رأي

إسرائيل.. بعد الهاوية نهاية!

كتب رشاد أبو داود في صحيفة الدستور.

أب يصلي صلاة الجنازة على أبنائه الستة. فقدهم بصاروخ واحد من مسيرة اسرائيلية أطلق بأمر مجرم العصر نتنياهو. تلكم جريمة واحدة من بين مئات بل آلاف الجرائم التي ارتكبها ضد أهالي غزة. أتبعها بقصف مرضى على أسرتهم وفي ردهات مستشفى المعمداني الأهلي. أمهلهم عشرين دقيقة لاخلاء المستشفى الوحيد الذي بقي يعمل في القطاع، ولم يسلم أيضاً.

ذاك الأب أمامه جثامين أبنائه الستة تألم واحترق قلبه على فلذات كبده لكنه صمد وصبر وصلى. هذا مشهد واحد من مشاهد المقتلة التي يرتكبها الاحتلال منذ 555 يوماً في غزة.

 هنا يكمن سر الحرب الوحشية الاسرائيلية.

الفلسطينيون يُقتلون لكن لا يموتون. شهيد يودع شهيداً والباقون مشاريع شهداء. والوقت نهاراً وليلاً، فجراً ومساءً، قياماً وقعوداً صحواً ونوماً. كلهم يتوقع الموت الذي يعني لهم الشهادة  في أية لحظة. لكنهم صامدون صابرون رافضون للخروج من أرضهم كما يريد التلمودي نتنياهو.

لم يستسلموا منذ مئة سنة الا فئة ضالة قليلة سجلت وتسجل أسماؤهم في الصفحات السوداء من التاريخ. ثورة وراء ثورة، انتفاضة تليها انتفاضة، عمليات فدائية تتخللها عمليات استشهادية. شهداء يصعدون الى السماء تاركين على الأرض أيتاماً وأرامل وأسرى. بيوت مهدمة وحكايات ملهمة لأبناء كانوا أطفالاً، كبروا على صور آبائهم معلقة على الحيطان ملتصقة بجدار القلب. حملوا ارادة المقاومة وساروا على الدرب، درب المقاومة حتى النصر أو الشهادة.

« الغزازوة راسهم يابس « هكذا يوصف أهل غزة من قبل أشقائهم حتى في القضايا الاجتماعية والخلافات العائلية. لا يلينون لمن يتعدى على حقهم ولا يميلون لجانب من يدفع أكثر على حساب كرامتهم. فكيف لا يتحدون من يسرق أرضهم ويقتل أشقاءهم ويسجن حرائرهم ؟!

بالمقابل عدوهم في الماضي والحاضر والمستقبل جبان بلا شرف أخلاقي وعسكري. مجتمع كله يحمل السلاح، في الشوارع والمكاتب والشواطىء وربما في غرف النوم. لا يدافع عن وطن بل عن وهم توراتي. اسرائيل ليسست  « دولة لها جيش بل جيش له دولة «  فيما فلسطين بالنسبة لأهلها « وطن بلا دولة «.

شرخ الانشقاق في اسرائيل يزداد. وصل الى الجيش والساسة والاستخبارات من شاباك وموساد وصنوف القطاعات. وها هم ثلاثة رؤساء وزارات سابقون ينضمون الى المظاهرات والمطالبات التي لا تتوقف في القدس وتل أبيب وحيفا بوقف الحرب بأي ثمن يوماً بعد يوم. ليس رفقاً بأهل غزة بل ضد من يقودهم الى الهاوية وبعد النهاية، نهاية ما يسمى الحلم الصهيوني.

صاغراً رضخ نتنياهو لترامب وها هو يعود الى طاولة المفاوضات. ولكل منهما حساباته، تضارب مصالح ليس إلا، خاصة بعد فشله في تحقيق ما صدع مسامع الاسرائيليين في تحقيقه طيلة أكثر من سنة ونصف « استعادة الرهائن، القضاء على المقاومة والنصر المؤزر « !

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى