أصوات الرعب في أوكرانيا

كتب حسين الراوي في صحيفة الراي.
الناس في مختلف المناطق الأوكرانية أكثر صوت تعرفه وتحفظه الآن في زمن الحرب هو صوت الطائرات المسيرة من نوع شاهد الإيرانية، وباقي الأنواع الأخرى التي يستخدمها الروس.
صوت الرعب الذي يصدر من تلك الطائرات المُسيرة بدون طيار جعل الناس في أوكرانيا تشعر فجأة بالصدمة والرعب فور سماع أي صوت يشبه صوت تلك الطائرات! حتى وإن كان ذلك الصوت صادراً مثلاً من دراجة نارية أو مكنسة كهربائية أو مقص زراعي يعمل بالبنزين أو صوت طاحونة أوتوماتيكية تطحن الحبوب، أو أي شيء آخر من تلك الأدوات التي يتعامل معها الأوكرانيون في حياتهم اليومية.
تقول إحدى الصديقات الأوكرانيات لي، إنها مع كلبها الصغير في ضحى يوم من أيام الحرب كانت تمارس رياضة المشي في أحد المنتزهات العامة القريبة من سكنها، وفي لحظة سمعت صوت طائرة مسيرة من بعيد تدريجياً يقترب منها!
فأصابها الهلع على الفور وانبطحت على الأرض دون تردد، وأخذت تزحف على بطنها بسرعة وهي محتضنة كلبها إلى أن وصلت تحت إحدى الأشجار!
فأخذ الصوت يقترب منها شيئاً فشيئاً، فزاد هلعها، وأخذت تسمع دقات قلبها بوضوح شديد! وكأن قلبها ينبض في داخل أُذنيها وليس في داخل صدرها!
فلما اقترب منها الصوت على بعد أمتار قليلة أخذت تبكي وتصيح، وتطلب من الرب الغفران والرحمة! وألصقت وجهها على الأرض باستسلام وهي تتمنى أن ترى والدها ووالدتها وأصدقاءها من جديد، وأن تعود مرة أخرى لقراءة الكتب والتسوق وشرب القهوة وأكل الكاكاو، وأن تؤدي المزيد من الصلوات في الكنيسة، وكانت حينها تسيل عيناها بالدموع؛ حيث إن صوت الرعب وصل إليها!
وبعد لحظات فجأة سمعت صديقتي صوتاً يسألها: هل أنتِ بخير؟ ماذا حدث لك؟! لماذا أنتِ منبطحة هاهنا وتلصقين وجهك على الأرض؟!
فلما فتحت صديقتي عيناها ووضعت كفيها على الأرض ورفعت رأسها، لم تعد تسمع صوت الرعب ذلك! ووجدت أن من كان يقف أمامها ويكلمها هو العامل المكلف بقص وترتيب وتزيين أغصان وأوراق شجر المنتزه، وممسكاً في يده بالمقص الآلي الذي كان يصدر صوتاً يشبه صوت الطائرة المسيرة!
اللعنة على الحرب التي جعلت الخوف والسخرية يجتمعان في صوت واحد!