إصلاحات ضرورية للنهوض بالكويت!
![](https://raiseyasi.com/wp-content/uploads/2023/12/3-25.jpg)
كتب عبدالرحمن المسفر في صحيفة السياسة الكويتية:
عملية الإصلاح الحقيقية، التي تعقب مراحل مؤلمة من الفساد المالي، والإداري والسياسي، تتطلب، أولا: رؤية مدروسة، وثانيا: كفاءات وطنية قادرة على الإبداع والتنفيذ، وثالثا: قرارات حازمة، لا تجامل، ولا تحابي، ولا تتراخى.
وطبيعي جدا، أن تصطدم التحركات الإصلاحية والتطويرية بعقبات من التشويش، والتشكيك، والتمنع، لأن قوى الفساد المستفيدة من الأوضاع المترهلة، سوف تقاتل من أجل أن تبقى الأحوال الرديئة قائمة، فهي سبيل بقائهم واستقوائهم.
المداخل الحقيقية للإصلاح الملموس، تبدأ بتعديلات جوهرية على الدستور، أو استحداث آخر، فالدساتير، ليست قرآنا منزلا، أو نصوصا مقدسة، فالولايات المتحدة الاميركية، وفرنسا، وقائمة طويلة من دول العالم عدلت دساتيرها مرات عدة، لمواكبة مستجدات العصر، واحتياجات الشعوب والأوطان.
ثم إن غربلة الجهاز الحكومي، بشريا وإداريًا، وتقنيا وإنتاجيا، مسألة في غاية الأهمية، واقعيا وعمليا، وثمة إشارة صريحة إلى ما نرمي إليه، عبّر عنها الدستور الكويتي في المادة 123 منه على ما يلي “يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية”.
تنظيم العمل السياسي وممارساته، ينبغي أن يأخذ حظه من الدراسة الجادة، فما الذي يجعلنا نتوجس من إعادة النظر بمجلس الأمة، والتفكير في استحداث صيغة بديلة متطورة وفعالة، تدفع نحو البناء ومعالجة الملفات الشائكة، والارتقاء بالحياة، السياسية والاجتماعية، مع المحافظة على المكتسبات الحقوقية والإنسانية والمدنية، من دون الانتقاص من أي منها.
وهذا المسار سيكون كذلك ممهدا لتصحيح أوضاع جمعيات النفع العام، والنقابات، والأندية على اختلاف أنشطتها، وهو ما يعني ترتيب بيت مؤسسات المجتمع المدني، مما يعزز من أدوارها في التنمية الاجتماعية، ومساهمتها في صياغة وعي هادف يكرس مفاهيم العمل، واستشعار المسؤولية تجاه استحقاقات الوطن الملقاة على عواتق أبنائه.
“إعادة بناء الثقة” في الدولة ومؤسساتها، وسمعتها، داخليا وخارجيا، من المسائل الملحة التي تفرضها انعكاسات اختلالات الحقبة الماضية والمحاولات الحالية التي تجري على قدم وساق لمعالجة هذه التشوهات، من خلال الإصرار على عودة الأمور إلى نصابها، فيما يتعلق بالحزم في تطبيق القانون، ومحاربة مظاهر الفساد، وتمكين الكفاءات الوطنية، وإطلاق عجلتي التحديث والتنمية، وهذا كله، يستوجب العمل بروح وطنية على اختيار القدوات الصالحة وتصديرها لواجهة المسؤولية العامة، وحضها على صناعة قيادات واعدة، مسلحة بالعلم والمعرفة والأخلاق ومشبعة بقيم المواطنة.
الحديث عن تنويع مصادر الدخل، وتقوية الاقتصاد الوطني، والنهوض بالتعليم والخدمات العامة، وتلبية متطلبات الإنسان الكويتي، وتحقيق طموحاته، وحل المشكلات التي يعاني منها، هذه القضايا وغيرها من رؤى وتطلعات، في شتى مجالات حياتنا، من اليسير التعامل معها، متى ما كان هناك استقرار سياسي، ومؤسسات منضبطة ومنتجة، وقوانين عصرية ومرنة، وبيئة صحية للعمل الجماعي في الإطار الوطني.