رأي

إلى وزير التجارة… أيضاً “جاك العلم” مرة أخرى.

كتب أحمد الجارالله في صحيفة السياسة.

تحتلُّ الصناعة أهمية كبيرة لأي دولة؛ لأنها تساهم أولاً بالاعتماد على الذات لجهة تأمين الضروريات لمُواطنيها، وتُساهم في علاج مشكلات البطالة، وكلما كانت فاعلة وراسخة تمنح الاقتصاد قوة أكبر في مواجهة الأزمات، وكذلك التجارة التي تعتمد على الاستهلاك المحلي، من جهة، ومن أخرى تزيد التبادل مع الدول.
من هنا نتوجه إلى وزير التجارة محمد العيبان، الذي يحتلُّ منصباً حساساً، لكون وزارته عصب الدولة عبر إشرافها على النشاط التجاري والاقتصادي في البلاد، وتأمين السلع والخدمات، وهي أيضاً، في ظلِّ عدم وجود وزارة للصناعة، تُشرف على هذا القطاع الحساس للأمن القومي، بل توازي بالأهمية الداخلية والدفاع والمالية، ويفوق دورها الثلاث الأخرى في حماية الأمن الغذائي والصناعي.
معالي الوزير، إنَّ إنصاف الناس يبدأ من رفع الظلم عنهم، بدءاً من توفير فرص عمل للمواطنين وحماية اجتماعية لهم، وفي هذا الشأن دوركم كبير، لا سيما في إعادة النظر بقرارات هيئة الصناعة التي تساعد على عرقلة تطوير هذا المرفق المهم، لأن الوزارة -بصراحة- واقعة تحت هيمنة التجار المستوردين، الذي يحاربون الصناعات المحلية، من الإبرة حتى السيارات، فيما يجب أن يكون دورُكم العمل على تنشيط الصناعات المحلية، التحويلية وغيرها، بل بناء مدن صناعية متكاملة.
وكذلك عدم الإفساح للتجار كي يتوسعوا باستغلال دعم السلع من أجل مراكمة ثرواتهم، فهذه المليارات التي تنفق على هذا الباب يُمكنها بناء عشرات المزارع والمصانع، ولهذا قلناها أمس، لزميلك وزير المالية: إن كيس “العيش” لن يغني الفقير، وكذلك علبة الشاي، إنما المواطن يريد الأمان المعيشي، وذلك لا يتم إلا برفع الدعم عن السلع والخدمات، وتخصيص شرائح مالية للمحتاجين، والمتقاعدين، وأصحاب الدخل المحدود المتدني، وليس إثراء التجار والأغنياء من خلال الدعم المفتوح على مصراعيه.
ولأن الهدر بات صفة راسخة في السلوك الحكومي والتجاري، فلا نعرف إذا كانت الكميات كاملة تصل إلى المخازن والمحتاجين، أم تجري عملية احتيال كبيرة فيها، كما هي الحال مع المشاريع التي تكلف المال العام أضعاف تكلفتها.
في كل دول العالم تعمل وزارات التجارة والصناعة على تنشيط الإنتاج المحلي عبر تسهيل الإجراءات وتأمين الخدمات لأصحاب المصالح، ولهذا أصبحت دولة الإمارات، مثلاً، قاعدة صناعية، وكذلك السعودية، وباتت لديهما مصانع كثيرة، ومنها الأدوية، وتصدر إلى العالم العربي، فيما في الكويت يستغل موظفو التجارة وهيئة الصناعة، الضبطية القضائية، لعرقلة أعمال الناس، لهذا أقفلت العديد من المصانع، وأصبحنا نستورد كل شيء، حتى المستلزمات الطبية، كالقطن والشاش الطبي، وأيضاً الكمامات، بعدما قضت عليها القرارات الارتجالية.
الكويت تحتاج إلى إعادة نظر بمجمل المشكلات الناشئة عن التوسع في الدعم الذي سيقضي، إذا استمر على هذا النحو، على الفوائض المالية، إذا كان هناك فائض، وإلى ستراتيجية صناعية كما هي حال الدول الأخرى، أما غير ذلك سيبقى الناتجُ الوطنيُّ ينخفض، وعندها لا طبنا ولا غدا الشر، فالاعتماد على النفط كدخل رئيس للدولة له الكثير من المضار.
لهذا نسألكم معالي الوزير: هل لدى وزارتكم القدرة على معالجة هذه المشكلات، أو ستعملون كما فعل وزارء التجارة السابقون، وكذلك الحكومات المتعاقبة حين كانوا يضعون رأسهم في الرمال عندما تواجههم أي مشكلة؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى