أبرزرأي

إفتتاحية “رأي سياسي”

كتب الكاتب ” عماد جانبيه “: نتوجه للمتلقي ولكل صادق في هذا العالم بالتحية المليئة بالأشواق القلبية أينما كان ، ولأي دين ومذهب إنتمى؛ إن الصدق والإخلاص في القول والعمل. فالإنسان المنفتح العقل المتكامل الوعي المتحرر من القوقعة والإنغلاق والتعصب الأعمى يتحلى بشجاعة القلب ونبل الأخلاق فيدرك ما حوله، ويستمع القول فيتبع أحسنه، ويدخل قلوب الآخرين ونفوسهم بالمحبة والإخلاص والصفاء والتواضع، وينظر بعين العقل ويستخلص العبر من هذه الأيام التي تفصله عن نهاية سنة ٢٠٢٢ وتحتوي على مواعظ كبيرة.
نرى العالم يعيش من شدة الأزمات والضيق والظلم والقهر، من الإنسان لأخيه الإنسان، وتزداد الكوارث والتغييرات الطبيعية والبيئية وتشتد الأمراض المستعصية وتضرب الجسم العالمي فيهتز ويترنح على بوابة عبور العام القادم.

إن ما يجري في لبنان يصح أن يكون نموذجاً حيّاً معبّراً عما يجري في العالم؛ ومع نهاية هذه السنة بلغ مؤشر الخلل والفوضى والظلم والإنهيار والإنحلال الأخلاقي ذروة الخطر، وغرقت البلاد نتيجة ذهنية أهل الحكم في مستنقع الديون الباهظة والأزمات المعيشية والسياسية والإجتماعية، وغير ذلك من سلسلة المصاعب والمتاعب المتلاحقة، من ملفات الفضائح في النافعة والدوائر العقارية، والإنهيار المتزايد على كل الصعد، والمعالجات القاصرة جداً عن الإمساك بزمام الأمور بعد الوصول إلى حافة الهاوية. ولا يمكن لمن في طبعه الفساد أن يصلح، كما لا يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه. ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا بأنفسهم.

أمّا وبعد أن وصلت الحالة إلى ماهي عليه، من التراجع في كافة مظاهرها السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها من الأمور الصعبة، التي تعاني منها البلاد وليس أقلها الديون الباهظة، وواقع الفساد والهدر والمعاناة الشعبية، والتخبط السياسي واقتسام الحصص وما إلى ذلك من الشكوى والتذمر وعدم الرضى من الجميع، والتساؤل عن سبل الخلاص ومن هو المنقذ، ومن أين تبدأ أول خطوة، وكيف وصلنا إلى ما نحن عليه، وأسئلة كثيرة تتعذر الإجابة عليها؛ حتى من قبل المسؤولين الغارقين في همومهم فلا نحسدهم بل ندعو لهم بأن يزيدهم الله مما يشتهون ويرغبون، ويزيد الشعب اللبناني، مما يشتهي ويرغب لعلهم من ثقل ما يحملون يتعبون ويقعدون، وينهض الشعب ولو بعد أن يكون قد تحرر من رواسب ما في جيوبه، وتقشف كثيراً تجاوباً لنصائحهم ونفذ صبره، وخف وزنه فتخف أوزانهم عنده، والخوف من ثورة غضبه وسخطه…
وكي لا يقع الشعب في المحظور فعلى الجميع الحرص والتشجيع لقيام المؤسسات وخصوصاً التي تعتني بصحة المواطن وتخفف عنه وطأة هذه الظروف الصعبة للحصول على العيش الكريم، في ظل دولة القانون والمؤسسات والعدالة الإجتماعية والحرية والأمن والاستقرار.
وعلى المعنيون أن يعوا ويلبوا رغبات المواطنين ولو تنازلوا عن بعض رغباتهم، ويبدأوا رحلة العودة عن الخطأ، والمباشرة بالإصلاح والتصالح مع الشعب الذي لم يعد يهمه، من يجلس على هذه الكرسي أو تلك، ومن يشغل هذا الموقع أو ذاك بقدر ما يهمه إيقاف التدهور الخطير للأوضاع في كافة المرافق والمصالح والدوائر الرسمية وعلى كل المستويات.
انها حالة سيئة وخطرة جداً وصلت إليها البلاد؛ وعلى المسؤولين تقع مسؤولية إيجاد الحلول العملية وبذل أقصى جهدهم بصدق وجدية لإنقاذ البلاد من مخاطر الإستنزاف والتآكل الداخلي والتفكك والضعف والإرباك، في وقت يستوجب التماسك والوحدة الوطنية حول مشروع الدولة؛ محور الإلتقاء والإجماع والضمانة لكل اللبنانيين بإختلاف مذاهبهم ومشاريعهم حيث هم مجمعون على أن تبقى الدولة قوية المتمتعة بثقة شعبها، والمحصنة بنظافة أكف مسؤوليها وارتفاع هامة جيشها مطلباً لكل اللبنانيين.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى