أبرزرأي

أوكرانيا تواجه شتاءها الأقسى

مع تدهور وضع دونباس، على أوروبا أن تكثف ضغطها على روسيا الآن

كتب جاك واتلينغ, في اندبندت عربية:

التصعيد الروسي المتزايد وتراجع الدعم الغربي يضعان أوكرانيا أمام شتاء حاسم قد يحدد مصير الحرب، إذ تحتاج كييف إلى صمود عسكري واقتصادي مدعوم بضغط أوروبي أقوى على موسكو لمنع انهيار خطوطها الدفاعية وفرض وقف إطلاق نار بشروط لا تنتقص من سيادتها

كانت روسيا تخطط للسيطرة على مدينة بوكروفسك الأوكرانية، وهي مركز لوجستي محوري في مقاطعة دونيتسك، بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. لكن قواتها باتت متأخرة عن الجدول الزمني بما يقارب عاماً كاملاً. فعلى رغم التفوق العددي الروسي الضخم، قاتل المدافعون الأوكرانيون بضراوة للحفاظ على خط الدفاع في دونباس، موقعين أكثر من 20 ألف قتيل روسي شهرياً. واليوم، تبدو روسيا على وشك ترسيخ سيطرتها على أنقاض المدينة، بينما تدفع بمزيد من القوات إلى مبانيها المدمرة، في وقت تعمل فيه المسيرات الروسية على قطع خطوط الإمداد عن المدافعين الأوكرانيين.

ولا تشكل بوكروفسك معركة منفصلة بذاتها، فالقوات الروسية تمكنت تدرجاً من تحويل المواقع الأوكرانية شمالاً وجنوباً إلى “جيوب” معزولة، ووصلت إلى أطراف كوستيانتينيفكا. والأدهى أن روسيا بدأت تستخدم مسيرات موجهة بأسلاك طويلة، إلى جانب القنابل الانزلاقية، لتفريغ المدن التي تقع ضمن نطاق عملياتها، مستهدفة المدنيين في كراماتورسك، تماماً كما فعلت خلال إفراغها خيرسون من سكانها جنوب البلاد. كذلك يهدد التقدم الروسي على طول نهر دنيبرو بتعريض مدينة زابوريجيا الاقتصادية لهذه التكتيكات ذاتها. وإذا سقطت دونباس، فستنتقل الحملة الروسية نحو ثاني أكبر المدن الأوكرانية: خاركيف.

تكمن المفارقة المأسوية في الأشهر التسعة الماضية من الحرب أنه بينما كان العالم منشغلاً باحتمالات التفاوض ووقف إطلاق النار، رفعت موسكو وتيرة عملياتها على نحو غير مسبوق. فالكرملين يحاول كسر إرادة المقاومة الأوكرانية عبر هجمات الجبهة والضربات البعيدة المدى على المدن. وعلى رغم استعداد كييف للتفاوض، فإن فشل شركائها في ممارسة ضغط فعال على موسكو منح بوتين الوقت الكافي لتغيير الوقائع على الأرض.

اقتصاد الحرب الروسي يتصدع
ومع اقتراب الحرب الشاملة من عامها الرابع، تظهر علامات الإرهاق على الطرفين، لكن أياً منهما ليس مستعداً للسلام. فعلى رغم أشهر من الوساطة الأميركية، لم يُبدِ بوتين أي استعداد للتراجع عن مطالبه القصوى، والتي تتضمن توقفاً عن القتال فقط مقابل تنازلات أوكرانية عن سيادتها. وبما أن أوكرانيا في موقع الدفاع، فإن استمرار الهجمات الروسية لا يترك أمام كييف خياراً سوى القتال.

لقد أسهم سلوك المجتمع الدولي في تشجيع روسيا على مواصلة عدوانها. فالتراجع الأميركي في الدعم العسكري والتقني منح الكرملين أملاً بإمكان إنهاك مخزون الذخائر الأوكراني. وفي الوقت ذاته، ركزت أوروبا على ما بعد وقف إطلاق النار، مع بروز “تحالف الراغبين الذي يلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا. وهكذا، أصبحت إطالة الحرب أفضل وسيلة تملكها موسكو لمنع اندماج كييف في منظومة الأمن الأوروبي. ولا بد الآن من فرض ضغوط مختلفة لإجبار الكرملين على إعادة حساباته.

آفاق بوتين
تنظر روسيا إلى هدفها الإستراتيجي في إخضاع أوكرانيا بوصفه عملية من ثلاث مراحل، لا يتضمن القتال الفعلي إلا أولاها. المرحلة الأولى: احتلال أو تدمير ما يكفي من الأراضي الأوكرانية بحيث يغدو ما يتبقى من الدولة غير قابل للانتعاش اقتصادياً إلا بموافقة روسيا. ويعتقد المخططون الروس أن تحقيق ذلك يتطلب السيطرة على الأقاليم الأربعة التي ضمتها موسكو، إضافة إلى خاركيف وميكولايف وأوديسا. مما سيعزل أوكرانيا فعلياً عن البحر الأسود. في ظل هذه الظروف، سيسعى الكرملين إلى وقف إطلاق النار، في ظل قناعته أنه يمكنه المضي قدماً في مرحلة ثانية يستخدم فيها نفوذه الاقتصادي وحربه السياسية، مدعوماً بتهديد إعادة الغزو، لفرض سيطرته على كييف. أما في المرحلة الثالثة، فتقوم روسيا باستيعاب أوكرانيا ضمن فضاء نفوذها على نحو مشابه لبيلاروس.

إلا أن روسيا لا تزال بعيدة جداً من إنجاز المرحلة الأولى. فالجيش الروسي يأمل أن يؤدي إنهاك القوات الأوكرانية إلى تسارع مكاسبه الميدانية. وبعد عامين من الهجمات المستمرة، سيزداد الضغط على أوكرانيا مع تقلص كثافة المدافعين على الجبهات. فعلى رغم ثبات العدد الإجمالي للقوات، يتراجع عدد المشاة القادرين على القتال شهراً بعد شهر.

لكن روسيا نفسها تواجه مشكلات متنامية في توليد قوات جديدة. فمنذ منتصف 2023، اعتمدت موسكو على متطوعين أغرتهم مكافآت مالية ضخمة وتعويضات لعائلات القتلى. وقد استقطبت روسيا نحو 420 ألف مجند عام 2024 وأكثر من 300 ألف في 2025، وهي أرقام سمحت لها بتنفيذ هجمات مشاة مكلفة لكنها متواصلة. إلا أن الخزان البشري القابل للإغراء المالي بدأ يجف. وانخفضت معدلات التجنيد في خريف 2025 أو جرى تعويض النقص عبر وسائل أكثر قسرية. وللمحافظة على وتيرة العمليات، تحتاج روسيا إما إلى أساليب قتال تقلل الخسائر أو إلى نموذج تعبئة جديد.

ساعد سلوك المجتمع الدولي روسيا على الاستمرار في العدوان

وتعتمد قدرة الدولة الروسية على مواصلة الهجوم على رأس المال المتاح لها. فما دامت استمرت روسيا في بيع النفط والغاز والمواد الخام، تستطيع تمويل الحرب والتجنيد. لكن انخفاض أسعار النفط في 2025 استنزف الاحتياطات الروسية. وفي المقابل، بدأت الضربات الأوكرانية الطويلة المدى على المصافي الروسية تؤثر بوضوح في التكرير وتوفير الوقود. ويبقى السؤال: إلى أي مدى ستؤدي العقوبات والضربات مجتمعة إلى أزمة سيولة في 2026؟

حتى الآن، أسقطت الدفاعات الجوية الروسية نحو 95 في المئة من المسيرات الأوكرانية، ومع ضآلة الحمولة القتالية لتلك المسيرات، لم يحدث سوى نصفها ضرراً بالغاً عند بلوغ الهدف. ومع ذلك، ثمة أسباب قوية للاعتقاد بأن أوكرانيا ستتمكن من تحسين فاعلية هجماتها في 2026. فروسيا استهلكت من صواريخها الاعتراضية أكثر مما تنتجه، فيما راكمت أوكرانيا مخزوناً من صواريخ الكروز المحلية الصنع. وتمتلك تلك الصواريخ ما يكفي من الطاقة لتدمير مروحة أوسع من الأهداف بالمقارنة مع ما تفعله المسيّرات. ويضاف إلى ذلك أن اتساع مروحة القصف القوي يسهم في زيادة تشتيت الدفاعات الروسية الجوية، مما يخلق مزيداً من الثغرات. وإذا استهدفت كييف البنية التحتية لتصدير النفط الروسي، فستشعر موسكو بوقع الضربة.

إيقاف أسطول الظل
بالنسبة إلى شركاء أوكرانيا الدوليين يكمن السؤال في مدى استعدادهم لمضاهاة حملة أوكرانيا ضد البنية التحتية النفطية الروسية بضغط حقيقي مماثل، لا مجرد ضغط تمثيلي، على الاقتصاد الروسي. ويعني هذا، قبل كل شيء، استهداف أسطول الظل الروسي الذي يتكون من مئات الناقلات المتهالكة، التي تعمل تحت ما يناسبها من الأعلام، وغالباً من دون تأمين أو طاقم مدرب، لنقل نفطها إلى الهند والصين. وستتطلب مواجهة هذا الأسطول حرمان روسيا من مرور 80 في المئة من صادراتها النفطية البحرية عبر مضيق الدنمارك، وفرض عقوبات ثانوية على الموانئ التي تستقبل تلك الناقلات.

حتى الآن، كانت الخطوات الأوروبية والأميركية خجولة. فالعقوبات موجودة، لكن تطبيقها ضعيف. وهذه خسارة كبيرة، لأن الحد من نشاط أسطول الظل هو أسرع وسيلة لفرض ضغط فعلي على الكرملين من دون إحداث صدمة في أسواق النفط، خصوصاً في ظل رغبة دول “أوبك” في تعويض الحصة الروسية.

وتحتج بعض الحكومات الأوروبية — ومن بينها الدنمارك — بمعاهدة كوبنهاغن لعام 1857 التي تضمن المرور الحر للسفن التجارية في المياه الدنماركية. لكن هذا العائق قانوني الشكل لا المضمون. إذ تستطيع الدول المطلة على البلطيق، باستثناء روسيا، إقرار معاهدة جديدة تشترط معايير معينة للتأمين والشهادات البيئية. ولن تتمكن ناقلات أسطول الظل من الامتثال لهذه المعايير، ومن ثم سيُمنع مرورها من المضائق. ولن تؤثر معاهدة كتلك في الإبحار المجاني للسفن التجارية عبر المياه الدنماركية.

وسيكون فقدان الوصول إلى مضيق الدنمارك مشكلة لا تستطيع روسيا حلها سريعاً. فالصادرات من الشرق الروسي محدودة البنية التحتية، وموانئ البحر الأسود عرضة لهجمات أوكرانيا بآليات بحرية مسيرة. كذلك فإن طرق التصدير البرية إلى الصين تعاني اختناقاً في القدرة الاستيعابية. ويُعد استعداد الدول المُطلة على بحر البلطيق لاتخاذ مثل هذه الإجراءات مؤشراً إلى جديتها في الضغط على روسيا.

وفي الوقت الحالي، يعتقد الكرملين أنه قادر على تحمل كلفة الحرب. ولن يتغير ذلك إلا إذا أدت الضغوط الاقتصادية الحقيقية إلى دفع روسيا نحو أزمة متوسطة المدى، لإقناع بوتين بقبول وقف لإطلاق النار. ومن شأن أزمة كتلك توليد أخطار اقتصادية وسياسية متعلقة بإطالة مدة الحرب، تفوق بكثير المكاسب المتوقعة من القتال. وقد تنجح إستراتيجية من هذا النوع، شريطة أن تتمكن أوكرانيا من الصمود طوال عام 2026.

أسلحة أكثر… وتدريب أفضل
في شتائها الرابع، ستعتمد قدرة أوكرانيا على الصمود أمام التقدم الروسي على ثلاثة عناصر أساسية: العتاد، والرجال، والإرادة.

