لينا الحصري زيلع
خاص-راي سياسي
من المتوقع ان يبقى ملف حاكمية مصرف لبنان طبقا أساسيا في اليوميات اللبنانية، حتى نهاية الشهر موعد انتهاء ولاية حاكم المصرف رياض سلامة، وحتى ذلك التاريخ تبقى الأمور المالية موضع تجاذب لتبيان الخيط الأبيض من الأسود بشأن مصير هذا الملف، ولكن اللافت كان نهاية الاسبوع هو الارتفاع النوعي لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ولكنه ما لبث ان عاد وانخفض، وتبع ذلك بيانا صدر عن حاكم مصرف لبنان يؤكد فيه ان العمل على منصة صيرفة مستمر كالمعتاد، وبالتالي استمرار مصرف لبنان بنفس السياسة.
مصادر مالية قريبة من النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري تصف البيان الذي صدر عن نواب الحاكم الأربعة “لراي سياسي” مؤخرا بان هدفه وطني، وتعتبر ان منصوري يشدد على ان شرط تحمله المسؤولية هي ان تضع السلطة السياسية بين يديه خطة عمل واضحة للسير على أساسها، لا سيما انه يحتاج الى دعم الحكومة والمجلس النيابي في هذه المرحلة الاستثنائية، باعتبار انه لا يملك صلاحيات الحاكم المطلقة، ولكن في المقابل، اكدت المصادر ان النائب الاول سيقوم بواجباته وسيستلم الحاكمية وهو لديه القدرة على ذلك، من خلال خطة وضعها في هذا الاطار لضبط الوضع، ولكنه بحاجة الى غطاء سياسي دولي ومحلي.
وتذكر المصادر بان لدى منصوري ملاحظات على إجراءات الحاكم المتخذة، وهو سجل جملة منها في المجلس المركزي، وملاحظاته هذه تنسجم مع توجه صندوق النقد والخطة الإصلاحية للحكومة، مع مطالبته بإقرار بعض القوانين المتعلقة بالملف.
من ناحيته يقول الخبير المالي والمصرفي الدكتور نسيب غبريل “لموقعنا”: “منذ صدور البيان المشترك من قبل نواب حاكم مصرف لبنان، كثرت التكهنات والتوقعات حول ما يمكن حدوثه في المصرف المركزي بعد انتهاء ولاية الحاكم ، خصوصا مع الحديث عن إمكانية تقديم نوابه استقالة جماعية، وعودة الكلام عن فرضية تعيين حاكم اصيل يقسم اليمين امام مجلس الوزراء، إضافة الى طلب بعض الأطراف بتعيين حارس قضائي، كذلك تعيين سلامة كمستشار اول مع منحه صلاحيات تنفيذية، كذلك اشيع عن ان مجلس النواب سيمدد للحاكم رغم ان الموضوع بعيد عن الواقع، ولكن كل ما يتم تداوله هو مجرد توقعات وليس هناك اي قرار، خصوصا بالنسبة الى موضوع الغاء منصة صيرفة بعد انتهاء ولاية سلامة”.
وأشار غبريل ان ظهور السعر الموازي للسعر الدولار الحقيقي بدء قرابة أوائل أيلول 2019، بسبب شح السيولة بالعملات الأجنبية، نتيجة التراجع الحاد بتدفق الأموال من الخارج، علما ان هذا السوق غير قانوني ولا يخضع لأي رقابة، بل يتحكم فيه تجار الازمات للمضاربة واستغلال المحطات السياسية للتلاعب بسعر الصرف، لافتا الى ان من يستفيد من منصة صيرفة هم عدد كبير من المواطنين، ومعظمهم من موظفي القطاع العام، الذين يسحبون رواتبهم على سعر المنصة وذلك لتعزيز قدرتهم الشرائية.
واكد الخبير المالي ان صندوق النقد لا يطالب بإلغاء منصة صيرفة، بل باتباع الشفافية في عمل المنصة، ويشدد على توحيد سعر الصرف ليصبح سعر الدولار على منصة صيرفة هو السعر المرجعي في السوق، لافتا الى ان بعض الجهات تستفيد من عدم شفافية السوق للعب بسعر الدولار لجني أرباح سريعة، ولكنه يعود ليؤكد ان سبب عدم استقرار السوق هو نتيجة الاستحقاق المقبل في مصرف لبنان رغم انه المؤسسة المدنية الرسمية الوحيدة التي لا زالت تستطيع اخذ قرارات في ظل تعطيل مجلس النواب وحكومة تصريف اعمال، لذلك نحن بغنى عن وصولها الى مرحلة شلل كغيرها من المؤسسات الدولة الأخرى.
واعتبر انه من الضروري تطبيق قانون النقد والتسليف الذي ينص انه وفي غياب الحاكم يستلم مهامه نائبه الأول، متوقعا ان لا يتم اجراء تغييرات جذرية بالتوجهات لمصرف لبنان، مع إمكانية حصول بعض التعديلات في التعاميم او في منصة صيرفة، لافتا الى ان التغيير يحتاج الى تطبيق كامل للبرنامج الإصلاحي مع صندوق النقد.
وشدد غبريل على ان المطلوب من نواب الحاكم العمل دون ضغوط سياسية لتطبيق القوانين النقدية الجديدة وفي أولوياتها لجم التضخم وعدم تسليف الدولة، ولكنه عاد ليشير الى عدم القدرة على القيام بذلك قبل تفعيل عمل المؤسسات الرسمية وتطبيق الإصلاحات للخروج من الازمة.
واذ راى ان سبب الازمة الراهنة هي فقدان الثقة، اعتبر ان استعادتها يكون بتطبيق الدستور والقوانين، واحترام المهل ومكافحة التهريب الضريبي والجمركي، وضبط الحدود واضفاء الشفافية على القطاع العام، ومن ثم تنفذ الإجراءات التقنية الضرورية.