باسم المرعبي- ناشر موقع رأي سياسي…
يغادر الرئيس سعد الحريري بيروت بعد أيام قليلة حيث شارك في ذكرى اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري.
وكان لافتاً الحملة الإعلامية والشعبية، ومشاركة مختلف القطاعات في “التيار”، في هذه الحملة حيث شكلت اختباراً لشعبيته وهدفت لحتمية عودته للعمل السياسي ولو بعد حين، حيث حضر الآلاف من اللبنانيين إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت، وكذلك الى “بيت الوسط” دعماً لخط سعد الحريري وما يمثّله من اعتدال على المستوى السياسي.
واذا كان رئيس تيار “المستقبل” قد أوحى أن العودة عن تعليق العمل السياسي محتملة من دون تأكيدها عندما قال “كل شيء بوقته حلو”، وأضاف “قولوا للجميع أنكم عدتم إلى الساحة ومن دونكم ما في شيء ماشي بالبلد”، غير أن هذه الزيارة، طرحت جملة من الأسئلة من بينها، هل ثمّة تسوية تلوح في الأفق؟ أم أنّ الحريري لم يحسم أمره للعودة إلى المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية، أو الموضوع لا يتجاوز التكهّنات، لكن لا يمكن تجاهل أن الزيارة في هذا التوقيت بالذات، حيث أن أزمة سياسية تعصف بلبنان وتحول دون انتخاب رئيس، وانتظام عمل المؤسسات قد حملت رسائل عدة أراد فريقه السياسي تثبيتها للداخل والخارج أيضاً، أبرزها أن الحريري لا يزال على الرغم من غيابه هو الزعيم الوحيد المستقطب للطائفة السنية، وقد ترجم ذلك من خلال نوعية من زار بيت الوسط، حيث كان من أبرز اللقاءات التي عقدها الحريري، لقاءه السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، حيث عكست زيارة جونسون التي تسلمت مهامها في بيروت منذ أقل من شهر، على اهتمام أميركي بشخص الحريري، واللقاء الثاني لم يكن أقل أهمية حيث التقى سفير روسيا الكسندر روداكوف، الذي وجه إليه دعوة لزيارة موسكو، وحضه على العودة إلى العمل السياسي، بما عكس توجها لدى القيادة الروسية بأنها ما تزال مهتمة بالشأن اللبناني، وهي على استعداد للتعاون مع الحريري في حال قرر العودة الى لعب دوره في الحياة السياسية اللبنانية.
لكن كل الرسائل التي رافقت عودته هذه المرة، لم تحسم مسألة تراجعه عن تعليق قراره السياسي المرتبط بشرطين وفق مقربين منه، الأول تحقيق تسوية خارجية تعيد المنطقة إلى الاستقرار، والثاني إنجاز تسوية داخلية، وبالتالي فإن عودته للعمل السياسي تبقى مستبعدة قبل تحقيق هذين الشرطين.
ورأى هؤلاء أن زيارة الحريري هذا العام شكلت نوعاً من “إعلان نوايا” بالعودة عن قرار تعليق المشاركة في العمل السياسي، أما التوقيت فمرتبط بالحل النهائي لحرب غزة وانسحابه على الملف اللبناني.
واذا كان “بيت الوسط” قد تحول الى محجة لمختلف القوى السياسية الذين كان من بينهم الحلفاء والخصوم، فقد كان لافتاً زيارة وفد رفيع وموسع من “القوات اللبنانية” ولقائه الرئيس الحريري، حيث خضعت هذه الزيارة للتحليل والتقييم من قبل السياسيين والمحللين، سيما وانها جاءت بعد اتهامات بالتخوين وما الى ذلك قبل أن يعتكف الحريري عن العمل السياسي، وهو ما يعني انه ربما يكون لعودة الوئام بين الفريقين الأبعاد والتفاصيل الخفية التي قد تكون لها تأثير كبير على التوجهات السياسية مع قابل الأيام، وقد تفتح بابًا لفتح حوار جديد وتعزيز التفاهم بين الأطراف المختلفة في لبنان سيما وأن هناك من اعتبر ان زيارة الحريري لها عدة رموز وإشارات سياسية محتملة، فقد تكون محاولة لتحقيق التوازن السياسي في البلاد وبناء جسور الحوار بين الأطراف المتنازعة.
كما يمكن أن تكون هذه الزيارة مؤشراً على استعداده لتولي دورا جديداً في الساحة السياسية اللبنانية، سواء كان ذلك من خلال تشكيل حكومة جديدة أو توجيه رسائل معينة للمجتمع الدولي.