وقد تحملت أوروبا اليوم مسؤولية تزويد الجيش الأوكراني بالذخائر، وبدأت استثماراتها في الصناعات الدفاعية تتحول من الوعود إلى التنفيذ. فإنتاج القذائف يرتفع، وتزداد قدرة أوروبا على إنتاج صواريخ الكروز والمسيرات، لكن إنتاج منظومات الدفاع الجوي لا يزال مقصوراً.

أما الولايات المتحدة فقد توقفت تقريباً عن تزويد أوكرانيا بالمعدات، ويبقى السؤال: هل ستسمح إدارة ترمب بشراء الأسلحة الأميركية المتقدمة التي يفتقر شركاء أوكرانيا الدوليون إلى القدرة على تصنيعها، مثل صواريخ باتريوت، وأنظمة الصواريخ المتعددة الإطلاق، والقذائف الموجهة، وقطع غيار مقاتلات “أف-16″؟ إن وضعية أوكرانيا في مجال المواد الحربية محفوفة بالأخطار لكنها قابلة للإدارة إذا توفر الاستثمار المناسب.

أما في ما يتعلق بالموارد البشرية، فالصورة أكثر تعقيداً. فعلى رغم أن أوكرانيا لا تعاني نقصاً في عدد السكان القادرين على القتال، فإن عدد المشاة المدربين القادرين على أداء المهمات القتالية تراجع على مدى عامين. وقد يقترب هذا التراجع من نقطة تهدد قدرة أوكرانيا على الحفاظ على الجبهة. والمشكلة ليست في التجنيد بل في التدريب والدمج المهني لتلك القوات في الألوية القتالية. ويخدم اليوم في الجيش الأوكراني عدد أكبر من الجنود من أي وقت مضى خلال الحرب، لكن الجيش غير قادر على تدريب أفراده لأداء مهمات قتالية في الخطوط الأمامية. ولتجاوز هذه المعضلة، يحتاج “فيلق الجيش” الأوكراني الجديد إلى نظام تناوب للكتائب وتسهيل تدريب الوحدات الأضعف بواسطة الوحدات الأكثر كفاءة.

وهنا يمكن لشركاء أوكرانيا أداء دور محوري.

لقد شارك كثير من هؤلاء الشركاء بكثافة في تدريب القوات الأوكرانية خارج البلاد على مدى الأعوام الثلاثة والنصف الماضية، إلا أن ذلك لم يُسفر عن نتائج تُذكر، سواءً لعدم انسجام الوحدات مع قياداتها التكتيكية، أو لافتقار أوكرانيا إلى المعدات اللازمة لنقل أفواج المتدربين إلى خارج البلاد. علاوةً على ذلك، هناك قيود تفرضها القوانين الأوروبية التي تمنع استخدام بعض الأنظمة التدريبية.

الأمن عاجلاً… لا آجلاً
هناك نموذج أفضل للمساعدة الأوروبية على التدريب، وقد يمهد أيضاً لظروف وقف إطلاق النار. فالتعهدات الأمنية التي قدمتها أوروبا لأوكرانيا بعد الحرب باتت عائقاً لإقناع روسيا بوقف القتال حتى لو كانت الحرب تتجه في مسار غير مواتٍ للكرملين، لأن موسكو تخشى أن يؤدي وقف النار إلى تسريع اندماج أوكرانيا في البنية الأمنية الأوروبية. ففي النهاية، تعود جذور أسباب الغزو الروسي الحالي إلى عام 2013، عندما ضغطت موسكو على الرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يانوكوفيتش لرفض توقيعه على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. إذا كان وقف إطلاق النار سيعجّل من تحول هذه الأمور إلى حقائق، كما يشير القادة الأوروبيون في “تحالف الراغبين”، فإن لدى روسيا حافزاً قوياً لتجنب وقف إطلاق النار تماماً، حتى لو تقلصت حدة العمليات القتالية.

