إجماع عربي و«غموض» غربي بشأن مؤتمر دولي عن فلسطين تتبناه «قمة البحرين»
مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إعلان المنامة» يتضمن حزمة مبادرات لتعزيز العمل العربي المشترك
أكدت مصادر سياسية بحرينية، لـ«الشرق الأوسط» أن القمة العربية التي تعقد (الخميس) في العاصمة البحرينية المنامة، ستشهد إعلاناً تقدمه الدولة المضيفة، ويحظى بدعم عربي واسع لعقد مؤتمر دولي للسلام، يبحث بشكل خاص إيقاف الحرب في غزة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتهيمن الأحداث الدامية في غزة على اجتماع القادة العرب في قمتهم الـ33 التي تعقد في البحرين (يوم الخميس)، مع تبلور دعوة بحرينية تحظى بتأييد عربي لمؤتمر دولي لحلّ القضية الفلسطينية تُشارك فيه جميع الأطراف المؤيدة لحل الدولتين.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في تصريحات، الأربعاء، إن «مبادرة السلام العربية ما زالت حاضرة بصفتها أساساً استراتيجياً يضمن حل الدولتين».
وفي حين تحظى المبادرة المقرر طرحها ضمن «إعلان المنامة» بشأن المؤتمر الدولي لحلّ القضية الفلسطينية بإجماع عربي، فإن مصادر سياسية عربية لم تفصح عما إذا كانت الأطراف الدولية ذات العلاقة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، أبدت أي موقف تجاه المبادرة المقرر إعلانها، الخميس.
وفي هذا الصدد، قال السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، في تصريح بشأن إمكانية أن يكون هناك موقف عربي موحد لمواجهة (الفيتو) الأمريكي الأخير ضد قبول فلسطين عضواً كاملاً بالأمم المتحدة، ومستقبل العلاقات العربية الأمريكية، «إن العرب لديهم خطة لدفع أطراف مهمة على الساحة الدولية لاتخاذ خطوة الاعتراف بفلسطين».
وقال السفير زكي في تصريح صحافي: «فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فإن العرب يتحدثون بصوت واحد ويتحركون بشكل منسق».
وأردف: «المنطق الدبلوماسي لا بد أن يتأسس على توسيع دائرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية باستمرار، وتوظيف الاعتراف لكي يكون جزءاً من خطة شاملة لإقامة الدولة، وليس مجرد خطوة رمزية».
وتابع: «الإبقاء على خطوط اتصال مع مختلف الأطراف – وعلى رأسها الولايات المتحدة – مهم في هذه المرحلة الدقيقة من أجل الاحتفاظ بالقدرة على التأثير في صنع القرار».
إعلان المنامة
وأكد السفير أحمد الطريفي رئيس الشؤون العربية والأفريقية بوزارة الخارجية البحرينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المنامة سوف تعلن على هامش القمة جملة من المبادرات التي ستشكل انطلاقة جديدة في العمل العربي المشترك، على حد تعبيره.
وبشأن الحديث عن مبادرة البحرين لاستضافة مؤتمر دولي عن القضية الفلسطينية وحل الدولتين، أكد مدير الشؤون العربية والأفريقية بوزارة الخارجية أن «البحرين عاقدة العزم على أن تستضيف مؤتمراً دولياً للسلام يتناول القضية الفلسطينية وحل الدولتين، وذلك في إطار الجهد العربي والدولي المبذول».
في حين قال وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية، الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، إن انعقاد القمة العربية بالمنامة، الخميس، بمثابة «فرصة مواتية لتعزيز التضامن العربي ووضع حلول واقعية وجذرية للتحديات والأزمات».
وقال إن «العنوان الأبرز لقمة البحرين هو تدشين مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك».
وأضاف أن «البحرين قدمت مبادرات عدة ستخدم القضية الفلسطينية والشعوب والعربية، تم اعتمادها من قبل وزراء الخارجية العرب خلال الاجتماع التحضيري للقمة»، معرباً عن أمله في أن «يجري اعتماد هذه المبادرات من قبل القادة العرب».
وقال الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، إن «قمة البحرين تلتئم في ظرف إقليمي ودولي حرج وتتعامل مع ملفات شائكة ومعقدة وفي مقدمتها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى جانب تأزم الأوضاع في السودان وليبيا واليمن وغير ذلك من محاولات تقويض الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية واستمرار خطر الميليشيات المسلحة، وزيادة وتيرة الإرهاب وتهديد الأمن القومي».
وفيما يتعلق بالوضع في غزة، أكد المسؤول البحريني أن «غزة تأتي على رأس أولويات أجندة قمة البحرين»، مشيراً إلى أن «البحرين لم تكتف فقط بالتنديد بنكبة غزة، بل تعمل مع الأشقاء العرب على جميع المستويات لوضع الحلول الممكنة لوقف الحرب فوراً، وتأمين المدنيين في القطاع، وإيصال المساعدات الإغاثية».
مصر: مبادرة السلام حاضرة
في حين أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن «إنهاء الحرب في قطاع غزة يتصدر أولويات القادة العرب بقمة البحرين»، وقال في تصريحات صحافية إن «دعم القضية الفلسطينية وحل الدولتين ودعم السلطة الفلسطينية من المقرر أن تنعكس في مقررات قمة البحرين»، مؤكداً على «وقف إطلاق النار أولاً ثم الحديث عن مؤتمر دولي للسلام».
وجدد شكري التأكيد على «حرص بلاده على إنهاء أزمة غزة واستعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة»، مشيراً إلى أن «القاهرة منذ بداية الأحداث في غزة تطالب بوقف إطلاق النار في القطاع والتصدي لكل محاولات التهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية».
ولفت إلى أن «مصر حذرت منذ بداية أزمة غزة من خطورة توسيع رقعة الصراع وهو ما ظهرت تفاعلاته أخيراً»، مؤكداً أن «أزمة القطاع أثبتت أن المجتمع الدولي غير قادر على أن ينتهج سياسات تتسق مع القواعد الدولية».
وأشار إلى أن «مبادرة السلام العربية ما زالت حاضرة بصفتها أساساً استراتيجياً يضمن حل الدولتين».
ودعا وزير الخارجية المصري، في تصريحات متلفزة لقناة «سكاي نيوز»، الأربعاء، إسرائيل إلى وقف عملياتها العسكرية في رفح، وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، موضحاً أن «مصير اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب مرتبط بالمصالح المصرية». وشدد على أن «التصريحات الإسرائيلية بشأن التنسيق مع مصر بشأن العمليات العسكرية في رفح غير صحيحة».
من جانبه، قال حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، «إن الدور المصري – القطري حاسم في تحقيق وقف إطلاق النار وإنجاز صفقة متكاملة لتبادل الأسرى وإخراج قوات الاحتلال من غزة وإعادة النازحين وإدخال المساعدات، والبدء في مسار إعادة الإعمار… ولا أظن أن هناك وسيطاً آخر يحظى بالثقة التي تحظي بها كلٌّ من مصر وقطر في هذا المجال».
جدول الأعمال
ويتضمن مشروع جدول الأعمال ثمانية بنود رئيسية تتناول مختلف القضايا المتعلقة بالعمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والأمنية والتعاون العربي مع التجمعات الدولية والإقليمية، ومنها تقرير رئاسة القمة الـ33 عن نشاط هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات، وتقرير الأمين العام للجامعة العربية عن مسيرة العمل العربي المشترك.
كما يتضمن مشروع جدول الأعمال بنداً حول القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي، ومستجدات هذا البند الذي يشمل موضوعات عدة؛ منها متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية، وتفعيل مبادرة السلام العربية، والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، ودعم موازنة دولة فلسطين، وصمود الشعب الفلسطيني.
كما يتضمن البند الخاص بالقضية الفلسطينية متابعة تطورات الاستيطان، وجدار الفصل العنصري والأسرى واللاجئين، وأوضاع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والتنمية في الأراضي المحتلة والجولان العربي السوري المحتل.
ويتضمن مشروع جدول أعمال القمة كذلك بنداً حول الشؤون العربية والأمن القومي، ومنها التضامن مع لبنان، وتطورات الوضع في سوريا، ودعم السلام والتنمية بالسودان، وتطورات الوضع في ليبيا واليمن، ودعم الصومال وجزر القمر المتحدة، والحل السلمي للنزاع الحدودي بين جيبوتي وإريتريا.
وسيناقش الوزراء العرب احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، واتخاذ موقف عربي موحد إزاء انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية، والتدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية والسد الإثيوبي.
كما يتضمن مشروع جدول الأعمال بنداً حول الشؤون السياسية الدولية، ويشتمل على موضوعات عدة؛ منها القمة العربية – الصينية الثانية التي تستضيفها بكين، وإنشاء منتدى للشراكة بين جامعة الدول العربية ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، ودعم وتأييد مرشح مصر الدكتور خالد العناني لمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو).
ويتضمن مشروع جدول أعمال القمة ملف الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والقانونية، ويشمل موضوعات عدة؛ منها متابعة التفاعلات العربية مع قضايا تغير المناخ، والاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان المعدلة، والاستراتيجية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب وتطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، وكذلك مشاريع القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة، ومشروع الإعلان الختامي للقمة.