إعادة توزيع الأدوار على الأبطال والأشرار!
كتب محمد ناصر العطوان في صحيفة الراي.
يقول هاورد زن، في مقدمة كتابه «التاريخ الشعبي للولايات المتحدة الأميركية»:
إن كتابة تاريخ أي دولة على أنه تاريخ أسر وعوائل ما مثلاً، إنما يخفي التصارع الحاد للمصالح بين المنتصرين والمهزومين، وبين السادة والعبيد، وبين أصحاب رؤوس الأموال والعمال، وبين المستبدين والمظلومين، سواءً في العرق أو الجنس، وفي عالم متصارع كهذا العالم، عالم الجلادين والضحايا، يتوجب على المفكرين – كما يقول ألبير كامو – ألا يقفوا إلى جوار الجلادين.
ولكن ما يهمنا اليوم عزيزي القارئ، ليس كتابة تاريخ أميركا، بل كتابة حاضر الكويت، ففي ظل هذا الصراع المحموم، والوطن المهموم، والمواطن الهمام الذي يعاني من سرقة اللئام، فإن كل ما يتعلق بمسؤوليات تربية الأبناء أصبح صعباً جداً، وربما أصعبه على الإطلاق هو يقينك وعلمك بأنك تكذب على أبنائك وطلابك عندما تخبرهم بضرورة الدراسة وأخذ أفضل الشهادات من أفضل الجامعات لضمان مستقبل مشرق لهم في الوطن، وأنت تشاهد كل يوم وفي كل زاوية أن المستقبل المشرق لا علاقة له بالتعليم ولا يحزنون!
فالانتقال الطبقي قديماً في أفلام الأبيض والأسود كان يتم عبر دراسة البطل، وإكمال تعليمه أناء الليل وأطراف النهار لكي يحصل على الشهادة ويشتري التلفزيون والثلاجة ويتزوج، أما الأبطال اليوم في الأفلام الملونة فيكتفون بسرقة التلفزيون والثلاجة والبنوك والكحل من العين!
وهذا يعني عزيزي القارئ، أن الكويتيين القدماء الذين نشاهدهم على الشاشات بالأسود والأبيض لونوا حياتنا وتاريخنا بأطياف من المتعة والسعادة والتنمية، بينما المعاصرون الذين يظهرون لنا بالألوان في السوشيال ميديا والصُحف، حوّلوا حياتنا إلى رمادي… وعشنا سنين ظلمة ما وصلها نور، نجمع جراحنا، خاطرنا مكسور، نتحمل خطاهم كَنِّ فينا قصور، دايم وين ما دار الزمن ندور يرمينا عجاج البر للطوفان «قبل لا أعرفك»… كما قال الفنان عبدالمجيد.
وفي ذلك الوقت الكئيب من تاريخ البلاد، وأمواج النفاق قد علت علواً مبيناً حتى كادت تغرق البلاد وفي هذه الفترة الخنيقة من تاريخنا، حيث تتعرض الطبقة الوسطى في المدارس والمؤسسات لحرب إبادة شاملة تهدف إلى إخراجنا وإلى الأبد من زمرة الشعوب المتحضرة… قل لي بالله عليك، ونحن نطعن هذا الوطن في خواصره بألعاب سياسية ولعبة كراسي وكر وفر وكيلو بامية البطة الحامية… إلى أين يمكن أن نصل؟ ومؤسسات تشريعية وتنفيذية تخدم مجتمعاً لا تعي أزمته، وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله…أبتر.