رأي

إرباكات خطة الحكومة اللبنانية تشعل المضاربات النقدية

بدا امس مشهد التفلت النقدي المستعاد الذي دفع بسعر الدولار إلى عتبة 28 ألف ليرة، ووسط ضخ معلومات وشائعات عن كسر عتبات أعلى، أشبه بجنون سعر الدولار قبيل نهاية العام الماضي، حيث بلغ مستوى قريباً من 34 ألف ليرة لكل دولار، قبل أن يعمد البنك المركزي بتغطية من قبل السلطة التنفيذية إلى توسيع المبادلات عبر منصة «صيرفة»، متيحاً استبدال السيولة النقدية بالليرة بدولارات نقدية (بنكنوت) من خلال شبابيك المصارف، ما أدى إلى استقرار نقدي نسبي وتقلبات محدودة بين حدي 20 و22 ألف ليرة للدولار الواحد.
وعلى خط موازٍ، بحسب ما اشارت “الشرق الاوسط” فقدت سندات الدين بالدولار المصدرة من الحكومة اللبنانية معظم المكتسبات النسبية التي حققتها في الأسواق الدولية كرد فعل مواكب لتوقيع الاتفاق الأولي مع بعثة صندوق النقد. وشهدت سوق الـ«يوروبوندز» اللبنانية تراجعات مستمرة في الأسعار هذا الأسبوع، لتتراوح بين 11.5 و12.4 سنت للدولار الواحد، بحسب رصد بنك عودة. وذلك وسط ترقب للمسار الشاق بشأن تنفيذ البنود الإصلاحية المطلوبة من قبل الصندوق ومع ازدياد الشكوك بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي مع الصندوق قبل حلول موعد الانتخابات النيابية منتصف الشهر المقبل.
ولاحظ مراقبون وناشطون في أسواق المبادلات النقدية، أن الإرباكات المستجدة على خلفية تسريب البنود المالية لخطة التعافي الحكومية، التي نشرتها «الشرق الأوسط»، تتفاعل بشكل سلبي للغاية في أوساط المودعين والمصارف على حد سواء. كونها تضمنت اقتراحاً صريحاً بشطب 60 مليار دولار من توظيفات البنوك لدى مصرف لبنان، ما يعني تلقائياً «تصفير» رساميل المصارف البالغة حالياً نحو 18 مليار دولار، واقتطاع شرائح كبيرة من ودائع الزبائن العالقة لديها، باعتبار أن حد الحماية التامة المقترح لا يتجاوز مبلغ 100 ألف دولار.
ويخشى اقتصاديون تواصلت معهم «الشرق الأوسط» من تبعات أشد وطأة مع تقلص احتياطيات العملات الصعبة لدى البنك المركزي، وإمكانية بلوغه مرحلة الانكفاء المتدرج عن سوق القطع أو خفضه إلى أدنى الحدود، ولا سيما أن العديد من البنوك عمدت في الأيام الأخيرة إلى تقنين قاسٍ لتنفيذ عمليات استبدال عبر منصة «صيرفة» بذرائع مختلفة. كما أن أسعار التداول سجلت ارتفاعات ملحوظة لتصل في اليوم الأخير من الأسبوع الحالي إلى 23 ألف ليرة لكل دولار.
وتسود مخاوف جدية في الأوساط الاقتصادية والمالية من التمادي في «استسهال» الإنفاق من مبالغ حقوق السحب الخاصة، بوصفها استثنائية وغير قابلة للتكرار، فيصيبها ما لحق باحتياطيات العملات الصعبة من نزف كبير تعدى 20 مليار دولار على مدار عامين ونصف العام من التدهور، بينما ينشد لبنان بنهاية المطاف عقد اتفاقية تمويل بنحو 3 مليارات دولار مع صندوق النقد، وموزعة على 4 سنوات، أي بمعدل 750 مليون دولار لكل سنة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى