أوروبا تأكل نفسها… والشرق القديم سيبعث من جديد.. ومصر ترفض التحالف ضد الآخرين

كتب حسام عبد البصير في “القدس العربي”:
القاهرة ـ «القدس العربي»: “حظنا سيئ لا الحكومة وقفت بجانبنا ولا المنتخب رفع راسنا”، كان ذلك حال معظم المصريين وهم ينصرفون لبيوتهم، بعد أن خسروا حلمهم الكبير بالتوجه للدوحة للمشاركة في كأس العالم.. وما بين صدمة الأغلبية بسبب فشل المنتخب، والأزمة الاقتصادية التي تعصف بأحلامها المتواضعة، صدرت صحف أمس الأربعاء 30 مارس/آذار يعلوها الحزب ويكسو كثير من مقالات كتابها اليأس، بينما سعت بعض الجرائد لتجاوز الهزيمة على يد ساديو مانيه ورفاقه، غير أن صورة فخر العرب وهو يخرج باكيا من الملعب لم تخل منها صحيفة، وأشارت تقارير إعلامية إلى خبر أثار هلع عشاق محمد صلاح، الذي تعرض لهجوم واسع بين رواد المقاهي والنوادي، إذ بعد تأهل السنغال إلى كأس العالم رسميا، على حساب الفراعنة بركلات الترجيح بنتيجة 3-1، قال مقربون من صلاح، إنه يفكر في اعتزال اللعب الدولي بعد الهجوم الذي تعرَّض له من قبل الجماهير المصرية بسبب أدائه. وأهدر صلاح ضربة ترجيح أمام السنغال، وكانت هي الأولى، التي أربكت حسابات باقي اللاعبين.
من جانبه أكد الإعلامي أحمد موسى، أن عناصر منتخب الفراعنة تعرضوا لإرهاب وعنف واعتداءات لا تليق بكرة القدم، واتهم موسى السفيرة المصرية في السنغال بأنه مقصرة ولم تتحرك لتوفير الحماية لأفراد المنتخب الوطني، رغم مناشدتها يوم السبت الماضي. وأوضح موسى، أن محمد صلاح كان معه طاقم حراسة خاص معلقا «حضرتك بتعملي أيه وكيف يتم الشوشرة على السلام الوطني قبل بداية المباراة». ومن جانبه بادر مدرب المنتخب كيروش مقرا بالهزيمة ومعتذرا للمصريين قائلا: انتهي الحلم، لقد بذلنا قصارى جهدنا اليوم، لكن ذلك لم يكن كافيا، كل الامتنان لاتحاد الكرة المصري من أعماق قلبي على منحي شرف تدريب المنتهب الوطني”. وتابع: “إلى كل اللاعبين والمعاونين، تقديري وشكري لكم ستكونون دائما في قلبي”. فيما طالب أحمد حسن عميد لاعبي العالم، الجماهير المصرية بعدم الضغط على محمد صلاح بسبب إضاعته ركلة الترجيح أمام السنغال.
ومن أخبار القصر الرئاسي: استقبل الرئيس السيسي رئيسَ مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية، وعزفت الموسيقى السلامين الوطنيين لمصر والسودان كما صافح الرئيسان حرس الشرف. وستعقد مباحثات مصرية سودانية، حيث يلتقي الرئيس السيسي الفريق البرهان لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيز دعمها وتطويرها، بما يخدم شعبي البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك.. ومن اخبار المحاكم: كشفت المحكمة الاقتصادية في القاهرة عن حيثيات الحكم بمعاقبة المتهم أحمد أبوالنصر، المعروف إعلاميا بـ«طبيب الكركمين»، بتهمة انتحال صفة طبيب والترويج لبيع أدوية غير مرخصة بالمخالفة للقانون، بالحبس سنتين وغرامة 100 ألف جنيه.
سر تكشيرة شكري
وحده اقتنص عبد القادر شهيب في “فيتو” تلك اللقطة للوزير الحزين: لم يفت على كثيرين ملاحظة أن الصورة التي نشرت لوزراء الخارجية الستة الذين اجتمعوا معا لأول مرة في النقب في إسرائيل ظهر فيها كل الوزراء وهم مبتسمون مع تشابك الأيدي، باستثناء وزير واحد فقط هو وزير خارجيتنا سامح شكري.. وقد حاول البعض العثور على تفسير لذلك بالطبع.. وبغض النظر عن الاجتهادات الخاصة للعثور على هذا التفسير فإنه لا يمكن تجاهل أن وزير خارجيتنا سامح شكري، سارع إلى الإعلان أن مصر لا تدخل في أحلاف ضد أحد، بينما قدم وزير الخارجية الإسرائيلي اجتماع النقب بوصفه تجمعا لمواجهة إيران، وصواريخها الباليستية ومسيّراتها التي تطلقها في المنطقة منظمات مرتبطة بها أو تعد أذرعا لها.. وربما يكون هذا الموقف المصري الرافض للانخراط في أي أحلاف سببا لانتهاء اجتماع النقب دون إعلان بيان مشترك، أو اتفاقات بين المجتمعين، سوى الاتفاق على تكرار عقد هذا الاجتماع الذي ضم أمريكا وإسرائيل والمغرب والإمارات والبحرين ومصر مرة على الاقل كل عام، مع وعد من بلينكن وزير الخارجية الأمريكي بأن ينقل إلى البيت الأبيض المخاوف الإسرائيلية والعربية من اتفاق نووي مع إيران لا يشمل الصواريخ الباليستية الإيرانية ومسيّرات المنظمات المرتبطة بها. على كل حال فإن مشاركة مصر في اجتماع النقب تأخر الإعلان عنها، وقد يفسر ذلك أنه كان مطروحا أن يتم هذا الاجتماع في القدس، التي لم تقبل مصر أن تكون عاصمة لإسرائيل، وتؤيد دوما أن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية.. وربما احتاجت الإدارة المصرية بعض الوقت لدراسة أمر مشاركة وزير الخارجية المصري في الاجتماع أصلا، في ظل اعتبارات مختلفةَ منها ما يتعلق بالحرص على عدم التورط في حلف عربي إسرائيلي ضد إيران وهو أمر مرفوض رسميا وشعبيا، كما بدا في ردود الفعل المصرية على مواقع التواصل الإجتماعي.. ومنها ما يتعلق بالرغبة في تفادي صدامات الآن مع أمريكا في ظل حالة الاستقطاب الدولي الحالية بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، وحرص مصر على الاحتفاظ بعلاقاتها مع روسيا، وهو ما أشارت إليه واشنطن بوست مؤخرا، حينما فسّرت موقف الرئيس السيسي في هذه الأزمة، أن كل ما يهتم به هو مصلحة بلاده..
حرب محتملة
حرب أخرى يخشى من توابعها جلال عارف في “الأخبار”: الارتفاع الكبير في الأسعار العالمية للبترول والغاز حدث رغم أن حرب أوكرانيا لم تؤثر في الإنتاج حتى الآن، ورغم أن الغاز والبترول الروسيين ما زالا يصلان دول أوروبا بانتظام، ارتفاع الأسعار حدث بسبب الخوف من المستقبل، والإقبال المتزايد على عقد الصفقات خشية أن يحدث ما لا يحمد عقباه في هذا الشأن، مع استمرار الحرب والتصعيد في إجراءات المقاطعة. وحتى الآن قاومت دول أوروبا الضغوط الأمريكية لإيقاف استيراد الغاز والبترول من روسيا، كما فعلت الولايات المتحدة التي كانت تستورد كميات ضئيلة، بعكس أوروبا التي يعتمد اقتصادها على توفير الطاقة من روسيا بنسبة تصل إلى 40% من الغاز و30% من البترول، لكن الأزمة الحقيقية توشك أن تبدأ حين أعلنت الدول السبع الصناعية الكبرى عن رفض دفع ثمن مشترياتها من بترول وغاز روسيا بالروبل الروسي، كما قررت موسكو من جانبها ردا على العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها. جاء هذا الإعلان في الوقت الذي طلب فيه بوتين الإسراع في بحث إجراءات تطبيق القرار ليتم اعتمادها، ومع تأكيد جديد بأن روسيا لن تقبل من الدول غير الصديقة إلا الدفع بالروبل، وأن من رفض ذلك عليه أن يتحمل العواقب، لأن روسيا لن تضخ الغاز والبترول بالمجان، الموقف صعب على الطرفين.. روسيا غير مستعدة لخسارة المصدر الأول لإيراداتها من الصادرات البترولية، رغم مضاعفة الصين لمشترياتها منها. وهي أيضا حريصة على إبقاء ورقة الغاز والنفط في يدها بالنسبة لأوروبا، التي تمثل الشريك التجاري الأهم لها. وعلى الجانب الآخر فإن أوروبا ستدفع ثمنا فادحا إذا حدثت «القطيعة البترولية» بينها وبين روسيا. فهى لن تجد بسهولة البديل عن غاز وبترول روسيا، وإذا وجدت فبأسعار مضاعفة وبعد سنوات عديدة. والنتيجة كما قال وزير اقتصاد ألمانيا روبرت هابيك قبل أيام: إن الأمر لا يتعلق بإطفاء الأنوار مبكرا، بل بانهيارات في الشركات وبطالة كبيرة وخطر يهدد بترنح الاقتصاد الأوروبي ومعاناته من الركود الحاد لسنوات، هل تحدث القطيعة الكاملة بآثارها الوبيلة على الجانبين؟ أم أن المخاطر سوف تدفع الجميع نحو التهدئة وإيقاف الحرب؟ في انتظار الإجابة ستواصل أسعار الغاز والبترول صعودها المجنون، وسيكون على دول العالم أن تتحمل المزيد من فواتير صراع الكبار.. ومن أخطائهم.
لا بد من ضغط
أخيرا، والكلام لعبدالمحسن سلامة في “الأهرام”، اعترفت أمريكا بأن هناك عنفا يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين، وأنه من الضروري وقف هذا العنف. جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أثناء زيارته الأراضي الفلسطينية، وإسرائيل، مؤكدا ضرورة الدفع باتجاه التسوية على أساس حل الدولتين، والامتناع عن توسيع المستوطنات، ومواجهة عنف المستوطنين. من جانبه، انتقد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، ازدواجية المعايير الأمريكية، التي ظهرت بشكل صارخ في الأحداث الحالية (الحرب الروسية ـ الأوكرانية)، وقال إنه ما من أحد يحاسب إسرائيل على جرائمها، وإن ما يحدث في فلسطين لا يمكن السكوت عنه، والقانون الدولي لا يمكن أن يتجزأ. المفروض فعلا أن القانون الدولي لا يتجزأ، وأن الموقف من الحرب الروسية ـ الأوكرانية لا يختلف عن الموقف في الأراضي الفلسطينية. وأعرب الكاتب عن أمله في أن يكون الموقف الأمريكي الجديد موقفا ثابتا، ودائما، وغير مرتبط بالأزمة الروسية ـ الأوكرانية. آن الأوان لتحريك عجلة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل حدود الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. لن يتحقق ذلك إلا بوقف العنف ضد الفلسطينيين، ووقف الاستيطان «السرطاني» الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وإنهاء كل أشكال طرد الفلسطينيين من منازلهم، مثلما يحدث في حي الشيخ جراح.. وغيره من المناطق. لا بد من ضغط أمريكي جاد على إسرائيل إذا كان هناك تغير حقيقي في الموقف الأمريكي، والأيام المقبلة هي التي سوف توضح مدى صدق الموقف الأمريكي، أم أنه مجرد مناورة لتمرير الأزمة الروسية ـ الأوكرانية.
ثأر قديم
قد تكون معركة الغرب ضد روسيا الآن، بمناسبة الحدث الأوكراني أخيرا، وفق ما ذهب إليه محمد عبدالشفيع عيسى في “الشروق” بمثابة محاولة غربية لتصفية الحساب التاريخي مع روسيا التي توسعت (أكثر من اللازم) خصما من الرصيد الذهبي التاريخي للغرب الرأسمالي العالمي طوال قرون ثلاثة وزيادة. حدث ذلك التوسع في عهد الاتحاد السوفييتي السابق ومجموعته الاشتراكية الأوروبية وحلفائها الاشتراكيين (أو خصومها أحيانا) في آسيا وغير آسيا ـ بما فيه شبه الجزيرة اللاتينية كوبا. هذه روسيا التي يجب، أمريكيا، أن تعود إلى حِجْرها القديم، أي روسيا، (حتى دون بيلاروسيا)، بل يفضل أمريكيا تجزئة روسيا نفسها، وليس «الاتحاد الروسي» الواسع فقط (جمهورية روسيا الاتحادية)، ومن ثم تحويل هذا الكيان إلى كيانات لا تلتئم. فحينئذ سوف تتم تصفية الحساب من خلال ما يمكن اعتباره باللغة العنصرية الرائجة (الأخذ بالثأر)، وحينئذ لن تقوم قائمة (للعدو العنصري) المنظور له غربيا باعتباره العدو التاريخي حقا، أي روسيا.. فهل هذا صراع التاريخ البشري ما بعد العصرين القديم والوسيط، (العصر الحديث بتعبير أدق)، صراع الغرب مع الغرب، نزاع على الهوية إن شئت، أو «احتكار الهوية». فالغرب ـ الغرب، من وجهة نظر أوروبا بمعناها الواسع (شاملة أمريكا الشمالية)، يعتبر أن روسيا ينبغي ألا تكون من الغرب عمليا، رغم أنها كذلك حضاريا، إلى جانب تلامسها اللصيق مع العالم الآسيوي العريق.
فلننتظر لنر
انتهى محمد عبدالشفيع عيسى إلى هذه النتيجة المدهشة: هي حرب الغرب مع نفسه، ولم لا نقول حرب أوروبا مع نفسها. هي أوروبا التي صعدت على أعقاب الشرق، الشرق القديم (على محور مصر ـ الشام ـ شبه الجزيرة العربية ـ العراق) بما فيه الصين، ثم الشرق الوسيط ممثلا في العالم الإسلامي وقلبه العربي على كل حال. إنه عصر أوروبا المتطاول وعالمها الجغرافي الوسيع، تصفي حسابها مع نفسها مع (الأغيار)، أو الذين تعتبرهم كذلك، ولكنها مستعدة لتصفية الحساب بالحديد والنار مع (أبناء العم الروس). وما بين الغرب والغرب، تقف، الأقلية اليهودية والحركة الصهيونية، حائرة دون مصير محدد، شأنها في ذلك شأن الكيانات أو (الدول) الوظيفية عموما، «مخالب القط» في العالم المعاصر، وأشهرها ثلاثة، موظفة في الصراعات الاستراتيجية من خارجها وهي: الكيان الصهيوني إسرائيل، وتايوان، وأوكرانيا، تحاول الاستفادة من الطرفين أو جميع الأطراف. في المقابل (العالم الثالث السابق) ـ افريقيا وآسيا غير الأوراسية، والدول اللاتينية من (العالم الجديد) ـ سوف يأتي دورها المأمول بعد أن يزول عصر الغرب والشرق (شاملا هذا الشرق اليابان وكذلك الصين)، فيقوم عصر الجنوب. ذلك الجنوب كان شعارا في لحظة الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم وحتى التسعينيات، حين ساد مصطلح (الشمال الغني والجنوب الفقير). ولكن المصطلح ذهب مع الريح، ليحل محله غرب دون شريك، بعد انهيار السوفييت والاشتراكية، غرب (حقيقي) أمريكي، مقابل غرب (زائف) روسي ـ صيني، ثم ليصطدم الأصيل والزائف في حرب يشنها «الغرب الغرب» المزعوم دون هوادة، في حلقات متسلسلة، أحدثها حلقة أوكرانيا. إنها أوروبا تنتحر، بالمعنى التاريخى العميق، فإلى أين إذن؟ هذا ما نتطلع إلى استكناه سره في حيرة قلقة، وفي قلق حائر.. ولننتظر لنرى ما يكون عليه الحال بعد زمن بعيد أو غير بعيد، ومن يدري؟ لعله قريب.
البحث عن صيغة
هل تحولت الحرب لورطة بالنسبة لمن بدأها؟ سليمان جودة لديه ما يقوله في “المصري اليوم”: قيل من قبل ولا يزال يقال إن أي دولة تستطيع أن تذهب إلى الحرب، لكنها لا تستطيع أن تحدد لحظة العودة منها، وما صدر في 24 من هذا الشهر مارس/آذار على المستويين الروسي والتركي، يشير إلى أن ذلك صحيح.. وقد كان هذا اليوم يوافق مرور شهر كامل على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا. في موسكو قال سيرجي رودسكوي رئيس أركان حرب القوات المسلحة الروسية، إن خسائر قواته في الشهر الأول من الحرب التي بدأت في 24 فبراير/شباط، وصلت إلى 1351 قتيلا، و8325 مصابا.. وفي مساء اليوم نفسه الذي ذكر فيه رئيس الأركان الروسي هذه الأرقام، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قادما من اجتماع قادة حلف شمال الأطلنطي في العاصمة البلجيكية بروكسل، فقال إن على الغرب إتاحة نوع من الخروج المشرف للرئيس الروسي من الحرب الأوكرانية. ولا تعرف ما إذا كان مثل هذا التصريح من بنات أفكار أردوغان؟ أم أنه يطلقه بإيحاء من جهات روسية؟ لكن ما نعرفه أن هذه الحرب إذا كانت في حاجة إلى شيء في هذه اللحظة، فهذا الشيء هو ما يقترحه الرئيس التركي ويطرحه على الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما في الحرب. فالولايات المتحدة مارست حصارا مع حلفائها على روسيا لم يسبق له مثيل بين طرفين دوليين، وقد امتد الحصار إلى كل شيء تقريبا، ووصل الحظر إلى كل مستوى أيضا، ولا يتبقى سوى أن تحظر واشنطن على موسكو الشمس والهواء. وفي المقابل يتبين لنا من الأرقام المذكورة رسميا على لسان رئيس الأركان الروسي أن خسائر قواته كبيرة جدا، إذا ما قارنا بين الجيش الروسي والجيش الأوكراني، فلا وجه للمقارنة بينهما على مستوى أي عنصر من عناصر القوة.. ومع ذلك.. فخسائر القوات الروسية على مستوى الأفراد وحده تكاد تصل إلى 50 قتيلا في كل يوم.. وهذا يدل على أن الواقع في ميدان القتال فاجأ الرئيس الروسي بما لم يكن يتحسب له أو يتوقعه.
أخلاق الحرب
نبقى مع الحرب وسلوك المتحاربين بصحبة حسن أبو طالب في “الوطن”: الاتهامات المتبادلة وشيطنة الطرف الآخر ووصفه بأكثر الصفات السيئة، هي جزء طبيعي من أي حرب، وهدفها ببساطة أن يبرّر كل طرف مواقفه المتشدّدة وجذب التأييد الشعبي، إلى جانب التأثير في معنويات الخصم. وهو أمر نعيشه بالفعل مع تطورات الحرب في أوكرانيا. لكن هناك بعض الاتهامات لا تُطلق جزافا، لاسيما إذا توافرت أدلة يقينية أنها حقيقية، أو على الأقل قريبة جدا من الحقيقة، ما يستدعى موقفا مسؤولا من كل الأطراف المعنية، سواء دول أو مؤسسات دولية. وحين يغيب الاهتمام الدولي المسؤول عن فحص تلك الاتهامات، بل التغطية عليها، يُصبح من المهم أن نتساءل عن مغزى الأمر كله، وعن تجاهل السياسيين، خاصة الأوروبيين والمؤسسات الإعلامية الأكثر صخبا في العالم، لهذا الأمر الخطير. هناك الكثير من الشكوك حول التجاهل الغربي، لاسيما الأوروبي لما أعلنته موسكو عن اكتشاف برامج بيولوجية في عدد من المعامل في أوكرانيا، ممولة أمريكيا خاصة بنشر الأوبئة والأمراض عبر الطيور المهاجرة، ومن خلال تعديل الصفات الجينية لبعض الحشرات، لاسيما الطائرة، مثل البعوض، أو الزاحفة كالخنافس أو الطيور كالخفافيش، ناهيك من البراغيث، بما يجعلها آلية لنشر أمراض خبيثة في مساحات واسعة من العالم، أو في دول بعينها. وهنا لا تصلح لا حدود سياسية ولا نقاط مراقبة ولا أسلاك شائكة في صد واحتواء مثل هذه النواقل المُعدّلة وراثيا. هذه المخاطر الجسيمة على الوجود البشري ذاته، حتى لو كانت نظرية أو افتراضات، تدعمها بعض الوثائق وشهادات بعض العاملين في تلك المعامل، ثم يتم تجاهلها وإنكارها مسبقا، ودون تمحيص، فنحن أمام موقف غريب للغاية ومقلق في الآن نفسه، لاسيما أن ما يجري في أوكرانيا، إن صحت المعلومات الروسية، لن يقتصر تأثيره في روسيا وشعبها وحسب، بل في حياة البشر في أوروبا ذاتها بدرجة أكبر مما يمكن أن يحدث في مناطق أخرى من العالم.
شرور قديمة
تاريخيا والكلام ما زال لحسن أبوطالب استخدمت كل الدول الأوروبية، ومعها اليابان وأستراليا وسائل كثيرة لنشر الأوبئة والأمراض الفتاكة، كالطاعون والجدري والكوليرا وفيروسات مخلّقة كالجمرة الخبيثة، للقضاء على خصومهم وأعدائهم بأقل التكاليف الحربية. حدث هذا في افريقيا وفي آسيا وأجزاء من أمريكا اللاتينية وأستراليا على يد الاستعمار الغربي. ومعروف أنه تم تخليق فيروس الجمرة الخبيثة في أحد المعامل البريطانية 1940، وتم إلقاء قنبلة منها في جزيرة غرينارد الإسكتلندية النائية، ما أدى إلى هلاك كل مظاهر الحياة في الجزيرة، من الطيور والماشية، وبعدها تم إغلاق الجزيرة إلى الآن. وهي تجربة موثّقة دوليا، وتؤكد أن هذا النوع من الفيروسات يمثل خطورة جسيمة على الحياة ككل. وقبل يومين أعلنت الولايات المتحدة أنها ستُطلق أكثر من 2 مليار من ذكر البعوض المعدّل وراثيا، بحيث لا يلدغ الأجسام البشرية، في ولاية كاليفورنيا لتعديل سلوك إناث البعوض في حال حدث التزاوج، بحيث تصبح غير قادرة على لدغ البشر. وتبدو التجربة في صالح الإنسان ظاهريا، ولكنها تؤكد مخاطر التعديل الوراثي للحشرات، إذ ليس هناك ما يمنع أن يتم التعديل الوراثي لحشرة ما بغرض زيادة معدل الأذى الذي تسبّبه للإنسان. وفي كل الأحوال، فمن المهم أن تنشر المصادر الروسية الرسمية كل المعلومات الموثّقة حول التجارب البيولوجية التي حصلت على وثائقها من المعامل الأوكرانية، وبيان حجم الخطر الذي يُهدّد البشرية، وكيف يمكن احتواؤه. في الحروب، هناك الكثير من الأسرار، سواء في إدارة المعارك على الأرض أو في المفاجآت التي يعدها كل طرف للآخر. وفي عالمنا الراهن يتكشف الكثير من تلك الأسرار في حينها، وليس بعد حين من الزمن. ومنذ فترة قريبة تكاثرت التقارير والدراسات حول تكلفة الزيادة السكانية، لاسيما في بلدان ليست غربية وليست تابعة للغرب، على بقاء الحياة في كوكب الأرض، استنادا إلى ارتفاع الفجوات الغذائية في بلدان كثيرة، غالبا فقيرة ومحدودة الإمكانيات، وتراجع إنتاج المواد الغذائية العالمي بشكل عام، مقارنة مع ارتفاع الزيادة السكانية.
على حسابنا
أشاد سيد علي في “البوابة” بتصاعد نفوذ الإمارات: بهدوء وخُطا متأنية أصبحت الإمارات دولة مؤثرة إقليميا ودوليا في تطور طبيعي من الخلف للسلف، فقد نشأت هذه الدولة كحلم للوحدة العربية التي كانت مجرد شعارات للمنطقة خلال النصف قرن الماضي، وقد اتفق الآباء المؤسسون زايد وراشد على الاتحاد الثنائي، وقام كل منهما بمصافحة الآخر وصار الاتفاق من دون تواقيع ولا أوراق، فالاتفاق تم بالمصافحة وكلمة شرف، ومع هذا التزم به الجميع، وها هم يتوارثونه بين أولادهم بلا مساس، ومع أن المسألة قننت في عدة تشريعات لاحقة تمثلت في وثيقة تأسيس الاتحاد ودستور الاتحاد، ومن ثم الكثير من القوانين واللوائح المنظمة، إلا أن هذا لا يغير من مثالية الاتفاق الذي تم بالكلمة والشرف والمروءة، ووجد طريقه إلى الواقع قبل أن يسيل حبره على الأوراق، وهو ما جعل السبع إمارات، التي كانت تعتمد في بداياتها على صيد الأسماك واللؤلؤ، تشهد نموا اقتصاديا هائلا، مدفوعا بثروتها من النفط والغاز، وأصبحت محطة استقطاب مالية وسياحية في الخليج والشرق الأوسط. وتثير حالة الإمارات التجريبية صدى ذكريات القوى الصغيرة الأخرى عبر التاريخ التي هزمت منافسيها باستخدام أحدث تكنولوجيا العصر والقيادة الرشيدة. وقد تسلمت دولة الإمارات رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، وعلى جدول أعمالها العديد من القضايا الاعتيادية والناشئة، وإلى جانب الموضوع الأوكراني الذي يتصدّر العناوين، أكدت دولة الإمارات أنها لن تنسى هذا الشهر ملايين الأشخاص حول العالم وما يواجهونه من أوضاع في افريقيا والشرق الأوسط وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان، “ممن يحتاجون أيضا إلى انتباهنا كمجلس أمن وبدا واضحا من تحركاتها وخطابها الدبلوماسي أنها لم تعد قوة إقليمية وحسب، بل باتت قوة عالمية بفضل ما تمتلكه من “قوة ناعمة”، مكنتها من التأثير سياسيا في الولايات المتحدة وأوروبا، وأصبحت شريكا دوليا موثوقا به وقبلة للاستثمار الآمن بوصفها البلد الأكثر أمانا في العالم، عندما يتعلق الأمر بتجول الناس بمفردهم في الشوارع.
