رأي

أُضربوا موسكو بالصواريخ النوويّة

كتبت نبيه البرجي في صحيفة “الديار”:

“أيها الحوذي البشع أهكذا تقاد الكرة الأرضية”؟ السؤال وجهه اميل سيوران الى الشيطان بعدما أوحت له أمه، زوجة الكاهن الأرثوذكسي، والتي رأت أن البعد اللاهوتي في التاريخ دمر التاريخ، بأن صفقة أبرمت منذ الأزل: الله لادارة السماء والشيطان لادارة الأرض!!

الفيلسوف الروماني الفذ هو القائل “في كل انسان ينام نبي، عندما يستيقظ يكون الشر قد زاد قليلاً “. اذاً، أي نبي ينام في الأباطرة ؟

الفيلسوف الأميركي جون آرثر رأى “أن مشكلتنا في أميركا كون الرؤساء الذين يدخلون الى البيت الأبيض يشعرون بأنهم أكثر من أن يكونوا أنبياء، آلهة على الأقل ويحترفون صناعة القبور…”

هوذا الحوذي الأميركي. لم تتحقق نبوءة توماس جيفرسون بأن “تكون هذه البلاد الفناء الخلفي للملائكة”. لا منطق يحكم السياسات والاستراتيجيات الأميركية . الدول الأخرى ليست أكثر من حانات خشبية ويقتحمها قطاّع الطرق ساعة يشاؤون.

اذ يحق للرئيس الأميركي أن يغزو أفغانستان والعراق وأي دولة أخرى في العالم، أو أن ينشر جنوده في أكثر من مائة دولة، وأن يقسم كلاً من كوريا وفيتنام الى دولتين كما يفصل تايوان عن البر الصيني، لا يحق لأمبراطورية أخرى هي روسيا أن تتوجس من تحويل أوكرانيا، الدولة ـ التوأم الى غابة من الصواريخ الموجهة الى أراضيها.

ربما كانت المشكلة هنا، أن الرأي العام الأميركي يتماهى سيكولوجياً مع التطورات، ما يجعل الكثيرين يتحدثون عن الحرب العالمية الثالثة كما لو أنها ليلة صاخبة على أحد مسارح بيفرلي هيلز، حتى أن الباحث فيليب غوردون يسأل ما اذا كانت “النيويورك تايمز” ستخرج قريباً بهذه المانشيت: “أضربوا موسكو بالصواريخ النووية”!!

هكذا قرئت البداية. جو بايدن أعطى الأولوية للديبلوماسية، ليس فقط لتفكيك الأزمات التي تعصف بمناطق مختلفة من العالم، وانما أيضاً لارساء قواعد لنظام عالمي متعدد الأقطاب يحول دون الصراع السيزيفي مع الصين.

أين هي الديبلوماسية في أن يتمدد حلف الأطلسي الى جورجيا وأوكرانيا، وهما على مسافة كيلومترات من الكرملين، في حين يمنع على دولة مثل كوبا قريبة من الشاطئ الأميركي أن تتنشق الهواء فقط لأنها تناوئ المسار الايديولوجي للأمبراطورية في الاستنزاف الدراماتيكي لثروات وامكانات المقلب الآخر من القارة؟

الأمور تبدو وقد أفلتت من يدي جو بايدن الذي يمكن أن يكون هناك من ورّطه في سلوك تلك الطريق الوعرة التي قد يخرج منها ملطخاً بالوحول. العقوبات، في هذه الحال، ليست أكثر من بهلوانيات اعلامية…

أوراق كثيرة في حوزة فلاديمير بوتين الذي قد يكون باستطاعته تحويل الوجود الأميركي في الشرق الأوسط الى محرقة . المسرح السوري جاهز للتعاطي مع لصوص النفط والقمح في شرق البلاد.

التعليقات الروسية تشي بأن المواجهة لن تقتصر على الشرق الأوروبي، اذا شعر الروس بالاختناق، وهذا ما يفقهه الأوروبيون الأكثر قلقاً، والأكثر توجساً من الاحتمالات. ولكن ألا تعاني الولايات المتحدة، وكما يؤكد أقطاب في تلة الكابيتول، من هزات بنيوية يعرف الروس كيف يوظفونها في الصراع الراهن؟

حتى داخل الاستبلشمانت من يرى أن البيت الأبيض اختار الطريق الخطأ في ادارة الصراع مع الصين التي تنتظر اللحظة المؤاتية للانقضاض على تايوان. هنا الباسيفيك الخاصرة الهلامية لأميركا، وحيث اليابان، وكوريا الجنوبية، والفيليبن، تتخوف من التنين يدق على أبوابها.

بعد كل هذا، كيف الدخول الى النظام العالمي البديل؟ من فوهات المدافع أم من الأبواب الخلفية التي يبدو أن العقوبات تغلقها الواحد تلو الآخر؟

جو بايدن، الحوذي العتيق في الكونغرس في مأزق. دونالد ترامب الذي تلاحقه سلسلة من القضايا القانونية المعقدة، خرج من الظل ليقول للرئيس “أيها العبقري الغبي ماذا فعلت”؟

الضوء الأخضر قد يأتي من فيينا. هكذا كتب ديفيد أغناثيوس. هل تكون طهران، (ويا للغرابة !) الطريق الى الصفقة بين البيت الأبيض والكرملين؟!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى