أبرزرأي

هكذا أغضبت روسيا ترامب

كتب علي قباجة في صحيفة الخليج.

ليس من المتوقع انتهاء الحرب الروسية-الأوكرانية بمجرد تصريح يصدر من هنا أو هناك، حتى لو كان مصدره قوة عالمية كبرى، فالمسألة أكثر تعقيداً من كونها وعوداً أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب بعد ساعات من توليه الرئاسة، إذ إن ترامب اصطدم بواقع ليس على مقاسه، فروسيا ليست ولاية أمريكية، أو دولة مجهرية، تُفرض عليها الحلول ويُنتظر منها أن تُذعن لها، بل إن خطواتها محسوبة وتصب جميعها نحو نصر واضح لا لبس فيه وهو إبعاد «الناتو» وتحجيمه وحياد أوكرانيا وعدم تسليح جيشها والسيطرة على أراضٍ تبلغ نحو 20% من الأراضي الأوكرانية ووجوب الاعتراف الدولي بالسيطرة الروسية عليها.
أهداف روسيا لا يمكن قبولها أمريكياً ولا أوروبياً وأوكرانياً ورغم أن ترامب مارس ضغوطاً لا توصف على الرئيس الأوكراني زيلينسكي وأبدى بعض المرونة تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن المكالمة الأخيرة بينهما لم تكن على ما يرام، حيث أبدى «خيبة أمل» من بوتين، كما توعَّد روسيا برسوم جمركية مرتفعة للغاية تصل إلى 100%، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال 50 يوماً وفي الوقت ذاته أبدى انفتاحه على تزويد أوكرانيا بأسلحة نوعية لمواجهة روسيا.
يحاول ترامب أن يُبقي الباب موارباً قدر المستطاع مع موسكو، لأنه يعلم أن من الصعب إجبار روسيا على القبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات تحت تهديد القوة وعندما قال في تعليقه على اتصال «خيبة الأمل»: إنه لم ينتهِ من بوتين بعد، فهذه إشارة إلى أن هناك بارقة أمل بتحقيق انفراج ما، يحسب له على صعيد سعيه إلى إخماد الحرب وأنه لايزال يعمل على إيجاد حل للحرب الروسية الأوكرانية، التي ينتقد أسلافه دائماً بأنهم كانوا السبب في إشعال جذوتها، إلا أنه يصطدم دائماً «بتعنت» بوتين، الذي لا يقبل بأي حل ما لم يكن مطابقاً ومتوافقاً مع الرؤية الروسية وهو ما أفضى إلى انعدام الثقة وقد قال في معرض حديثه عن بوتين: «إنه لا يثق تقريباً بأحد»، وهو ما قد يجعل الأمور تصل إلى طريق مسدود، ويدفع الولايات المتحدة إلى التصعيد في العقوبات والدعم بالأسلحة.
روسيا بدورها تسير على وتيرة واحدة، إذ تنفذ أهدافها على قدم وساق ولم تدفعها التصريحات الأمريكية الإيجابية إلى الرجوع خطوة للخلف، فهي بدورها أيضاً لا تثق بواشنطن وترى أن أي تنازل لأوكرانيا أو وقف مؤقت لإطلاق النار، من شأنه أن يعيد التموضع وإعادة التسلح للعمل ضد روسيا بشكل أكبر، بل إنها زادت من وتيرة ضرباتها، لتؤكد للغرب وأمريكا أن شروط إنهاء الحرب لن تكون إلا روسية بامتياز.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى