء الرغبة بالتطوع هي التغطية الأوروبية للحرب في أوكرانيا مع أن هناك حروبا جارية الآن في الكاميرون وإثيوبيا ومالي، ولكن أحدا من الراغبين في التطوع في الحرب الأوروبية لم يبد اهتماما بالانضمام لهذه الحروب. ويقول نيي إن “مستوى التغطية الدولية للحرب الأوكرانية كان كبيرا ولم تحظ به الحرب في الكاميرون” و “لا أحد يعرف في الجارة نيجيريا عن الحرب في الكاميرون قدر معرفتهم عن أوكرانيا”. وتظل الحروب في القارة غير واضحة مثل النزاع الروسي- الأوكراني. ولهذا فمن السهل التطوع في هذا النزاع حسبما قال الراغبون بالسفر إلى هناك. وقال أوكوت إنه لو رغب بالقتال في حرب قريبة كتلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية أو جنوب السودان فعليه العمل مع الجيش اليوغندي لا الانضمام لكتيبة دولية.
وقال فايي إنه مستعد لمساعدة أي شخص يريد المساعدة سواء في أوكرانيا، مالي أو المنطقة الانفصالية كسمانس في جنوب السنغال لكن “الفرصة لمساعدة الأوكرانيين لم تتح في بقية المناطق أو الدول” و “ليس لدي معلومات حول التطوع مع السنغاليين أو الماليين، وكان من السهل التواصل مع السفارة الأوكرانية”. لكن أوكرانيا لا توفر ثمن التذكرة أو الرحلة بالإضافة للخبرة العسكرية ومعرفة اللغة الإنكليزية والأوكرانية. وقال نيي إن من يحاولون القتال في أوكرانيا ربما كانوا من الجنود السابقين الذين عملوا سابقا مع شركات التعهدات الأمنية في أفغانستان والعراق. وأضاف أن معظم العاملين هؤلاء شاركوا في حروب بسيراليون وليبيريا وساحل العاج، إلا أن معظمهم لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة للحرب الحالية في أوكرانيا. وقال متحدث باسم السفارة الأوكرانية في كينيا إنه بعد تلقي سيل من الاستعلامات عبر الهاتف وفيسبوك خفت الاهتمام بعد شرح الكلفة المالية والخبرة العسكرية.
ويرى ألان كيتنوسا سافا اللاجئ من يوغندا في زيمبابوي أن المشاركة في أوكرانيا بالنسبة له، ليست فرصة للهروب إلى أوروبا بل لأن فلاديمير بوتين دعم المستبدين مثل رئيس يوغندا يوري موسيفيني. وحاول تقديم طلب عبر سفارة أوكرانيا في جنوب إفريقيا وبوتسوانا وموزمبيق لكنه لم ينجح. وقالت سفيرة أوكرانيا هناك ليبوف أبرافيتوفا إن سفارتها تلقت سيلا من المكالمات وعبر تويتر وفيسبوك. وسفارتها مسؤولة عن 10 دول في الجنوب الإفريقي وطلبت إرشادات من وزراء خارجية كل دولة بشأن التطوع. ولم ترد زيمبابوي و6 دول أخرى أما نامبيا وبوتسوانا فقد منعتا التطوع.
وفي جنوب إفريقيا قيل لها إن على أي متطوع التقدم بطلب من خلال اللجنة الوطنية للتحكم بالسلاح التقليدي ووزير الدفاع والمحاربين السابقين قبل السماح لهم بالسفر إلى أوكرانيا. وأشارت السفيرة للبيروقراطية مؤكدة أنها لم تر بعد طلبات. وكانت جنوب إفريقيا أكبر مزود للمرتزقة في العراق ولكنها أقرت عام 2007 قانون منع نشاط المرتزقة ونظم “تقديم المساعدات أو الخدمات ذات الطابع العسكري والإنساني في النزاعات المسلحة”. ومنعت دول أخرى بشكل مباشر مواطنيها من التطوع، كما في نيجيريا التي طلبت من السفارة عدم تجنيد مقاتلين ورد النيجيريين الذي يستعلمون. وفي الجزائر طلبت الحكومة من السفارة حذف منشور على فيسبوك يدعو للتطوع باعتباره “خرقا صارخا لميثاق جنيف”.
واستدعت وزارة الخارجية السنغالية السفير الأوكراني وطلبت منه التراجع عن دعوته للتطوع. وقالت إن “تجنيد متطوعين أجانب ومرتزقة غير قانوني في أراضينا”. وكان الرد الإفريقي الرسمي متناقضا مع الموقف الغربي، حيث لم تمنع دول مثل بريطانيا وأمريكا وكندا أبناءها المتطوعين. وربما كان هذا تعبيرا عن مخاوف عما سيحدث لاحقا. ويقول نيي إن الحظر هو من أجل “تجنب الوضع الليبي، حيث قام شبان أفارقة في بعض الحالات بالتطوع كمرتزقة وعادوا برؤية متشددة وأنشأوا حركات مسلحة كما في مالي ونيجيريا وتشاد”.
ومن جانب آخر لا تريد الحكومات أن تؤثر الجهود الأوكرانية على علاقاتها مع روسيا. وكانت جنوب إفريقيا ونيجيريا والسنغال من بين 58 دولة امتنعت عن التصويت في 7 نيسان/ إبريل في تصويت لتعليق عضوية روسيا بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وصوتت الجزائر وزيمبابوي إلى جانب 22 دولة عارضت القرار. ولم ترد حكومات جنوب أفريقيا والجزائر والسنغال على طلب الصحيفة للتعليق.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى