اقتصاد ومال

ألمانيا تُنهي إعداد موازنة 2025 باستثمارات دفاعية قياسية

الاقتصاد يظهر مؤشرات انتعاش ضعيفة مع توقع نمو 0.2 % هذا العام

أفادت مصادر مطلعة بأن لجنة الموازنة الألمانية أتمّت صياغة موازنة عام 2025، والتي تتضمن استثمارات قياسية تهدف إلى دعم الاقتصاد، إلى جانب التزام قوي بالإنفاق الدفاعي.

وتعمل ألمانيا هذا العام بموازنة مؤقتة بعد انهيار الائتلاف الحاكم السابق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ما لم يترك وقتاً كافياً لإقرار خطط الإنفاق لعام 2025. وستُعرض الموازنة التي أُنجزت يوم الخميس على البرلمان للمصادقة لاحقاً هذا الشهر.

وتبلغ الموازنة الأساسية، التي يبلغ إجمالي إنفاقها 502.5 مليار يورو (588.28 مليار دولار)، استثمارات بقيمة 62.7 مليار يورو، وفق وثيقة اطلعت عليها «رويترز»، مع تغييرات طفيفة عن مسودة أقرها مجلس الوزراء قبل العطلة الصيفية. ويمكن تمويل هذه الزيادة بفضل صندوق خاص للبنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو، وإعفاء من قواعد الديون للإنفاق الدفاعي الذي أُقرّ في مارس (آذار).

وبإضافة الاستثمارات الإضافية من صندوق البنية التحتية وصندوق الدفاع الخاص بقيمة 100 مليار يورو الذي أنشأه المستشار السابق أولاف شولتس عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، يصل إجمالي الموازنة إلى 591 مليار يورو. وتشير الوثيقة إلى أن الموازنة الأساسية تتضمن اقتراض 81.7 مليار يورو لعام 2025، فيما يرتفع إجمالي الاقتراض إلى 143.1 مليار يورو عند إضافة 37.2 مليار يورو من صندوق البنية التحتية و24.1 مليار يورو من صندوق الدفاع.

وانتقد حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني، المعارض الرئيسي في البرلمان، تخفيف قيود «كبح الديون»، التي كانت تحدّ من الاقتراض إلى 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال مايكل إسبينديلر، خبير الموازنة في الحزب، يوم الجمعة في برلين: «لا يمكن للحكومة أن تُنفق المال على كل مشكلة في ألمانيا. هذا لن يحل المشاكل، بل سيؤجلها فقط».

وفي سياق متصل، أظهر الاقتصاد الألماني مؤشرات على الخروج من ركود طويل الأمد، إذ من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 في المائة في عام 2025، وفق توقعات المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية التي صدرت يوم الجمعة، وهو تراجع عن التوقعات السابقة البالغة 0.3 في المائة في يونيو (حزيران).

وقالت جيرالدين داني-كنيدلك، كبيرة الاقتصاديين في المعهد: «يتعافى الاقتصاد الألماني، خلافاً للمعتاد، ليس بفضل التجارة الخارجية القوية، بل نتيجة القوى المحلية – وخاصة توسع القطاع العام». وأضاف المعهد أن هذا الانتعاش من المتوقع أن يحظى بدعم حزمة تمويل عامة لمشاريع البنية التحتية والمناخ، وزيادة الإنفاق الدفاعي، إلى جانب حوافز ضريبية تهدف إلى تحفيز الاستثمار المؤسسي.

ويتوقع المعهد أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.7 في المائة في عام 2026 و1.8 في المائة في عام 2027، مع تولي الطلب المحلي دور المحرك الرئيسي للنمو، ما يعوّض جزئياً تباطؤ مساهمة صافي التجارة. ومع ذلك، يُتوقع أن تحدّ التحديات الهيكلية طويلة الأمد، مثل ضعف ديناميكيات الإنتاجية، ونقص العمالة، وارتفاع تكاليف الطاقة، من هذا الزخم على المدى الطويل. وقالت داني-كنيدلك: «سيُخفي التأثير الإيجابي للأموال العامة الضخمة، خلال السنوات القادمة، المشكلات الهيكلية التي تواجه النمو في ألمانيا».

انخفاض مفاجئ للطلبات الصناعية

في الوقت نفسه، أظهرت بيانات يوم الجمعة انخفاضاً غير متوقع في الطلبات الصناعية الألمانية خلال يوليو (تموز)، نتيجة تراجع الطلبات واسعة النطاق. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أن الطلبات الصناعية انخفضت بنسبة 2.9 في المائة مقارنة بالشهر السابق على أساس موسمي وتقويمي، في حين أشار استطلاع أجرته «رويترز» لآراء المحللين إلى توقعات بارتفاع نسبته 0.5 في المائة.

وبلغ الانخفاض في الطلبات الشهر الثالث على التوالي، مما دفع المؤسسات الاقتصادية الرائدة في البلاد إلى تعديل توقعاتها للنمو لهذا العام والعام المقبل بالخفض. وقالت وزيرة الاقتصاد الألمانية كاترينا رايشه: «لا نحتاج إلى مزيد من الإشارات التحذيرية لندرك ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة الآن ومواءمة جميع سياساتنا بما يتماشى مع القدرة التنافسية».

وعند استبعاد الطلبات واسعة النطاق، سجلت الطلبات الجديدة ارتفاعاً بنسبة 0.7 في المائة عن الشهر السابق. ومع ذلك، أشار سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في «بنك هامبورغ التجاري»، إلى أن الطلبات الواردة ظلت أقل من المتوسط طويل الأجل منذ بداية عام 2024، مضيفاً: «بالإضافة إلى ذلك، تُعد العقود الكبيرة مهمة أيضاً للشركات الصغيرة لأنها تولّد طلبات متابعة للموردين».

وأظهرت المقارنة الأقل تقلباً على أساس شهري أن الطلبات الجديدة في الفترة من مايو (أيار) إلى يوليو كانت أعلى بنسبة 0.2 في المائة عن الأشهر الثلاثة السابقة. وبعد مراجعة البيانات الأولية، انخفضت الطلبات الجديدة في يونيو بنسبة 0.2 في المائة بدلاً من انخفاضها بنسبة 1 في المائة، نتيجة تصحيح بيانات شركة كبيرة في صناعة السيارات.

ويتوقع «كومرتس بنك» انتعاش الطلب على السلع الصناعية الألمانية في الأشهر المقبلة، معزَّزاً بتخفيضات أسعار الفائدة العالمية التي أجرتها البنوك المركزية، ولا تزال الشركات الألمانية تحتفظ بمكانة قوية في السوق العالمية. وصرح رالف سولفين، كبير الاقتصاديين في البنك: «مع ذلك، يشير التحسن المتردد في طلبات الشراء إلى أن هذا الانتعاش سيكون معتدلاً».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى