إقتصاد الكاش يحولنا إلى شبه عصابات
منذ انفجار الأزمة الاقتصادية القاسية غير المسبوقة في لبنان انتشرت ظاهرة السرقة، ومعها ارتفعت لافتات في بعض البلدات والشوارع تحذر من “دخول الغرباء” بعد السادسة مساء، وتوصي بمنع حركة الدراجات النارية الصغيرة التي غالبا ما يستخدمها اللصوص في عملياتهم ليلا.
ورغم الإجراءات الاحترازية التي تتخذها قوى الأمن، فإن ظاهرة السرقة باتت أكثر انتشارا من ذي قبل وصارت تنتقل بين منطقة وأخرى، مما أسفر عن انتشار ما يعرف باسم “الأمن الأهلي”. وتعرف هذه الظاهرة في لبنان على أنها تجمُّع لسكان حي ما تجمعهم الحاجة لحماية ممتلكاتهم خصوصا في الليل، بعد أن تفاقمت ظاهرة السرقة خاصة في الأماكن النائية.
وعممت هذه الظاهرة في القرى الجبلية من أجل الحراسة، خصوصا للمنازل التي يتركها أهلها خلال أيام الأسبوع ويعودون إليها في الإجازة، بعد أن خفّت حركة شرطة البلديات في كثير من المناطق بسبب عدم حصول البلديات على مستحقاتها من الوزارات المعنية، لدفع الرواتب وشراء المحروقات لتحريك الآليات العسكرية.
قبل أيام بدأت أخبار الحماية الأمنية في شوارع الأشرفية شرقي العاصمة اللبنانية تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، فأثارت إعجاب سكان الحي الذين كانوا يعانون منذ أشهر ارتفاع معدلات السرقة، فيما نظر إليها تدريجيا على أنها أشبه بالأمن الذاتي، الذي تمارسه عناصر محلية بثياب موحدة.
ويقول مصدر أمني لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “القوى الأمنية وضعت منذ اللحظة الأولى هذه المجموعة تحت المراقبة. لا داعي للقلق منها. وتبين سلمية هذه العناصر وعدم حيازتها للسلاح”. ويضيف المصدر أن “كل ما تفعله هذه المجموعة يتم بالتعاون مع القوى الأمنية، وهي تحت الرقابة بشكل دائم”.
وفي سياق متصل، يعترف مسؤولو الأمن في المؤسسات الرسمية بعجز الدوريات عن ضمان الأمن بشكل كامل، مما يدفع السلطات إلى غض النظر عن تعاون هذه المجموعات مع شركات أمنية للحماية، وبالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي.
يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية الكاتب الصحفي منير يونس، أنه “طالما أن حصر السلاح بيد الدولة مستحيل في الوقت الحاضر، فهذا يعني أن مظاهر الأمن الذاتي ستزيد”. ويضيف يونس في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “عندما تتفكك الدولة يبحث كل طرف عن حماية ممتلكاته ومصلحته الضيقة، وكشفت الأزمة الاقتصادية ميل اللبنانيين إلى قاعدة (اللهم نفسي)”.
واعتبر أن “اقتصاد الكاش الذي انتشر بشكل سريع في لبنان يعبر عن تحولنا إلى شبه عصابات”، حيث “انتعش هذا الاقتصاد لأن الناس فقدوا الثقة في القطاع المصرفي، فأصبحت الأموال التي كانت تمر في البنوك بين أيدي الناس ومحلات الصرافة التي صارت تتاجر بالعملات الأجنبية في سوق سوداء لا ترحم”.