أبرزرأي

  أزمة السودان لن تخفف من الزخم الاقليمي تجاه لبنان

 حسين زلغوط.

خاص رأي سياسي …

فيما أبواب المنطقة مفتوحة على مصراعيها للتقارب والتفاهمات ومعالجة القضايا الخلافية بين بعض الدول ، والتي كانت عصّية على الحل لعدة سنوات ، ما زال المسؤولون في لبنان يتبعون سياسة الأبواب المغلقة والنكد والنكايات السياسية في مقاربة ملفاتهم الخلافية والتي يأتي في اولوياتها في هذه المرحلة الاستحقاق الرئاسي بما يؤدي الى اعطاء عمر جديد للشغور الرئاسي وشل المؤسسات وازدياد منسوب جريمة القتل والسرقات حتى اصبح يصح القول في وصف لبنان هذه الآونة بأنه اشبه بطائرة من دون طيار. 

صحيح ان الاستحقاق الرئاسي يتأثر الى حد كبير بالعاملين الاقليمي والدولي ، غير ان ذلك لا يمنع على اللبنانيين من ملاقاة المناخات الخارجية التي تتسم راهنا بالايجابية وتوظيفها في سبيل حل مشاكلهم والاقلاع عن التطلع الى اي استحقاق من زواياه الطائفية والشخصية كون ان مثل هذه السياسات كلفت لبنان واللبنانيين منذ الاستقلال الى اليوم اثمانا باهظة وجعلت لبنان في مراتب الدول المتخلفة بعد ان كان يوصف بسويسرا الشرق. 

ثمة من يعتقد ان هناك فرصة مؤاتية اليوم وعلى لبنان التقاطها لملء الشغور الرئاسي بشخصية مناسبة تجمع عليها القوى السياسية ، فمواقف بعض الدول الغربية والعربية هي الان تشكل عاملا مساعدا لهذه الغاية ، وفي حال ذهب لبنان بعكس هذه الرياح الاقليمية والدولية فان ذلك يعني ان أمد الفراغ سيطول وان البلد سينزلق الى مزيد من التدهور في شتى المجالات. 

في هذا السياق وعلى الرغم من خطف الاحداث في السودان الاضواء واحتلالها راهنا اولويات الاهتمام العربي،  فانه يتوقع ان تشهد الساحة السياسية بعد ان انتهت فترة الاعياد مروحة من الاتصالات والمشاورات استكمالا لما كان قد بدأ في اطار محاولة فكفكة العقد الداخلية من امام انتخاب رئيس الجمهورية ، وان كانت المعطيات الى الان غير مشجعة وتوحي بانه من العبث الرهان على حل داخلي لهذه الازمة، وان الهدف من اي تحرك دبلوماسي هو منع المياه السياسية من الركود بانتظار ان يتبلور المشهد الاقليمي والذي سجل جديده في اليومين الماضيين انضمام روسيا الى فرنسا في الانحياز الى جانب رئيس “تيار المردة “سليمان فرنجية لوصوله الى سدة الرئاسة في ظل التشرذم الكبير لدى المعارضة وتمسك “الثنائي الشيعي” بترشيحه ووصول الجانبين الى قناعة تامة باستحالة وصول اي شخصية الى قصر بعبدا ما لم يكن “حزب الله” راضيا عليها، ولاعتقادهما ايضا بان فرنجيه وحده القادر من بين الاسماء التي تم تداولها على مد الجسور والتواصل مع الجميع في الداخل والخارج.  

ومن هنا فان السفيرين الفرنسي والروسي وضعا كل على حدا جدول زيارات للقيادات السياسية لترجمة رغبة بلديهما الرئاسية وجس نبض هذه القوى في مدى استعدادها لتقبل وصول فرنجية الى القصر الجمهوري، مع الاشارة الى ان السفيرة الفرنسية آن غريو كانت قد فاتحت الرئيس نبيه بري منذ بضعة ايام بامكانية تكرار دعوته لحوار حول انتخاب رئيس كون ان المعطيات الاقليمية باتت افضل من المرحلة السابقة التي اطلقت فيها النار على هذه المبادرة من قبل بكركي و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” لكن الرئيس بري اكد انه لن يكرر محاولته ما لم يكن متيقنا بالكامل من نجاحها . 

من هنا فان المشهد الداخلي ما زال معقدا ويحتاج الى كثير من الجهد الخارجي لفكفكته كون ان المعارضة متوحدة على معارضة فرنجية وفي المقابل متفرقة على البدائل ، بينما الضفة المقابلة بقيادة “الثنائي الشيعي” اخذت خيارها وهي ثابتة عليه في ترشيح فرنجية حتى النهاية الا اذا قرر الانسحاب من الشوط الرئاسي وهو ما يبدو مستحيلا لا بل ان فرنجية يتوقع ان يثّبت ترشيحه في اطلالة تلفزيونية الاربعاء المقبل ، والتي ستكون مناسبة له للرد على المواقف الحادة والمتشددة التي اطلقها رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مواجهة فرنجية حيث وصل به الامر الى حد اتهام فرنسا بإبرام صفقة مع “حزب الله” في شأن الاستحقاق الرئاسي وهذا بالطبع لن يمر عند باريس التي ترفض الاستسلام في سعهيها لانجاز الاستحقاق الرئاسي مرور الكرام ، مع العلم ان جعجع سمع في معراب الاسبوع الفائت كلاما واضحا من السفيرة الفرنسية بأن عليه تسهيل انتخاب فرنجية وان الموقف الفرنسي لا حياد عنه في عدم توفر البديل.  

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى