إمام أوغلو خلال محاكمته: أنا لا أحاكَم… بل أعاقَب

مثل رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أمام المحكمة في ثاني جلسات دعوى تتعلق باتهامه بتهديد المدعي العام لمدينة إسطنبول أكين غورليك.
وعُقدت الجلسة، التي تعدّ الظهور الثاني لإمام أوغلو منذ اعتقاله في 19 مارس (آذار) الماضي، بإحدى قاعات «مؤسسة مرمرة العقابية» بسجن «سيليفري»، حيث يحتجز منذ نحو 3 أشهر على ذمة تحقيقات في قيادته شبكة فساد مزعوم في بلدية إسطنبول.
وقال إمام أوغلو في دفاعه، الذي استمعت إليه المحكمة على مدى أكثر من ساعة، إنه لا يحاكَم، بل يعاقَب مباشرة؛ لأنه فاز برئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات المحلية 3 مرات «ضد العقلية التي تقول إن الذي يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا»، في إشارة إلى الرئيس رجب طيب إردوغان، صاحب هذه المقولة.
وفي إشارة إلى إلغاء جامعة إسطنبول شهادته الجامعية في 18 مارس الماضي عشية اعتقاله، والتدابير الأخرى التي اتُخذت ضده، قال إمام أوغلو: «شهادتي، وهي حلال كحليب أمي، تُلغى. حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي محظورة. صورتي محظورة في جميع أنحاء إسطنبول بقرار من المدعي العام… لكنكم لن تتمكنوا من محوي من قلوب هذه الأمة». وأضاف: «أنادي من هنا… كفوا عن الفوضى و(قانون العدو) الذي تطبقونه على المعارضة، أكررها مجدداً… أكرم إمام أوغلو لا يحاكَم، بل يعاقَب مباشرةً».
الاتهام والعقوبة
وتتعلق القضية، التي تعدّ واحدة من قضايا واتهامات يواجهها إمام أوغلو، الذي يعدّ أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان، باتهامه بـ«تهديد واستهداف الأشخاص المشاركين في مكافحة الإرهاب»، بسبب تصريحات انتقد فيها المدعي العام لإسطنبول، أكين غورليك، قبل اعتقاله في 19 مارس الماضي، في عملية تصفها المعارضة بأنها «انقلاب قضائي على إرادة الشعب» بتوجيه من إردوغان لإطاحة أكبر منافسيه على رئاسة تركيا.
ويواجه إمام أوغلو في هذه القضية عقوبة الحبس لمدة تصل إلى 7 سنوات و4 أشهر، ومنعه من تولي المناصب العامة، وحظر ممارسة العمل السياسي ومنعه من حقه في التصويت والترشح للانتخابات لمدة مماثلة لمدة العقوبة المطلوبة.
ووفق «جمعية دراسات الإعلام والقانون» التركية، التي تابعت الجلسة، فقد أكد محامي المدعي العام عدم وجود أي تغيير في رأيه بشأن حيثيات القضية، وطالب بمعاقبة إمام أوغلو على الجرائم المتهم بها بالعقوبة الواردة في لائحة الاتهام، بما يتوافق مع رأي المدعي العام.
وقررت المحكمة في ختام الجلسة تأجيل نظر القضية إلى 16 يوليو (تموز) المقبل بناء على طلب محامي إمام أوغلو منحهم مهلة لإعداد دفاعهم بشأن رأي المدعي العام في موضوع القضية.
وكانت جلسة الاستماع الأولى في إطار القضية عُقدت في 11 أبريل (نيسان) الماضي، واستمعت فيها المحكمة أيضاً إلى دفاع إمام أوغلو عن نفسه، وقد أكد أنه لا يحاكَم بل يعاقَب مباشرة على فوزه بالانتخابات في إسطنبول.
استقبال حافل وانتقادات
وشهدت الجلسة الثانية، كما الجلسة الأولى، حضوراً كثيفاً، فقد حضرها رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، وديليك إمام أوغلو، زوجة إمام أوغلو، ونجله محمد سليم إمام أوغلو، ونواب برلمانيون ورؤساء بلديات تابعة لإسطنبول، وعدد كبير من أعضاء منظمات المجتمع المدني.
وضجت قاعة المحكمة بالتصفيق خلال دخول إمام أوغلو، وردد الحاضرون هتافات مثل: «تركيا فخورة بك»، و«كل شيء سيكون جميلاً»، و«لا خلاص إلا بالتضامن… إما جميعاً معاً وإما لا أحد».
وخلال استراحة أعطتها المحكمة في الجلسة، أجاب إمام أوغلو عن أسئلة ممثلي وسائل الإعلام، حيث سئل عن وزنه وحالته النفسية، وقال: «وزني لم يَقلّ. ما زلت أرتدي ملابسي بالمقاس ذاته. ضعف الجسم ليس مهماً؛ المهم ألا تضعف الشخصية». وأضاف أنه يتمتع بمعنويات عالية، وأن «هناك رئيس حزب (في إشارة إلى أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري) يقف في ظهري كالجبل».
وعبّر نائب رئيس حزب «الحركة القومية»، الشريك الرئيسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، فتي يلديز، عن انزعاجه من التصفيق والهتافات خلال دخول إمام أوغلو قاعة المحكمة.
وكتب يلديز عبر حسابه على منصة «إكس»، دون ذكر أسماء: «لم يُستخدَم مصطلح (الجرائم الشائنة) بكثرة في السنوات الأخيرة، كما أنه ليس من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات لدينا، ومع ذلك، لا يغيّر ذلك من أنه جريمة، تعريف (الجرائم الشائنة) مُتاح في الدستور والقوانين الخاصة». وأضاف: «على سبيل المثال، إساءة استغلال المنصب، وتزوير الوثائق الرسمية، والرشوة، والتلاعب في المناقصات، والإخلال بالواجب، والاختلاس، والاحتيال… كلها جرائم شائنة. كان السياسيون المتهمون بهذا النوع ينظرون إلى الأرض، بخجل طفيف، وخجل شديد عند مثولهم أمام القاضي أو في الأماكن العامة. كان الناس يشعرون بالأسف للوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه ومواقفهم المرتبكة. كان يُنظر إلى العار أيضاً على أنه عار… الآن، ما شاء الله، يقابَلون بالشعارات والهتافات والتصفيق».