رأي

أكراد سوريا.. توجس من غدر الشركاء ومخاوف من تخلي الحلفاء

كتبت كاثرين شير في DW.

مثلت الاشتباكات التي اندلعت بين الفصائل الموالية لأنقرة ومجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” واحدة من أكبر المشاكل المحتملة التي قد تعرقل الانتقال السلمي في سوريا في مرحلة ما بعد نظام بشار الأسد.

وأسفرت الاشتباكات عن مقتل وإصابة المئات من الطرفين. وأعلن مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، التوصل إلى هدنة برعاية أمريكية.

وقال في بيان: “هدفنا هو وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية والدخول في عملية سياسية من أجل مستقبل البلاد”.

وفي بادرة حسن نية، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية قرارها الأسبوع الماضي رفع علم الاستقلال السوري، الذي رفعه السوريون منذ خروجهم في تظاهرات سلمية مناهضة لدمشق في العام 2011، على جميع مقراتها ومؤسساتها، معتبرة أنه “يحق للسوريين الاحتفاء بانتصار إرادتهم في إسقاط هذا النظام الجائر”.

ورغم ذلك، يواجه الأكراد السوريون في الشمال الشرقي ما يمكن اعتباره “أزمة وجود”، بحسب مراقبين.

ماذا يحدث في شمال شرق سوريا؟

تجمد القتال لسنوات؛ إذ كانت ترغب الفصائل المعارضة التي تسيطر على مناطق مختلفة في الشمال في عدم الاشتباك.

بيد أنه خلال الأيام القليلة الماضية، تجدد القتال مرة أخرى. فبعد سقوط نظام الأسد، حاول مقاتلو ما يُعرف بـ “الجيش الوطني السوري” التقدم صوب المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.

وتعارض الحكومة التركية تمركز الأكراد على حدودها، حيث تراهم مصدر تهديد في ضوء الصراع الممتد منذ عقود بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.

ومع تقدم الفصائل المدعومة من تركيا، فقدت قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، بعض مناطق سيطرتها.

يشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية قد خاضت بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف أيضا بـ”داعش” بقيادة واشنطن معارك ضارية ضد مسلحي التنظيم في شمال سوريا وشرقها. وتمكنت من إسقاط خلافته المزعومة ودحره من آخر مناطق سيطرته عام 2019.

من هم الأكراد؟

يعتبر الأكراد من إحدى أكبر القوميات التي لا تملك دولة مستقلة. وفي حالة قيام دولة كردية، فسوف تكون في مناطق ذات الأغلبية الكردية في العراق وإيران وسوريا وتركيا.

وقامت حركات كردية تدعو للاستقلال في هذه الدول سواء لنيل الاستقلال أو الحكم الذاتي، فيما حققت بعض النجاحات لا سيما في العراق.

لجأ  حزب العمال الكردستاني  إلى العنف لتحقيق أهدافه.

وفي سوريا، وبعد عام من اندلاع الانتفاضة عام 2011، انسحبت قوات النظام السوري من المناطق ذات الأغلبية الكردية في الشمال دون قتال يذكر.

ولم تمر تلك الخطوة مرور الكرام؛ إذ أعرب قادة المعارضة عن رفضهم لمنطق أن يكون الأكراد مستقلين مع التأكيد على ضرورة وحدة سوريا.

تزامن هذا مع إثارة بعض المزاعم التي زعمت – دون سند – أن الأكراد قد “خانوا” الثورة وهدفها الرئيسي المتمثل في إسقاط نظام الأسد عبر الحفاظ على حيادهم في مقابل تحقيق هدف الاستقلال الكردي.

وتسببت مثل هذه المزاعم وعدم انخراط الأكراد في قتال عنيف ضد قوات الأسد، في إثارة توترات بين السوريين العرب من جهة والسوريين الأكراد من جهة أخرى.

ومع اندلاع القتال ضد “داعش”، عمد أكراد سوريا إلى توسيع مناطق سيطرتهم بما في ذلك مناطق ذات أغلبية عربية مثل الرقة ودير الزور، ما أثار احتجاجات من السكان.

يبدو أن قضية استمرار التحالف الأمريكي من بين الأسئلة الملحة في الوقت الراهن خاصة مع عودة الرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى وسط مخاوف أن تقدم الإدارة الامريكية الجديدة على سحب القوات الأمريكية من سوريا بالكامل ما يعني ضمنيا التخلى عن الأكراد.

ويتمركز في الوقت الراهن نحو 900 جندي أمريكي في سوريا.

ماذا بعد؟

يقدر أن حوالي 4.6 مليون شخص يعيشون في منطقة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي يسيطر عليها الأكراد وتُعرف بـ “الإدارة الذاتية الديمقراطية” أو “روج آفا” – التسمية الكردية – التي تأسست في يناير/كانون الثاني.

ومنذ تجدد القتال، قدرت الأمم المتحدة نزوح أكثر من مئة ألف شخص من المنطقة جلهم من الأكراد.

وتذخر المناطق التي يسيطر عليها الأكراد بمعظم حقول النفط في سوريا وكانت أيضا منتجا رئيسيا للقمح حيث أطلق عليها اسم “سلة قمح سوريا”.

وفي ضوء ذلك، فإن السيطرة على هذه الحقول سيكون أمرا بالغ الأهمية لحكام سوريا الجدد حيث سيساعد ذلك في تعزيز اقتصاد البلاد المدمر.

ويرى خبراء أن رغبة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي، يتجاوز أهداف تركيا لإبعاد الأكراد عن الحدود، حيث يتعلق الأمر أيضا بالنفوذ مع تشكيل الحكومة الجديدة.

يُشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تدير العديد من السجون يقبع داخلها مسلحون سابقون من داعش.

وفي السابق، هدد مقاتلو “قوات سوريا الديمقراطية” بترك هذه السجون دون حراسة إذا تعرضوا لهجوم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى