رأي

مأزق أوروبا في أوكرانيا

يلقي غياب وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو عن اجتماع وزراء خارجية حلف الأطلسي الذي عقد يوم الأربعاء الماضي في بروكسل بظلال من القلق داخل الحلف، لأنه يكشف عن فجوة عميقة في العلاقات بين الطرفين، وخلافات حول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الأوكرانية.
تبرير واشنطن للغياب، وهو الأول منذ 26 عاماً لوزير خارجية أمريكي، بأن لدى روبيو «مهام أخرى في البيت الأبيض، وأن نائبه كريستوفر لاندو سيمثله»، في حين قال روبيو إن لدى واشنطن «مليون ملف آخر غير أوكرانيا»، ليس تبريراً منطقياً، بل يعني أن هناك قضايا أخرى أكثر أهمية من اجتماع الحلف، والغياب لا يستقيم مع أزمة تأخذ أبعاداً خطِرة تنخرط فيها أوروبا وتهدد الأمن والسلم في أوروبا والعالم. لذلك ترى مصادر أوروبية أن هذا الغياب، هو رسالة أمريكية واضحة بأن مساعي الدول الأوروبية لتعديل خطة ترامب المؤلفة من 28 نقطة، يعني السعي لتقويضها، وهو ما ترفضه.
صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية شككت في التزام الولايات المتحدة بأمن أوروبا، نتيجة رؤية الحليف الأمريكي يتقرب من موسكو في محاولة للتوسط في إحلال السلام في أوكرانيا من وراء ظهر الدول الأوروبية، كما يطرح ذلك تساؤلات حول مدى التزام الرئيس ترامب تجاه الحلف منذ إعادة انتخابه، ونجح في فرض زيادة مساهمتهم الدفاعية إلى 5 في المئة من الناتج المحلي، كجزء من تقاسم أكثر للأعباء.
المتحدثة السابقة باسم الحلف أوانا لونجيسكو كتبت على منصة (إكس): «لا أتذكر حدوث شيء كهذا في التاريخ الحديث، مشيرة إلى أن غياب روبيو سيرسل إشارة خاطئة، خاصة في أوقات يتطلب التنسيق الوثيق مع الحلفاء الأوروبيين بشأن أوكرانيا».
وما زاد من الشكوك والقلق هو ما تم تسريبه عبر مجلة «دير شبيغل» الألمانية عن مكالمة هاتفية سرية أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي والمستشار الألماني فريدريش ميرتز، والأمين العام لحلف الأطلسي مارك روته، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وغيرهم، حذر ماكرون خلالها من أن الولايات المتحدة قد «تخون» أوكرانيا، مضيفاً أن هناك «خطراً كبيراً على زيلينسكي»، في حين قال المستشار الألماني: «إن على زيلينسكي أن يكون حذراً للغاية في الأيام المقبلة.. إنهم يلعبون معكم ومعنا»، في ما يبدو إشارة إلى ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر مبعوثي الرئيس الأمريكي إلى موسكو، حيث اجتمعا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأكثر من أربع ساعات ناقشا معه خطة الرئيس ترامب بشأن أوكرانيا.
الرئيس الأمريكي وصف هذه المحادثات بأنها «جيدة جداً»، لكنه حذر من أن مصير المفاوضات غير واضح، وأكد أن ويتكوف وكوشنر خرجا بانطباع بأن بوتين «يريد إنهاء الحرب».
لم يجد أمين عام حلف الأطلسي روته من تبرير لغياب وزير الخارجية الأمريكي عن اجتماع وزراء خارجية الحلف إلا القول بأنه «مقبول تماماً» وهي صيغة دبلوماسية لا تمثل الواقع، في حين أشار إلى أن نجاح خطة ترامب «ليس مضموناً»، لكنه أكد أن الحلف لن يتراجع عن التزاماته تجاه أوكرانيا، وسوف يسرّع مبادرة تسمح للدول بشراء أسلحة أمريكية إلى أوكرانيا بأكثر من مليار يورو، وهذا يعني أن الدول الأوروبية مصّرة على المضي في الحرب الأوكرانية، وهي تعمل فعلاً بعيداً عن أي جهد لوقفها، رغم إدراكها أن واشنطن قد تجد في العمل على إحباط خطة الرئيس ترامب عملاً تخريبياً أوروبياً ضد مصالحها.

المصدر: خليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى