أحفاد مانديلا «كابوس العرب» في كأس أفريقيا
أثبت منتخب جنوب أفريقيا أنه بمثابة «الكابوس» للمنتخبات العربية في نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، بعدما واصل هوايته في إقصائها بالأدوار الإقصائية للمسابقة، عقب فوزه على منتخب المغرب مساء الثلاثاء في النسخة الحالية للبطولة.
وقضى منتخب أحفاد الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا على آخر أمل للمنتخبات العربية في التتويج بلقب أمم أفريقيا 2023، المقامة حاليا في كوت ديفوار، بعدما فجر مفاجأة مدوية بفوزه 2 – صفر على منتخب المغرب، صاحب المركز الرابع بكأس العالم الأخيرة في قطر 2022، وذلك في دور الـ16 للبطولة القارية.
وبعد خروج المنتخبين التونسي والجزائري مبكرا من مرحلة المجموعات في البطولة، والذي أعقبه الوداع الحزين لمنتخبي مصر وموريتانيا من دور الـ16، كانت الآمال العربية للفوز بلقب أمم أفريقيا معقودة على منتخب المغرب، الذي كان يحلم بحمل كأس البطولة للمرة الثانية في تاريخه، بعدما سبق أن حصل عليها في نسخة عام 1976 على الأراضي الإثيوبية.
وما عزز من تلك الطموحات الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي في المونديال الماضي بقطر، والرغبة الجامحة لدى نجومه في اعتلاء عرش كرة القدم في القارة السمراء، لا سيما بعدما حصدوا أغلب جوائز حفل الأفضل لعام 2023، الذي أقامه الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) الشهر الماضي بمدينة مراكش المغربية.
وتوج منتخب المغرب خلال هذا الحفل بجائزة أفضل منتخب في أفريقيا، ونال مدربه المحلي وليد الركراكي، جائزة أفضل مدير فني، وفاز حارسه ياسين بونو، بجائزة أفضل حارس مرمى.
وعاد المنتخب المغربي، الذي كان أول فريق عربي وأفريقي يبلغ المربع الذهبي للمونديال، لتذوق طعم الخروج من أمم أفريقيا على يد منتخب جنوب أفريقيا، الذي سبق أن أطاح بأسود الأطلس من دور الثمانية لنسخة المسابقة التي أقيمت في بوركينا فاسو عام 1998.
وكان منتخب المغرب يضم في ذلك الوقت عددا من النجوم البارزين، يتقدمهم مصطفى حجي، أفضل لاعب أفريقي في ذلك العام، وصلاح الدين بصير، وعبد الجليل حدا (كماتشو)، ونور الدين نايبت، وسعيد شيبا، وعبد الكريم الحضريوي، تحت القيادة الفنية للمدرب الفرنسي الراحل هنري ميشال.
وشارك هذا الفريق بكأس العالم في فرنسا بنفس العام، وكان قريبا للغاية من بلوغ الأدوار الإقصائية للمونديال، لولا اقتناص منتخب النرويج بطاقة التأهل لدور الـ16 بدلا منه، بعدما حصل على المركز الثاني بترتيب مجموعتهما، متفوقا عليه بفارق نقطة وحيدة.
وأعلن منتخب المغرب عن حضوره بقوة في نسخة 1998 بأمم أفريقيا، عقب تصدره ترتيب مجموعته التي ضمت مصر وزامبيا وموزمبيق، وهو ما جعله مرشحا للمضي قدما في المسابقة، غير أن المنتخب الملقب بالأولاد، أنهى مسيرته في المسابقة سريعا، بعدما تغلب عليه 2 – 1، حيث سجل بيني مكارثي وديفيد نياتي هدفي جنوب أفريقيا، بينما أحرز سعيد شيبا هدف المنتخب المغربي الوحيد.
وخلال النسخة ذاتها، تمكن المنتخب المصري من الثأر لخسارة المغرب أمام جنوب أفريقيا، بعدما فاز 2 -صفر على فريق المدرب المحلي جومو سونو، في المباراة النهائية، ليتوج منتخب الفراعنة باللقب للمرة الرابعة في ذلك الوقت.
ولم يكن منتخب المغرب هو الضحية العربية الوحيدة لمنتخب جنوب أفريقيا، الذي سبق أن عصف بأحلام منتخبي الجزائر وتونس في المنافسة على لقب أمم أفريقيا عام 1996، التي استضافها على ملاعبه.
وخلال الظهور الأول لمنتخب جنوب أفريقيا بأمم أفريقيا، عقب فك الحظر الذي كان مفروضا عليه لعدة سنوات من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بسبب سياسة الفصل العنصري، التي كانت تنتهجها حكومته، توج بلقبه الوحيد في البطولة العريقة قبل 28 عاما، تحت قيادة المدرب المحلي الراحل كليف باركر.
وفي مشواره بهذه النسخة، فاز منتخب جنوب أفريقيا، الذي كان يعيش وقتها عصره الذهبي بقيادة دكتور كومالو وجون موشوي ومارك فيش وفيلمون ماسينغا ومارك ويليامز، على المنتخب الجزائري 2 – 1، حيث سجل هدفيه مارك فيش وجون موشوي، بينما أحرز طارق لعزيزي هدف منتخب «محاربو الصحراء» الوحيد.
كما حرم المنتخب الجنوب أفريقي نظيره التونسي من الفوز باللقب للمرة الأولى في تاريخ منتخب «نسور قرطاج» آنذاك، بعدما فاز عليه 2 – صفر في المباراة النهائية بتلك النسخة، حيث تقمص دور البطولة مارك ويليامز، الذي أحرز هدفي المباراة في غضون دقيقتين فقط.
وكان منتخب تونس يضم في ذلك الوقت كوكبة من النجوم، الذين قادوا الفريق فيما بعد لبلوغ كأس العالم 1998 بفرنسا، ليعيدوا الكرة التونسية للمشاركة في العرس العالمي الكبير بعد غياب 20 عاما عن وجودها الأول في مونديال 1978.
وضم منتخب تونس في تلك الفترة الحارس شكري الواعر وعادل السليمي وزبير بيا ومهدي بن سليمان وسامي الطرابلسي ورياض البوعزيزي، بالإضافة للنجم الراحل الهادي بلرخيصة، تحت قيادة المدرب البولندي هنري كاسبرزاك.
وطال الكابوس الجنوب أفريقي منتخب مصر أيضا، بعدما ودع نسخة أمم أفريقيا عام 2019، التي استضافها على ملاعبه، في دور الـ16 على يد منتخب «الأولاد»، رغم البداية القوية للفريق في مرحلة المجموعات، التي شهدت حصده العلامة الكاملة إثر فوزه في لقاءاته الثلاثة بمجموعته.
وكان المنتخب المصري بقيادة نجمه محمد صلاح، هداف ليفربول الإنجليزي، يطمح للتتويج بلقب أمم أفريقيا للمرة الثامنة وتعزيز رقمه القياسي كأكثر المنتخبات المتوجة بلقب البطولة، التي انطلقت نسختها الأولى عام 1957، لا سيما بعد قوة الدفع التي حصل عليها عقب عودته للمشاركة في كأس العالم بروسيا في العام السابق وبلوغ المباراة النهائية لأمم أفريقيا 2017، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن.
وأمام ما يقرب من 74 ألف مشجع مصر، خرج الفريق المضيف، الذي كان يضم مجموعة أخرى من النجوم بخلاف صلاح، مثل الحارس محمد الشناوي، ومحمد النني، وأحمد المحمدي، ومحمود حسن تريزيجيه، مبكرا من المسابقة، عقب الخسارة بهدف نظيف سجله ثيمبينكوسي لورش، في مواجهة كان بطلها الأول بيرسي تاو، لاعب الأهلي المصري الحالي، الذي تلاعب كيفما شاء بلاعبي المنتخب المصري طوال اللقاء.
وبعد دقائق من تلك الخسارة، قرر الاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة هاني أبو ريدة إقالة المكسيكي خافيير أجيري من تدريب منتخب مصر، قبل لحظات من تقدم الاتحاد نفسه باستقالته.
المثير أن منتخب جنوب أفريقيا سرعان ما ودع تلك النسخة، عقب خسارته 1 – 2 أمام منتخب نيجيريا في دور الثمانية.
يذكر أن منتخب جنوب أفريقيا ضرب موعدا في دور الثمانية بأمم أفريقيا 2023 أمام منتخب الرأس الأخضر (كاب فيردي) السبت القادم بمدينة ياماسوكرو، حيث يلتقي الفائز منهما في الدور قبل النهائي الأربعاء المقبل بمدينة بواكي، مع الفائز من مواجهة دور الثمانية الأخرى بين منتخبي نيجيريا وأنغولا.