كتب الكسندر نازاروف في “روسيا اليوم”:
نظرياً، سوف يكون بإمكان الغرب بمرور الوقت استبدال النفط والغاز الروسيين بمصادر أخرى، في غضون 5-10 سنوات. لكن ليس قبل ذلك، ومن الناحية النظرية فقط.
إن الوضع بالنسبة للغاز في أوروبا سيء للغاية. ولن يكفي بناء محطتين إضافيتين لاستقبال الغاز المسال في ألمانيا، بل من الضروري ظهور إنتاج إضافي للغاز بالكميات المطلوبة في العالم. لهذا فلسنا بحاجة هنا للخوض في التفاصيل، ويكفي القول بأنه من المستحيل عملياً، وحتى تقنياً، استبدال الغاز الروسي خلال 5-10 سنوات مقبلة على الأقل.
قد يكون من الأسهل نظرياً استبدال النفط الروسي، والقيام بذلك في وقت أقرب من موعد استبدال الغاز، إلا أن ذلك أيضاً لن يكون قريباً، حيث أن اللاعبين الرئيسيين إما غير قادرين أو غير راغبين في زيادة إنتاجه.
لقد أنتجت روسيا 9.46 مليون برميل من النفط يومياً في عام 2020، صدرت منها حوالي 4.65 برميل يومياً.
في أكتوبر 2002، وفي ذروة إنتاجها، أنتجت فنزويلا ما يقرب من 3 ملايين برميل يومياً. في يناير 2022، أنتجت 0.67 مليون برميل يومياً، بينما بلغت صادراتها 0.49 مليون برميل يومياً في عام 2020، بعد أن دمّرت الولايات المتحدة الأمريكية صناعة النفط في فنزويلا، ولاستعادتها سوف يستغرق الأمر سنوات وعشرات المليارات من الدولارات.
تبدو إيران في وضع أفضل قليلاً، حيث بلغت ذروة إنتاجها في يوليو 2005، واقترب إنتاجها من 4 ملايين برميل يومياً. وفي يناير 2002، أنتجت 2.5 مليون برميل يومياً، وصدرت 0.4 مليون برميل يومياً. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يكون هناك بعض النفط المصدر إلى الصين، دون أن ينعكس ذلك على الإحصائيات. لكن قدرتها على زيادة إنتاج النفط هي الأخرى محدودة.
من جانبها، أنتجت المملكة العربية السعودية 10 مليون برميل يومياً في شهر يناير 2022، ويمكنها بسهولة زيادة الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل في اليوم، بينما بلغت صادراتها 6.66 مليون برميل يومياً.
أي أنه من الممكن تقنياً الشروع، على الأقل، في الاستبدال التدريجي للنفط الروسي.
ومع ذلك، فقد اتخذت المملكة العربية السعودية، إلى جانب دول الخليج الأخرى، موقفاً متشدداً رافضاً لزيادة الإنتاج، يرجع السبب في ذلك لما شرحته من قبل في مقال سابق.
تقوم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بزيادة إنتاج النفط، ولكن بشكل طفيف، الأمر الذي يثير الدهشة لعدم إنتاج النفط بقوة على خلفية الارتفاع الشديد لأسعار النفط.
وبالتالي، فمن الممكن نظرياً استبدال النفط الروسي، إلا أن ذلك يتطلب هو الآخر وقتاً واستثمارات ضخمة.
من الناحية النظرية، يمكن للغرب إعادة توجيه تدفقات الطاقة قسراً إلى أوروبا، لكن ذلك محفوف بمخاطر صراع عسكري مع الصين وانهيار الاقتصاد العالمي بسبب أزمة للطاقة في البلدان النامية. وحتى إذا ذهب الغرب إلى مثل هذا السيناريو، فلن يكون قبل عامين.
ومع ذلك، فتلك كلها افتراضات نظرية. عملياً، ظل الغرب، طوال عام 2021، يردد لمصدري النفط أن مصادر الطاقة الأحفورية هي خيار الأمس، ولن يحتاج أحد إلى النفط والغاز في غضون عقد أو عقدين من الزمان…
فإذا كان بايدن يرغب حقاً في النجاح، فعليه ألا يبدأ بمحاولاته العاجلة للتصالح مع فنزويلا وإيران اللذين دمرتهما واشنطن، وإنما بإلغاء “المبادرات الخضراء” البغيضة، التي تسعى لرفض الوقود الأحفوري.
كذلك فإنه، وفي سياق الانهيار الحتمي للنظام المالي العالمي، سيكون هناك انخفاض في الإنتاج الصناعي، وبالتالي انخفاض في استهلاك موارد الطاقة.
بمعنى أنه حتى المستويات الراهنة لإنتاج النفط والغاز ستكون مفرطة للغاية، وسيتعين على البلدان المصدرة في العامين المقبلين خفض إنتاج النفط والغاز بدلاً من زيادته.
نتيجة لذلك، فهناك عدد قليل جداً من شركات النفط والمستثمرين في العالم على استعداد للاستثمار في زيادة إنتاج النفط، نظراً لأن أحداً لن يحتاج كل هذا النفط في غضون سنة أو اثنين أو ثلاثة، حيث سيؤدي ذلك لا إلى خسارة أموالهم المستثمرة فحسب، بل سيقلل فائض النفط كذلك عوائد استثماراتهم القديمة.
في الوقت نفسه، ليس لدى الغرب 5 سنوات ليستبدل النفط والغاز من روسيا، فذروة الأزمة الاقتصادية العالمية، في رأيي المتواضع، ستحدث هذا العام أو في العام المقبل.
لذلك، فأنا متفائل للغاية بنتيجة المواجهة الروسية الأمريكية.
زر الذهاب إلى الأعلى