رأي

ألم يأنِ الأوان يا حكومة؟

كتب حمد سالم المري في صحيفة السياسة.

شخصيا لم يفاجئني حل مجلس الأمة، فقد توقعته منذ اليوم الأول لانعقاده، ولن يفاجئني حل المجلس في المستقبل، لأن الوضع العام في الدولة أصبح معقدا جدا، بسبب انتشار الفساد، واذكاء الروح الطائفية، والقبلية، وتغلل الأحزاب السياسية بشتى توجهاتها الفكرية في أروقة الدولة، مما أدى إلى انعكاس ذلك على مخرجات انتخابات مجلس الأمة، بحيث يكون الفوز إما لحمية لقبيلة، أو تعصب طائفي، أو تحيز حزبي، أو دعم تجار، فأصبح المجلس ساحة للتكسب، والتصفيات السياسية.
لن يصلح حال البلاد.
ولو تم إجراء مليون انتخاب ما دام هذا وضعنا الذي نعيش فيه، بل سنزداد تخلفا عن ركب التطور في المنطقة، فجميع دول الخليج العربية تعيش استقرارا سياسيا، وتطورا في كل الميادين، وذلك كون ليس لديها مجلس منتخب يستطيع الفوز في عضويته من هب ودب بسبب قبيلته، أو طائفته، أو حزبه، بل لديها مجالس، إما يتم تعيين أعضائها بالكامل من رئيس الدولة، ويكونون من حاملي شهادات اكاديمية من ذوي الاختصاص، وإما نصفها يتم تعيينه من رئيس الدولة، والنصف الأخر ينتخب من الشعب، على أن يكونوا من حملة الشهادات الأكاديمية.
من يشاهد الدول العربية التي فيها برلمانات منتخبة بالكامل من الشعب، يجدها غير مستقرة سياسيا، تعج بالمشكلات الداخلية، ويكثر فيها في الفساد بشتى الصعد، عكس الدول التي فيها مجالس شورى.
لكي نصلح حال البلد، يجب علينا أولا تعديل بعض بنود الدستور، مثل جعل الشريعة الإسلامية مصدر السلطات بدلا من الشعب مصدر السلطات، لأن الله تعالى خالقنا، وهو أعلم بما يصلح لنا، جعل الشريعة الإسلامية دينا نتعبد به ونتحاكم به، كما أن البشر أصحاب أهواء، يتأثرون بأهوائهم، وأنفسهم الأمارة بالسوء، ووسوسة الشيطان لهم ليغويهم، فكيف لهم أن يكونوا مصدرا للسلطات؟
كما آن الأوان لإعادة صياغة بنود الدستور المتعلقة بمجلس الأمة، ليكون إما بالتعيين كاملا من ولي الأمر، وفق شروط كأن يكون أعضاؤه حاملين شهادات أكاديمية في تخصصات تحتاجها الدولة، وأن تكون سلطة المجلس في التشريع والرقابة، وأي مخالفات قانونية يتم تحويلها من المجلس الى النيابة العامة، وأي تجاوز سياسي يتم تحويله الى الأمير ليبت فيه، وليس كما هو معمول به حاليا، من أن يكون من شروط المرشح القراءة والكتابة، ومن حق المجلس محاسبة الحكومة بالاستجوابات التي اتخذت أداة للابتزاز السياسي.
كما آن الأوان لتشكيل لجان متخصصة لإعادة صياغة كل القوانين القضائية، سواء أكانت قوانين مدنية، أو تجارية، أو جنائية.
كما يجب إعادة صياغة القوانين التنظيمية على الأصعدة كافة، من مرور، وإسكان، وصحة، وتعليم، وإعلام، وغيرها من قوانين لتواكب العصر، ولا نكتفي بتعديل هذه القوانين التي للأسف صيغ الكثير منها في ستينيات القرن الماضي.
وأخيرا، آن الأوان للضرب بيد من حديد، وإعادة هيبة الدولة، وهيبة القوانين، وأن يكون هناك قائد واحد فقط يقود السفينة، وليس كما نعيشه حاليا، من وجود الكثير من الزعامات المتناحرة التي ترى نفسها هي القائد الوحيد الذي يجب أن يسمع له ويطاع، وقطع دابر كل من يحاول اثارة الفتن في البلاد، مستخدما الإعلام، وقنوات التواصل الاجتماعي لبث الشائعات، ونشر الشتائم والسباب، وحتى من ينشر أخبار الحكومة والدولة من دون إذن، أو صفة رسمية، مثل ما تفعل باقي دول الخليج العربية التي سبقتنا للأسف في جميع المجالات، لأنها حازمة وعادلة في تعاملها مع كل من يسكن أرضها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى