إضراب
كتب ابراهيم عبد المجيد القيسي في صحيفة الدستور :
مما لا شك فيه أن بعضنا، لم يتوفق بعد لا في فهم ولا تقدير حجم الخطر القادم من الصهيونية، وأنه لا يفكر مطلقا في أن هذه الحركة الإجرامية على أعتاب مرحلة جديدة من عمرها، وطريقها لتحقيق غاياتها وأحلامها بالسيطرة على العالم، وتصنيفه بطريقة عنصرية وفق قاعدة (إن لم تكن معها فأنت ضدها).. وأنها قد شرعت فعلا بتقديم خطابها الجديد من خلال حرب الإبادة ضد الشعب الذي تحتل أرضه عن طريق العصابة اليهودية المتطرفة في الدولة المسماة اسرائيل.
الصورة أشد وضوحا من غباء السؤال او الاستفسار عن خطرة ما تقوم به، والخطاب أوضح من ان نتناقش بشأنه، فسلوكه ومفرداته وسرديته كلها، تعتمد على الجريمة والظلم وعدم الاعتراف بكل الدساتير القانونية والإنسانية والأخلاقية التي عرفها البشر، ولا مجال لنقاش او اختبار أو بحث عن مبرر عقلاني او منطقي أو أخلاقي لتفهّم ما تقوم به هذه الحركة المجرمة، التي باتت حكومات الغرب أسيرتها، ولا تقوم بفعل او تسمح به وهو يعترض او يتعارض مع منهجية الظلم والجريمة والحرب على الأخلاق والعدالات كلها.
أقول هذا لأنني موقن تماما أن منابع الصهيونية التي تغذي ارهابها هي المال والشركات الكبرى، وهي الجهة المسؤولة فعلا عن حماية الصهيونية، وإطلاق يدها لمزيد من الجرائم، لتركيع كل المقاومات والمعارضات حول العالم، ودرء خطر الأخلاق الإنسانية والاعراف البشرية، فهذه الأخلاق والأعراف هي مكمن الخطورة الفعلية على مثل هذه الحركة وجرائمها.. لذلك فإن أي تعبير جمعي سلمي او حتى عسكري، يقف في طريق الصهيونية بات مطلوبا، وضروريا، لاختراق خطاب الصهيونية، الذي تجذر بما فيه الكفاية، وأصبح يوجه كثيرا من الحكومات من خلال الميديا التابعة لهم، والتي اكتشفنا متأخرين بأنها الشيطان الأكبر، والنهر الأضخم الذي يغذي التضليل ويمارس اقتياد الشعوب إلى الهاوية.
الإضراب الذي دعا إليه الناس حول العالم أمس الإثنين، والذي لا أعرف كم كان حجمه حول العالم، هو واحد من الأساليب المؤثرة، التي تحاربها الصهيونية بكل السبل، فهي طريقة تؤكد تحرر الشعوب من قبضة الشركات التي تعتبر الأم والأب للصهيونية، ونموذج من المقاومة العالمية، لا أذكر بأنه حدث قبل أمس.
لاحظت حجم الإضراب في العاصمة عمان، ولم أكن اتوقع هذه الاستجابة بصراحة، وأتمنى لو أن هذا الإضراب كان بنفس القوة والدرجة في كل الدول، لا سيما امريكا واوروبا والدول التي تزخر بالأيدي العاملة في مصانع هذه الشركات، أقول هذا بغض النظر عن رأي ومواقف كل الحكومات والانظمة السياسية والمالية حول العالم، فأقل القليل أن تعبر الشعوب «مجتمعة» عن رفضها لجريمة الإبادة التي تجري على الكوكب، لنكتشف بأنه كوكب بدائي يحتكم لشريعة الغاب، ولم يسبق له ان مارس قوانين متحضرة او علم شيئا عن المدنية.. فمن الضروري بل إن أهم المطلوب هو تعبير رافض تشارك فيه كل شعوب العالم، حيث عبرت أغلب الحكومات عن رفضها لجريمة الإبادة، ولم يؤثر رفضها في قرار الجريمة ومن ينفذها بدم عنصري نجس.
كل الدعم والتضامن مع أي جهة مهما كان شكلها وحجمها، تقاوم وتعارض الإجرام والعنصرية الصهيونية واي إجرام مهما كان حجمه ومكانه، وكل التضامن والدعم لكل ضعيف ومظلوم في فلسطين او أي مكان في الكون.