والحل الأفضل هو فصل نشر القوات الأوروبية في أوكرانيا عن مسألة وقف النار. بدلاً من ذلك، يمكن للقوات الأوروبية بدء العملية فوراً، بطرق مختلفة. من ناحية، يمكن لبولندا ورومانيا طلب الإذن من أوكرانيا لمواجهة التهديدات الجوية التي تقترب من حدود حلف الناتو فوق المجال الجوي الأوكراني، تماماً كما اعترضت إسرائيل كثيراً من طائرات “شاهد-136” الإيرانية المسيرة في المجال الجوي الأردني. من دون إلزام بولندا ورومانيا ودول أخرى بمواجهة أهداف فوق أوكرانيا، فإن هذا الإذن من شأنه أن يمهد الطريق لتجنب تضارب الطائرات الأوروبية مع الدفاعات الجوية الأوكرانية. بهذه الطريقة، يمكن للتحالف الأوروبي توجيه قوته الجوية إلى أوكرانيا في وقت قصير.

لم يؤت تدريب القوات الأوكرانية خارج بلادها سوى بمردود ضعيف

والأهم من ذلك، هو التدريب العسكري داخل الأراضي الأوكرانية. فهذا النوع من التدريب يضمن انسجام الوحدات المتدربة مع قيادتها الأوكرانية، ويعالج مباشرة مشكلة توليد القوى القتالية. وعلى رغم أن وجود المدربين الأوروبيين يجذب أخطار الاستهداف الروسي، فإن موسكو فشلت حتى الآن في استهداف المدربين الأوكرانيين بفاعلية، مما يجعل الأخطار قابلة للإدارة. وقد يؤدي التدريب الأوروبي دوراً محورياً في تلبية حاجات أوكرانيا لوحدات عسكرية تستطيع الإمساك بخط الدفاع على الجبهة.

هذه الخطوات ستوجه رسالة واضحة إلى الكرملين بأن إطالة الحرب لن تفيده، وستحول الضمانات الأمنية الأوروبية من وعود إلى واقع. وستعزز قدرة أوكرانيا على الصمود، وتمنحها الثقة اللازمة للدخول في تسوية عندما تتوفر الظروف المناسبة. إن الجبهة الداخلية الأوكرانية تحتاج إلى أسباب للتفاؤل وهي تتجه نحو ما يُرجّح أن يكون أشد مراحل الحرب قسوة حتى الآن.

جبهة باردة
قد يكون هذا الشتاء حاسماً. فروسيا تنتج اليوم أكبر عدد من الصواريخ منذ بدء الحرب، فيما يتعاظم عجز شبكة الكهرباء الأوكرانية عن تغذية البلاد. وفي كييف، تقطع الكهرباء لساعات، ومع انخفاض درجات الحرارة، ستحتاج أوكرانيا إلى الاستعداد لانقطاع واسع في خدمات التدفئة. وإذا تمكنت روسيا من تسريع مكاسبها — عبر تفريغ المدن القريبة من الجبهة، وتآكل خطوط الدفاع — فقد تفرض مساراً يقود إلى استسلام أوكرانيا في 2026.

لكن هذا السيناريو ليس حتمياً. فإذا نجحت أوكرانيا، بالتعاون مع القوى الغربية، في ممارسة ضغوط اقتصادية وجيوسياسية حقيقية على موسكو، قد يصبح وقف إطلاق النار قابلاً للتحقق بنهاية العام المقبل. فمع استمرار أوكرانيا في تدمير مصافي النفط الروسية، وتراجع عائدات موسكو، وتباطؤ إنتاجها العسكري، قد تجد روسيا نفسها أمام طريق مسدود بلا قوة كافية للاستمرار.

وينبغي على واشنطن أن تدرك أن وقف إطلاق النار لن يتحقق عبر مبادرات رمزية أو تنازلات للكرملين. فإعادة تشكيل حسابات موسكو تتطلب ضغطاً منهجياً مستمراً، لا تفاهمات شخصية بين القادة. وعلى أوروبا أيضاً أن ترفق خطابها المتشدد بسياسة دقيقة وفعالة. ولا تزال أوكرانيا قادرة على كسب الوقت لإنجاح الضغط على روسيا، لكنها لا تستطيع الصمود إلى ما لا نهاية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى