اقتصاد ومال

أزمة الثقة بين الدول النامية والمتقدمة تعرقل خطط مكافحة الفقر.

سيطرت دعوات إصلاح المؤسسات المالية الدولية على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، إذ تصدرت الكلمات الرئيسة لممثليهما في محاولة لتمكين مؤسساتهما المالية من مواجهة التحديات العالمية، ومن بينها التغيير المناخي بشكل فاعل، إذ إن تلك العملية تتقدم ببطء مما يثير انتقادات في صفوف المدافعين عن البيئة، وسط أزمة ثقة بين دول العالم المتطورة ودوله النامية.

وبدأت الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين بمشاركة وزراء المال وحكام المصارف المركزية في المغرب منذ التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري لتستمر سبعة أيام تنتهي غداً الأحد، إذ تنعقد للمرة الأولى في دولة أفريقية منذ عام 1973.

وتشكل هذه الاجتماعات فرصة لإعادة تأكيد ضرورة إصلاح هاتين المؤسستين اللتين ولدتا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.

تعزيز التمويل لدعم الفقراء

إلى ذلك دعا رئيس البنك الدولي أجاي بانغا إلى تعزيز قدرة المؤسستين الدوليتين (صندوق النقد والبنك الدوليين) على التمويل لمساعدة الدول الفقيرة في مكافحة الفقر والتغير المناخي.

وقال بانغا في أول خطاب له منذ توليه منصبه في يونيو (حزيران) الماضي، “نشهد تباطؤ التقدم في مكافحتنا الفقر”، مضيفاً “نواجه أيضاً أزمة مناخية وجودية وانعدام الأمن الغذائي وهشاشته، فيما التعافي من الجائحة في بداياته وكلنا نشعر بتأثير النزاعات الذي يتجاوز جبهات القتال”.

أزمة ثقة

وتابع رئيس البنك الدولي أن “العالم يواجه عاصفة من التحديات المتداخلة والتعقيدات الجيوسياسية التي تفاقم انعدام المساواة إذا أخذت مجتمعة”، محذراً من “أزمة ثقة متزايدة بين الدول النامية وتلك المتطورة”، ومشيراً إلى أن “استياء دول الجنوب مفهوم، فهي تدفع بطرق عدة ثمن ازدهار الآخرين”.

ويدفع بانغا باتجاه تغيير في البنك الدولي منذ اختاره الرئيس الأميركي جو بايدن ليحل مكان ديفيد مالباس الذي تنحى قبل انتهاء ولايته بعد تشكيك حول موقفه من التغير المناخي.
وقال رئيس البنك الدولي، “اليوم لدينا رؤية ومهمة جديدة في البنك تقوم على تحقيق عالم خال من الفقر في كوكب قابل للعيش”، مستدركاً “إلا أن الوقت يداهمنا”.

رفع قدرات البنك على الإقراض إلى 150 مليار دولار

ويرى بانغا أنه بالإمكان رفع قدرات البنك الدولي على الإقراض إلى 150 مليار دولار خلال العقد المقبل من خلال تغييرات في الموازنة العامة وإسهامات من الدول الأعضاء، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن ثمة حاجة إلى بذل المزيد، داعياً الدول الأعضاء إلى تعزيز المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي التي توفر قروضاً من دون فوائد أو بفوائد أقل كلفة لأفقر دول العالم، إذ أقرت حزمة تمويلات لهذه المؤسسة قدرها 93 مليار دولار خلال عام 2021 للأعوام المالية من  2022 وحتى 2025، وتجتمع الأطراف المانحة كل ثلاث سنوات لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية.
وشدد الرئيس الجديد للبنك الدولي على ضرورة أن تكون مؤسسته أكثر فاعلية وتتمتع بوسائل أوسع لوضع خريطة طريق جديدة أكثر طموحاً، مع شعاره الرئيس “القضاء على الفقر في عالم قابل للعيش”.

وبالوتيرة نفسها، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن “الاقتصاد العالمي يتباطأ، إذ إن أكثر من نصف الدول المتدنية الدخل لا تزال تواجه حال مديونية حرجة أو خطراً مرتفعاً للوقوع فيها”.
ورأت غورغييفا أن “ثمة حاجة إلى تعزيز دور صندوق النقد الدولي من خلال رفع حصص الموارد، وهي الأموال التي يسهم بها الأعضاء استناداً إلى حجم اقتصادها، مشددة على أن قدرة الصندوق على توفير قروض معدومة الفائدة إلى أفقر أعضائها يجب أن تعزز كذلك.
من جانبه، أيد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير من سبقوه الحديث قائلاً “نحتاج إلى نهج تدرجي مع البدء بتقييم حاجات البنك الدولي ومن ثم زيادة رأس المال الهجين الذي يشمل الديون ورأس المال المساهم”، ورأى أن “المرحلة الثالثة التي لن تحصل قبل 2025 على أقرب تقدير، ستشمل رفعاً شاملاً لرأسمال البنك الدولي”.

انتقادات
في المقابل، أسف مدير حملة في منظمة “أفاز” غير الحكومية أوسكار سوريا والموجود في مراكش كون الأمور “لا تزال في مرحلة المراقبة”، بينما أكدت فريدريكيه رودر من منظمة “غلوبال سيتيزن” أن “الأمور لا تتقدم بالسرعة الكافية، إذ نسجل تقدماً ملموساً وهذا جيد”، مستدركة “لكن الطموحات يجب أن تكون أكبر من ذلك بكثير”.
وفي المقابل كان مراقبون يأملون في حصول تقدم في مسائل الحوكمة مثل احتمال القبول الرسمي بانضمام مجموعة V20 (تضم 68 دولة من الأكثر ضعفاً حيال التغير المناخي)، إلى مؤسسات صندوق النقد الدولي، إذ قال وزير المال الغاني كين اوفوري أتا رئيس مجموعة ” “V20إن “هذا الانضمام لن يقتصر على الحصول على مقعد حول الطاولة وتوفير صوت للضعفاء”، مشيراً إلى خبرة المجموعة في ترابط مسائل المناخ والدين والتنمية.

تمويل مشاريع الطاقة الأحفورية

ومن المسائل الحساسة الأخرى التي تصدرت الاجتماعات تمويل البنك الدولي لمشاريع الطاقة الأحفورية، إذ يطالب الناشطون البيئيون في مراكش بالتخلي عنها نهائياً ويتظاهرون بانتظام احتجاجاً عليها أمام مركز المؤتمرات، وقالت ريبيكا تايسن من شبكة “كلايمت أكشن نيتوورك” إن “هناك تضارباً فعلياً بين ما يدعي البنك الدولي أنه يقوم به وما يقوم به فعلاً على الأرض”.
وبعدما سئل مرات عدة عن هذا الدعم المتضارب، أكد رئيس البنك الدولي أن الاستثمارات المباشرة في هذا المجال اقتصرت العام الماضي على 170 مليون دولار في مجال الغاز، بينما كانت الالتزامات 120 مليار دولار، لكن يبدو أن الاستثمارات المباشرة تخفي تمويلات أخرى، إذ قالت منظمة “أورغيفالد” غير الحكومية الألمانية إن “البنك الدولي وفر في الواقع 3.7 مليار دولار لقطاعي النفط والغاز العام الماضي”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى