إلى أين يتجه اليمن… سلام أم حرب استنزاف طويلة الأمد؟
جاء في سبوتنك:
سادت أجواء من التفاؤل خلال الأشهر الماضية بعد التصريحات العمانية والأممية بالتوصل إلى تفاهمات بين صنعاء والرياض لإحلال السلام، بالإضافة إلى جولة مفاوضات جنيف التي تمخضت عن توافق على تبادل المئات من الأسرى والمحتجزين، لكن سرعان ما عادت الجبهات للاشتعال ودقت طبول الحرب من جديد.
بداية يقول اللواء عبد الله الجفري، الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، خلال الفترة الماضية كانت الأمور إيجابية وطيبة جدا، وكانت الأوضاع على وشك الانتهاء بالتوصل إلى اتفاق، بعد أن قبلت السعودية بكل الشروط التي وضعتها صنعاء والمتمثلة في المحددات التي وضعها قائد الثورة، وأولها وقف العدوان ورفع الحصار وجبر الضرر وبناء كل ما دمرته الحرب وإطلاق سراح الأسرى وخروج كل الجنود المحتلين من اليمن، وهى شروط محقة ساهمت في تحقيقها سلطنة عمان، لكن أمريكا تدخلت في اللحظات الأخيرة وأفشلت التوافق أو عطلته.
تقارب كبير
وأضاف بعد أن وصل التقارب إلى مرحلة كبيرة جدا بين الرياض وأنصار الله، ولعبت سلطنة عمان الدور الرئيسي في عملية التقارب، لكن في اللحظات الأخيرة تدخلت واشنطن، وعبرت بشكل غير مباشر عن عدم رغبتها في هذا التوافق، نظرا لأن السلام في اليمن سوف يكبدهم خسائر كبيرة جدا، وأمريكا تريد أن تهيمن بشكل كامل وشامل في المنطقة.
وتابع الخبير العسكري، إن محاولة عرقلة أمريكا للسلام ووقف الحرب في اليمن كانت من الأسباب الرئيسية التي أقدمت عليها واشنطن، نتيجة لـ(العملية العسكرية الروسية الخاصة في دونباس)، لأنها تشعر اليوم في ظل هذا الوضع بحدوث الكثير من الانعكاسات السلبية على أمريكا وأوروبا، وعدم مقدرتهم اليوم بالحصول على كميات الغاز والنفط كما كان الوضع في السابق، لذلك هم اليوم يبحثون عن مصادر لتعويض النقص، ولهذا وقفت أمريكا أمام التطورات الإيجابية الأخيرة بشأن إحلال السلام في اليمن.
وأشار الجفري إلى أن، الخطاب الذي ألقاه قائد الثورة عبد الملك الحوثي، كان واضحا ولامس الكثير من التحديات في ظل هذا الظرف وبمناسبة مرور 8 سنوات كاملة على العدوان، وحملت تصريحات الحوثي رسائل تحذيرية ونصائح وصلت إلى حد التهديد بأن اليمنيون قادمون في العام التاسع بجيش وطني مؤمن صادق، يمتلك من القدرات العسكرية الحديثة والمتطورة و بخبرة كبيرة اكتسبها خلال السنوات الماضية من الحرب، علاوة على العتاد العسكري المتمثل في المنظومات الصاروخية الدفاعية والهجومية ذات المدى البعيد والقريب وما تمتلكه من القدرات التدميرية ودقة الإصابة، هذا بجانب الطائرات المسيرة والقوى الصاروخية للقدرات البحرية التي بإمكانها أن تغطي المياه الإقليمية في البحر العربي والبحر الأحمر وخليج عدن.
جولة جديدة
من جانبه يقول الدكتور عبد الستار الشميري، إن كل المؤشرات والمرئيات تقودنا إلى أننا قادمين في جولات حرب جديدة ولكنها بوتيرة منخفضة وفي جبهات محددة.
وأشار إلى أن هذه حرب استنزاف قد تطول لسنوات،ولن تنتهي في القريب العاجل، و ليس هناك أي أرضية تمهد للذهاب إلى السلام، صحيح أن ما ذهبت إليه إيران والسعودية قد يشكل على الصعيد الثنائي للبلدين خفض التصعيد وعدم استهداف المملكة العربية السعودية وعدم التدخل في شؤونها مع بعض التفاهمات الإيرانية-السعودية-الصينية، لكن لن تنعكس بشكل أو بآخر واضح وكبير على المستوى الداخلي في الحرب اليمنية التي تشهد استعداد لما قبل دوي المدافع وهذه الحرب ستتركز هذه المرة حول المناطق التي الآهلة بالغاز والحقول.
وتابع الشميري، سوف تتركز المواجهات القادمة حال اندلاعها على مقربة من حقول النفط والغاز وسيحاول كل طرف بما لديه أن يسعى لحمايتها من جهة الشرعية، وللحصول عليها من جهة “أنصار الله”.
أكدت جماعة أنصار الله اليمنية، الأحد الماضي، جاهزيتها لخوض أي خيار يحدده قائدها عبد الملك الحوثي.
وقال عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي، في كلمة له، إن “الشعب اليمني العظيم هو الذي واجه دول العدوان بصلفها واستكبارها والتي ظنت أن معركتها في اليمن ستكون نزهة”، مشيرا إلى أن “تحالف العدوان ارتكب المجازر والجرائم التي لا يستطيع إنكارها، وهذه الوحشية لا تزيدنا إلا إصرارا على مواجهته”، حسب قناة “المسيرة”.
وشدد الحوثي، على أن “اليمن يريد سلاما حقيقيا لا سلاما إعلاميا”، مضيفا: “نحن لم نضع شروطا تعجيزية أو شروطا تتعارض مع القانون الدولي”.
ولفت إلى أن “الأمم المتحدة شرعنت الحصار ووقف المرتبات والمساعدات، ووقفت في مواجهة الجمهورية اليمنية”، مبينا أن “أمريكا تقود هذا العدوان، لذلك فإن إرسال مبعوث للسلام هو لمجرد التغطية على إجرامها”.
وأوضح عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، أنّه “يجب أن يظل التصدي للعدوان أولوية للجميع، والمطلوب الحشد للجبهات أكثر فأكثر”، مؤكدا: “سنظل متمسكين بحقوق شعبنا ووطننا المشروعة، ولن نسمح باستمرار الحصار والاحتلال، وسنقاتلهم حتى دحرهم عن بلدنا في البر والبحر والجو”.
وختم الحوثي بالقول إن “استمرار العدوان على اليمن لن يعني سوى أن حجم الهزيمة ستكبر على دول التحالف لتصبح هزيمة منكرة تُخلد لكل شعوب العالم”.
من جانبه اتهم مجلس القيادة اليمني الأحد الماضي، جماعة “أنصار الله” بالتصعيد العسكري في محافظتي مأرب وشبوة، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف ضد تلك الإجراءات.
وقال المجلس، خلال اجتماع برئاسة رئيسه رشاد العليمي، في العاصمة السعودية الرياض، إن “التصعيد الحربي للجماعة في محافظتي مارب وشبوة، والهجمات الإرهابية الفاشلة في محافظة تعز، يعكس الحالة البائسة التي وصلت إليها هذه المنظمة الإرهابية في نهجها العدائي لمساعي السلام، وهروبها من الاستحقاقات العادلة لملايين المواطنين المطالبين بالحرية، والمواطنة المتساوية، وفرص العيش الكريم في المناطق الخاضعة لها”، حسب وكالة الأنباء اليمنية “سبأ”.
وتسيطر جماعة “أنصار الله” منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 آذار/ مارس 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، بحياة الالآف، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.