أميركا والشرق الأوسط… بين الحسم والحوار

كتبت د. دانة العنزي في صحيفة الراي.
تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط تحولات كبيرة في الآونة الأخيرة، حيث توازن أميركا بين استخدام القوة العسكرية ومسارات الدبلوماسية الهادئة. هذا التداخل بين الحسم العسكري والحوار يمثل التحدي الأكبر في ظل تقلبات الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة.
أحد أبرز المشاهد هو التأثير الأميركي المباشر على الأمن الإقليمي، خصوصاً مع التصعيد العسكري المستمر ضد الجماعات المدعومة من إيران.
عمليات من هذا النوع تأتي في سياق تعزيز الردع ضد تهديدات مثل الحوثيين في اليمن أو الجماعات المسلحة الأخرى. هذه التحركات تثير القلق إزاء احتمال تصاعد الأزمات في المنطقة، خصوصاً في ظل التحديات الأمنية المتزايدة التي تشهدها دول الخليج.
إلى جانب هذا، هناك جهود دبلوماسية جادة لإعادة تنشيط المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل يضمن استقرار المنطقة على المدى الطويل. في هذا السياق، لا يمكن تجاهل التوترات المستمرة بين طهران وواشنطن، ورغم الجهود الدبلوماسية، فإن المواقف لا تزال بعيدة عن نقطة التقاء.
على الجانب الآخر، يسعى المسؤولون الأميركيون لتعزيز علاقاتهم مع الدول الخليجية من خلال إستراتيجيات اقتصادية وأمنية تهدف إلى خلق توازن في التعامل مع القوى الإقليمية الأخرى مثل الصين وروسيا. هذه العلاقات تركز على التعاون في مجالات النفط، الدفاع، والاقتصاد، مع التأكيد على أهمية الاستقرار في المنطقة لتحقيق مصالح مشتركة.
وبينما يزداد الحديث عن حسم الملفات الساخنة من خلال القوة العسكرية، يظهر على السطح أيضاً دور الحوار باعتباره السبيل الأوحد لتحقيق استقرار طويل الأمد. لكن يبقى التحدي الأكبر هو كيفية إيجاد مساحة للتفاهم في ظل صراع المصالح المستمر بين القوى الكبرى في المنطقة، بما في ذلك التدخلات العسكرية والأيديولوجيات المتباينة.
إنّ مسار العلاقات الأميركية في الشرق الأوسط اليوم لا يقتصر على المسائل العسكرية فقط، بل يتعداها إلى محاولة جادة لتطوير أسس إستراتيجية جديدة تتمحور حول الدبلوماسية والتعاون. ولكن في الوقت ذاته، تستمر التوترات الأمنية والاقتصادية التي قد تعيد خلط الأوراق، وتترك المستقبل مفتوحاً على احتمالات متعددة.