حظهم يشبهنا
مع موجات القلق التي تنتاب البيوت والقلوب من حين لآخر، تطرح تساؤلات حائرة حول مستقبل الأولاد والبنات في زمن صعب ظروفه الاقتصادية وأحواله الأخلاقية وأوضاعه الاجتماعية، وهي تساؤلات وصفها حسن القباني في “المشهد”، بأنها جد صعبة تتنوع إجاباتها بحسب تنوع البيئات والإمكانيات، ولكن تبقى إجابة مختصرة وشاملة من وجهة نظرنا وهي “الأثر الطيب”. وقد يكون الأثر الطيب، ذكريات طيبة إيجابية، ومعاملات حسنة، وسمعة ناصعة البياض، ومكارم أخلاق وكرم، وتدين جميل بشوش، وحرية راشدة مبصرة، كما قد يكون مالا أو عقارا أو ذهبا أو حيازات، ولكن المهم من وجهة نظرنا المنحازة لمفهوم الأثر الطيب، ماذا تركنا في قلوبهم وضمائرهم وعقولهم كي يستخدموا ما تركناه على نحو أفضل في الدنيا والآخرة؟ من هنا نبدأ الطريق، لضبط بوصلة مهمة في وعي الأسر والعائلات في ظل أي ظروف، فمن صحت بدايته طابت حياته وأشرقت أيامه وحسنت خاتمته وتجدد بالخيرات ذكره. نقطة البداية تكون في التربية الخلقية الإيجابية، فمن شب على شيء شاب عليه، وقد ثمن الفيلسوف سقراط هذه البداية قائلا: “التربية الخلقية أهم للإنسان من خبزه وثوبه”، مع الأخذ في الاعتبار حتى لا نقع أسرى للمثالية، ما قاله المفكر الراحل مصطفى السباعي: “الدين لا يمحو الغرائز ولكن يروضها، والتربية لا تغير الطباع ولكن تهذبها”. وترافق التربية ثقافة تحمل المسؤولية، وهو ما نصح به الفليسوف جان جاك روسو: “التحمل هو أول شيء يجب على الطفل تعلمه، وهذا هو أكثر شيء سيحتاج لمعرفته”، حتى لا يكون اعتماد الأطفال على عوائلهم كليا، مانعا طاقاتهم وجهودهم ووجودهم، وبالتالي عندما يكبرون تكون لديهم خبرات تمكنهم من تجاوز صعوبات الحياة.
مهب الريح
الأطفال تحت هذه المظلة، كما يرى حسن القباني، يحتاجون إلى نماذج أكثر منهم إلى نقاد، فكما يكون الأب يكون الابن، وكما تكون الأم تكون الابنة، إلا ما شاء الله، وهو ما يلقي ظلاله المهمة على عقلية الوالدين التي تتطلب استمرار رحلة الوعي، واضعين نصب أعينهم قوله تعالى: “وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا”. كما يفرض هذا الاتجاه على وسائل الإعلام والتعليم كذلك أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والوطنية في المساهمة في صنع قدوات إيجابية للأولاد والبنات، وليس عذرا أن القبيح صوته أعلى وقدراته أوسع، فالعملة الجيدة ستطرد الرديئة يوما، ولكن المهم هو استمرار الوعي. ومع هذا كله، وغيره، ينبغي أن لا يترك الأولاد في مهب ريح العوز والفقر، وكلما كان ذلك ممكنا ومتيسرا كان سترا وغطاء لهم من عواقب المستقبل المبهم، وفي الفقه الإسلامي سؤال متكرر عن هذا، وكانت الإجابة ذات مضمون واحد: “ترك الورثة أغنياء خير من تركهم فقراء”، وفي هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّكَ أن تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أن تَذَرَهُمْ عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ”. شهر رمضان المبارك الذي يحل بعد أيام ـ كل عام وأنتم بخير- فرصة لنترك في أبنائنا ثمرة من ثمار المستقبل، برا وصلة رحم ومكارم أخلاق وتقربا إلى الله عز وجل، مع إشراكهم المتدرج في تحمل المسؤوليات الرمضانية ولو بسيطة، ومن بدأ لم يتأخر، من أجل غد أفضل.
من عرف وصل
قبيل أيام قلائل من الشهر الفضيل انتابت محمد علي الهواري في “الوفد” حالة من الزهد: اعلم أيها المريد أن أعدى أعدائك هو نفسك التي بين جنبيك، فإذا فطنت وانتبهت بدأ مسيرك الشاق إلى سبيل السالكين المحفوف بعقبات جسام تنجو منها أولا بفضل من الله ونعمة، وثانيا لا يلقاها إلا الذين صبروا بتهذيب روحك ونفسك بالتخلى طوعا عن عظائم الكبائر وسفاسف الصغائر، وبالتجرد الكامل لمشيئة القهار، والبذل كرما من عوائد الأبرار. فلا بدّ للوصول من اتّباع الأصول، ومن لم يتّبع الأصول لا يبلغ الوصول. ولا يكون وصول إلا بعد قبول، ولا يكون قبول إلا من خلال الدخول من حضرة الرسول الأعظم، فالغاية من ترويض النَفْس أن تُسقى النَفْس من كأس التقوى، وهذا يتطلب كما قال علي الخواص: لا تسلكن طريقا لست تعرفها.. بلا دليل فتهوى في مهاويها. فحظوة الخلوة نزعة روحية سامية يلجأ إليها العاقل الصادق، ويمارسها الراشد الواعي، ويتجنبها اللاهي الماجن، ولا يقدرها المستخف العابث لأنها ومضات صدق ولحظات مكاشفة تكون فيها النفس على طبيعتها وسجيتها، دون مساحيق تجميل زائفة أو أقنعة مخادعة كاذبة، فهي فرصة ليسمع الإنسان من نفسه، ويتحاور معها، ويسألها ويحاسبها، لمعرفة الحقيقة، والوقوف على أصل الأشياء فهي فرصة للمراجعة والتوبة، ووسيلة للكف والندم، إذ لا أصدق من التوبة التلقائية، فهى نهج الصالحين، وسلوك العارفين، ودرب الحكماء والعاملين، وهى سنة سيدنا الأمين، وفطرة الأنبياء والمرسلين. فاللهم صل على شجرة الكون، وأصل إمداد العون شريان وداد المحبّين ونور بصيرة العارفين، وخلايا وجود العاشقين طبّ القلوب ودواؤها، وعافية الأبدان وشفاؤها، ونور العيون وضياؤها، وحبيب الأرواح وغذاؤها السراج المنير النور البشير طه الطاهر المطهّر صاحب اللواء المعقود والحوض المورود.
شامخ على بيكا
القضاء المصري الشامخ حكم لصالح الذوق العام، انتصر لقيم وتقاليد المجتمع المصري، رفض الأغاني الهابطة المدمرة لأذواق الشباب، كما يرى الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار”: قال كلمة الحق في قضية شغلت الرأي العام كثيرا. حسمت المحكمة الاقتصادية في الإسكندرية بمعاقبة كل من حمو بيكا وعمرو كمال بالحبس سنة وكفالة 10 آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ، لكل منهما، وغرامة 10 آلاف جنيه، في واقعة التعدي على القيم والمبادئ الأسرية واستغلالهما مقطع فيديو للرقص والغناء للربح منه بسبب فيديو «إنتي معلمة». أتمنى أن يتم الحبس ليكون رادعا لكل من تسول له نفسه الخروج عن قيم وتقاليد الفن الأصيل، لكن هناك كفالة لوقف التنفيذ، وطبعا الاستئناف وخلافه. صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد حسين الحداد وعضوية المستشار محمد مبروك والمستشار محمد قنديل والمستشار شريف منصور. في الحكم نفسه قضت المحكمة ببراءة الراقصة البرازيلية لوردينا. وكانت نيابة الشؤون المالية والتجارية قد باشرت التحقيقات بقيام كل من مؤدي المهرجانات حمو بيكا وعمرو كمال والراقصة البرازيلية لوردينا ببث مقطع فيديو خادش للحياء على مواقع التواصل الاجتماعي. وجهت لهم النيابة تهمة الإخلال بالآداب الاجتماعية وسوء استخدام وسائل الاتصال والإنترنت، وأُرفقت بالمحضر صور وحسابات المتهمين، التي تم بث الفيديوهات عليها، وإثبات التربح منه وكسب أموال طائلة. وكان طارق مرتضى المستشار الإعلامي لنقابة المهن الموسيقية قد أعلن أن حمو بيكا فشل في اختبارات نقابة المهن الموسيقية. وقال: «ما بيننا النيابة ونثق في القضاء المصري. وما يحدث من مطربي المهرجانات الشعبية هراء وإسفاف». يجب أن نقدر الفن المصري الذي أثر إيجابيا في أخلاق الشعوب العربية، ومثل القوة الناعمة لمصر في الخارج.