ما هو “أوبك+” وكيف يؤثر في أسعار النفط؟
أرجأ تحالف “أوبك+” اجتماعه في شأن سياسة الإنتاج يوماً واحداً إلى الثاني من يونيو (حزيران) المقبل، وقال التحالف الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، إضافة إلى حلفاء بقيادة روسيا، في بيان نشرته “رويترز”، “كان من المقرر عقد الاجتماع في فيينا العاصمة النمسوية في الأول من الشهر المقبل”، مستدركاً “لكنه سيعقد عبر الإنترنت في اليوم التالي”.
خفض طوعي يبلغ نحو 2.2 مليون برميل يومياً
إلى ذلك، تنفذ الدول المنتجة للنفط في تحالف “أوبك+” خفضاً طوعياً للإنتاج يبلغ نحو 2.2 مليون برميل يومياً للنصف الأول من عام 2024 تحت قيادة السعودية التي تمدد خفضاً طوعياً سابقاً. ويأتي هذا الخفض إضافة إلى خفض سابقة يبلغ 3.66 مليون برميل يومياً حتى نهاية 2024، أعلن عنه من أواخر عام 2022 على مراحل عدة، ليصل إجمال الخفض المتعهد به إلى نحو 5.86 مليون برميل يومياً، أو ما يعادل 5.7 في المئة تقريباً من الطلب العالمي اليومي.
ويلعب التحالف دوراً مؤثراً في أسعار النفط العالمية مستنداً إلى الحصة السوقية الكبيرة التي قد تؤثر في صناعة القرارات، إذ تشكل صادرات الدول الأعضاء نحو 49 في المئة من صادرات الخام العالمية، بل إن الدول الأعضاء تمتلك نحو 80 في المئة من احتياطات النفط العالمية المؤكدة.
ما هو “أوبك” وما هو “أوبك+”؟
قبل 64 عاماً أسست دول العراق وإيران والكويت والسعودية وفنزويلا منظمة “أوبك” في عام 1960 في بغداد بهدف تنسيق السياسات النفطية وضمان أسعار عادلة ومستقرة، إلا أن عدد أعضاء المنظمة ارتفع الآن إلى 12 دولة معظمها من الشرق الأوسط وأفريقيا تنتج نحو 30 في المئة من النفط العالمي.
وعلى رغم الحصة السوقية الضخمة فإن نفوذ “أوبك” واجه بعض التحديات على مر السنين، مما أثار في كثير من الأحيان انقسامات داخلية.
زادت قوة “أوبك” قبل ثماني سنوات، بعدما تشكل ما يعرف الآن بتحالف “أوبك+” الذي يضم الأعضاء الـ12، إضافة إلى 10 دول من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم من خارج المنظمة، ومنها روسيا، في نهاية عام 2016.
والهدف الرئيس للتحالف هو تنظيم إمدادات النفط إلى السوق العالمية، إذ يمثل إنتاج التحالف النفطي حالياً نحو 41 في المئة من إنتاج النفط العالمي.
في مطلع العام الحالي، انسحبت أنغولا، التي انضمت إلى “أوبك” في 2007، من المنظمة، وعزت ذلك إلى خلافات في شأن مستويات الإنتاج، بعد انسحاب الإكوادور من المنظمة، وبعد انسحاب قطر في 2019.
كيف يؤثر “أوبك” في أسعار النفط والاقتصاد العالمي؟
نظراً إلى تمتع “أوبك” بتلك الحصة السوقية الكبيرة يمكن أن تؤثر القرارات التي تتخذها في أسعار النفط العالمية، إذ يجتمع أعضاؤها بانتظام لتحديد كمية النفط التي سيبيعونها في الأسواق العالمية، ونتيجة لذلك تميل أسعار النفط إلى الارتفاع عندما تقرر “أوبك” خفض الإمدادات نتيجة تراجع الطلب، بينما تتجه الأسعار إلى الانخفاض عندما تقرر المجموعة ضخ مزيد من النفط في السوق.كان لبعض قرارات خفض الإنتاج آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي، فخلال حرب 1973 فرضت الدول العربية الأعضاء في “أوبك” حظراً على شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، رداً على دعمها للجيش الإسرائيلي، وشمل القرار دولاً أخرى دعمت إسرائيل، وشمل الحظر الصادرات البترولية لتلك الدول وأدى إلى خفض الإنتاج. وإثر ذلك عانى الاقتصاد الأميركي بالفعل، إذ كان يعتمد وقتها على النفط المستورد، بعد أن قفزت أسعار النفط، مما تسبب في ارتفاع كلفة الوقود للمستهلكين ونقصه في الولايات المتحدة، ودفع الحظر الولايات المتحدة ودولاً أخرى إلى شفا ركود عالمي.
من جديد، استعرضت “أوبك” قوتها، خلال عمليات الإغلاق المتعلقة بجائحة كورونا في أنحاء العالم عام 2020، إذ تراجعت بقوة أسعار النفط الخام، وعلى أثر ذلك، خفضت “أوبك+” إنتاج النفط بنحو 10 ملايين برميل يومياً، وهو ما يعادل 10 في المئة تقريباً من الإنتاج العالمي في مسعى إلى دعم الأسعار.
من جهة أخرى، فإن أسعار البنزين مسألة سياسية مهمة في الولايات المتحدة، التي تجرى فيها انتخابات رئاسية هذا العام، مما دفع واشنطن لأن تطالب مراراً “أوبك+” بزيادة الإنتاج، وكان رد “أوبك” على واشنطن، هو أنها ترى أن مهمتها هي تنظيم العرض والطلب أكثر من مسألة الأسعار.
معضلة الطاقة الإنتاجية
إضافة إلى مسألة خفض الإنتاج، من المقرر أن يناقش تحالف “أوبك+” الطاقة الإنتاجية للدول الأعضاء هذا العام، وهي قضية مثير للخلاف منذ فترة طويلة. وكلف التحالف ثلاث شركات مستقلة هي “آي أتش أس” و”وودماك” و”ريستاد” لتقييم الطاقة الإنتاجية لكل الدول الأعضاء في “أوبك+” بنهاية يونيو المقبل، إذ تساعد تقديرات الطاقة الإنتاجية التحالف على تحديد معدلات الإنتاج الأساس التي يجرى الخفض منها.
وتحاول الدول الأعضاء الدفع بتقديرات أعلى للطاقة الإنتاجية، بحيث يكون معدل إنتاجها الأساس أعلى، بالتالي يكون لها في نهاية المطاف حصص أعلى من الإنتاج بعد تطبيق الخفض، بما يعني بالضرورة إيرادات أكبر. وتأتي الحاجة إلى تحديد حصص جديدة في وقت تزيد فيه دول في المنظمة مثل الإمارات والعراق طاقتها الإنتاجية، بينما تقلص السعودية، أكبر منتج في “أوبك”، تعزيز طاقتها الإنتاجية. أما روسيا العضو في “أوبك+” فقد قلصت بصورة عملية طاقتها الإنتاجية بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية.
الدول الأعضاء في “أوبك”
والدول الأعضاء حالياً في “أوبك” هي السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران والجزائر وليبيا ونيجيريا والكونغو وغينيا الاستوائية والغابون وفنزويلا. أما الدول المشاركة في تحالف “أوبك+” وليست من أعضاء “أوبك” فهي روسيا وأذربيجان وكازاخستان والبحرين وبروناي وماليزيا والمكسيك وسلطنة عمان وجنوب السودان والسودان.