رأي

أزمة العراق مكانك راوح: انقضاء نصف مهلة الصدر لخصومه

مع انقضاء نصف المهلة الأخيرة التي منحها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لخصومه السياسيين لتشكيل الحكومة، والبالغة شهر واحد قال إنه سيتخذ خلالها دور “المعارضة الوطنية”، لا يبدو أن هناك أي تغييرات أو بوادر حلحلة للأزمة السياسية العراقية. ويتعزّز هذا الاعتقاد بعد تسريبات جديدة أشارت إلى استباق الصدر حراك إيراني جديد، بإبلاغ مقربين منه اعتذاره عن استقبال أحد، قبل نهاية مهلة الشهر التي من المفترض أن تنتهي في 15 يونيو/حزيران الحالي.

وأعلن الصدر في بيان مقتضب له في 15 مايو/ أيار الماضي “التحول إلى المعارضة الوطنية لمدة لا تقل عن ثلاثين يوماً”. وأشار إلى أنه في حال “نجحت الأطراف والكتل البرلمانية، بما فيها من تشرفنا في التحالف معها، (القوى العربية السنية والكردية) بتشكيل الحكومة فبها ونعمت، وإلا فلنا قرار آخر نعلنه في حينها”.

الصدر لا يريد بحث الأزمة السياسية قبل انتهاء مهلته لخصومه
ولم تُظهر كتلة الصدر في البرلمان أو “التيار الصدري” عموماً، خلال الأسبوعين الماضيين، أي نشاط أو حراك معارض للحكومة، بسبب ما تبناه الصدر، الذي رفض بحسب مصدر مقرب منه “مقابلة أي شخصية عراقية أو أجنبية خلال هذه الفترة تريد بحث الأزمة”.

وأكد المصدر ذاته لـ”العربي الجديد” أن “الصدر استبق حراك إيراني، يقف خلفه السفير الإيراني الجديد محمد آل صادق، بإبلاغ مكتبه الاعتذار عن عدم مقابلة الشخصيات التي ترغب في بحث الأزمة السياسية”.

وأضاف أن “الهيئة السياسية للتيار الصدري برئاسة حسن العذاري، لم تجر أي مفاوضات أو لقاءات في الأسبوعين الماضيين، بعد إبلاغها كل الأطراف السياسية، تمسّك الصدر بخيار حكومة الأغلبية الوطنية، ورفض مصادرة حق تشكيل الحكومة من التيار الصدري”.

رفض الصدر مقابلة أي شخصية عراقية أو أجنبية تريد بحث الأزمة

وحول ما بعد انتهاء المهلة المتبقي عليها 15 يوماً، قال المصدر ذاته إنه “سيكون هناك تحرك جديد للتيار الصدري تجاه أطراف سياسية مختلفة لتقديم رؤيته في تشكيل الحكومة الجديدة، وسبب إصراره على عدم تكرار خلطة العطار التي شكلت 7 حكومات سابقاً ولم تزد العراقيين غير البؤس”، على حد تعبيره.

واعتبر المصدر أن “استمرار تعذر تشكيل الحكومة بشكلها الذي يُصرّ عليه التيار الصدري، يجعل من مسألة حل البرلمان والذهاب لانتخابات جديدة أو منح حكومة مصطفى الكاظمي بعض الصلاحيات لتسيير أمور البلاد خيارات مطروحة”.

متظاهرون عراقيون
تقارير عربية
العراق: أحزاب جديدة بقيادة ناشطين ومتظاهرين
لا حل في الأفق للأزمة السياسية العراقية
وتعليقاً على ذلك، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مهدي عبد الكريم، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “جميع المبادرات السابقة لحل الأزمة فشلت وصارت من الماضي، وحالياً لا حل في الأفق للأزمة”.

وأضاف أن “الثابت هو تماسك تحالف إنقاذ وطن، بين الصدريين والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، ورفض الطرفين الأخيرين الذهاب لتشكيل حكومة مع الإطار التنسيقي بدون وجود التيار الصدري”.

مهدي عبد الكريم: الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، يرفضان تشكيل حكومة مع الإطار التنسيقي بدون التيار الصدري

وتحدث عبد الكريم عن “حراك في إقليم كردستان لحل الخلاف داخل البيت الكردي بين الحزبين الرئيسين (الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني) على منصب رئاسة الجمهورية”. واعتبر أنه “في حال تم التوصل إلى حل حاسم في هذا الشأن، فإنه من المرجح أن ينعكس ذلك إيجاباً على المشهد السياسي في بغداد”.

وكشف عبد الكريم أنه “خلال الفترة الماضية، عُرضت علينا الكثير من الإغراءات من أجل ترك التيار الصدري ورفضناها جميعها، كما تعرضنا لتهديدات وضغوط عديدة للتراجع عن دعم الصدر أو فسخ التحالف معه”.

من جانبه، قال عضو تحالف “الإطار التنسيقي”، المدعوم من طهران، النائب علي الفتلاوي، إنهم غير معنيين بمهل الصدر المتكررة. وأضاف لـ”العربي الجديد” أن “كل المهل غير دستورية ولا سند قانوني لها، بل هي ضد التوقيتات الدستورية التي يجب احترامها من كافة الكتل والأحزاب السياسية”.

وقال الفتلاوي إن “إعلان الصدر ذهابه نحو المعارضة لم يكن واضحاً، فحتى هذه اللحظة لم نر أي دور للتيار الصدري بصفته معارضة برلمانية، كما أعلن عن ذلك قبل أكثر من أسبوعين”.

ورجح المتحدث نفسه “ألا يتغير شيئاً في المشهد بعد انتهاء مهلة الثلاثين يومياً التي حددها الصدر”، معتبراً أنه “قد نشهد إعلان مهلة جديدة غير دستورية للصدر، خصوصاً أن هذه المهل تعمق الخلاف ولا تعطي أي بوادر لإنهاء الانسداد السياسي”.

وختم بالقول إن “موقف الإطار التنسيقي ثابت فيما يتعلق بتشكيل حكومة توافقية تحفظ حق المكون الأكبر (الشيعي) في تشكيلها من خلاله حصراً، وخلاف ذلك لا مشاركة في أي حكومة يجري السعي لها من قبل التحالف الثلاثي”.

الفتلاوي: موقف الإطار التنسيقي ثابت فيما يتعلق بتشكيل حكومة توافقية

من جهته، اعتبر الخبير في الشأن السياسي العراقي علي البيدر، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “أي حل سياسي متوقع لن يحصل من دون حصول تفاهم بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وهو ما لا تظهر بوادر له حتى الآن”.

وأضاف أن “كل من التيار الصدري والإطار التنسيقي، حاولا خلال الفترة الماضية ومن خلال إعطاء المهل بين وقت وآخر، كسب المستقلين بهدف تغليب كل طرف كفته في الصراع الحالي، وإكمال نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديدة أو منع عقدها”. ولفت إلى أن “الطرفين لم يستطيعا حسم دعم كل المستقلين، إذ إن الانقسام بين هؤلاء النواب المستقلين أنفسهم انعكس على الخصمين أيضاً”.

واعتبر البدير أنه “ما بعد انتهاء مهلة الصدر، ربما نشهد تصعيداً شعبياً من قبل جمهور التيار الصدري، بهدف الضغط على القوى السياسية ودفعها نحو تشكيل حكومة الأغلبية، خصوصاً بعد إعلان الصدر اتخاذه دور المعارضة”. وأضاف “هذا ما تتخوف منه بعض القوى السياسية، وخصوصاً القوى المستقلة، التي يمكن أن تذهب مع التحالف الثلاثي جراء ضغط الشارع عليها”.

وتتواصل الأزمة السياسية غير المسبوقة في العراق منذ نحو سبعة أشهر، عقب إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي أفرزت فوز التيار الصدري بفارق كبير عن أقرب منافسيه من قوى “الإطار التنسيقي”.

ويُصرّ الصدر، الذي نجح في استقطاب قوى سياسية عربية سنية وأخرى كردية ضمن تحالف عابر للهويات الطائفية (إنقاذ وطن)، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية. في المقابل تريد القوى المدعومة من طهران ضمن “الإطار التنسيقي”، الذي يتكون من كتل عدة أبرزها “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح” بزعامة هادي العامري، تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة وفقاً للأوزان الطائفية وليس الانتخابية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى