رأي

أربعة لاعبين على مسرح ضيق.

كتب رفيق خوري في إندبندنت عربية.

حرب غزة في رأي الدبلوماسي والبروفيسور الإسرائيلي الذي قاد مفاوضات تسوية مع سوريا إيتمار رابينوفيتش هي “حرب إيران – إسرائيل الأولى”. الانطباع السائد في المنطقة هو أنها في إطار أكبر حرب بالوكالة بين أميركا وإيران للوصول إلى تفاهم يتجاوز الاتفاق النووي ورفع العقوبات إلى ترتيب الأدوار في نظام أمني إقليمي، لكن هذا لا يحجب العامل الأساس في الصراع، وهو قضية فلسطين التي شغلت المنطقة والغرب على مدى قرن، ولا تزال بلا حل، لا حرباً ولا سلماً.

إيران أمسكت بالورقة الفلسطينية وقت “كامب ديفيد” منذ الثورة التي قادها الإمام الخميني، وضمتها إلى مجموعة أوراق في إطار المشروع الإقليمي الإيراني. وسواء كانت تريد بالفعل “إزالة إسرائيل” وطرد أميركا من المنطقة أم ترفع ذلك كشعار في خدمة مشروعها، فإنها أقامت بنية تحتية عسكرية في بلدان عربية عدة لهذه الغاية.

إيران أسست عبر “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري”، “حزب الله” في لبنان لمقاومة الاجتياح الإسرائيلي، ثم فصائل مسلحة عدة في العراق وسوريا ومولت وسلحت “أنصار الله” الحوثيين في اليمن و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” في غزة.

إيران حددت دورها في حرب غزة بتحريك “أذرعها” في حرب استنزاف مع إسرائيل وهجمات على القوات والمراكز الأميركية في المنطقة، مع التلويح المستمر بأن يقود الغضب إلى حرب شاملة، لكن من دون أي حديث عن دور إيراني مباشر.

أميركا عملت على تقسيم المهام، وإسرائيل تقاتل خصومها في غزة وبقية الجبهات مع دعمها بكل ما تحتاج إليه من أسلحة وأموال، كما تزيد واشنطن حضورها العسكري تحت عنوان الردع لمنع توسيع الحرب، وتدافع مباشرة عن قواتها ضد الهجمات التي تحركها طهران.

ما تركز عليه إدارة الرئيس جو بايدن هو حصر الحرب في قطاع غزة، ومطالبة إسرائيل بإكمال المهمة مع السعي إلى تجنب إيذاء المدنيين والسماح بمرور الغذاء والدواء لهم عبر معبر رفح.

غير أن زيادة القوات الأميركية ليست ضماناً لردع من لا يستطيع التهرب من مساعدة “حماس” وقصف إسرائيل، ولا لمنع توسيع الحرب بمقدار ما يمكن أن تؤدي إلى التوسيع في رهان على منع أميركا من أن تربح رهانها.

مهما يكن، فإن اللعبة المحورية على المسرح في غزة. وما يدور على المسارح الإقليمية لا يزال نوعاً من المناوشات والتقاصف بما لا يؤدي إلى تغيير دراماتيكي. فلا القصف التدميري الوحشي هو نهاية اللعبة. ولا الغزو البري هو، في حد ذاته، نهاية اللعبة. وكل شيء يتوقف على نتائج الغزو وما بعد توقف القتال.

أميركا طلبت تأجيل الغزو البري بداعي الحاجة إلى وقت لإرسال الوسائل الدفاعية الأميركية إلى قواتها، كما إلى الجيش الإسرائيلي، بعد أن رأى خبراؤها أن جيش إسرائيل ليس جاهزاً بالفعل للعملية البرية. ومن الصعب على الجيش أن يبقى في استنفار من دون تحرك. فما حدث عشية حرب 1967 عندما تأخر إصدار القرار للطيارين المستنفرين في طائراتهم ببدء القصف لتدمير الطيران المصري، هدد الضباط بقصف مقر الحكومة في تل أبيب.

تنقل الـ”إيكونوميست” البريطانية عن كولونيل إسرائيلي من المحتشدين على مشارف غزة قوله “نستطيع الحفاظ على هذا المستوى من الجاهزية أسبوعين في الأكثر”. والنصيحة الأميركية هي الهجوم كما حدث في الموصل، لا كما حدث في الفلوجة.

في الموصل استغرقت المعركة مع “داعش” تسعة أشهر، مع سقوط 10 آلاف قتيل مدني. وفي غزة يمكن أن تستغرق أكثر. وإسرائيل لا تستطيع الإبقاء على الاحتياط طويلاً، لأن هؤلاء هم عصب العمل الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي والإداري.

ليس أهم من السؤال عما يحدث في الغزو البري سوى السؤال عما يجب أن يحدث بعد الحرب. والأجوبة، حتى الآن، حائرة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى