حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
ثمة قناعة اصبحت راسخة لدى غالبية العاملين في الحقل السياسي بأن انتخاب رئيس للجمهورية لن يكون في قبضة اليد في وقت قريب، لأن العوامل المطلوبة لتحقيق هذه الغاية ما تزال غير متوافرة بالرغم من المحاولات التي تبذل بين فينة واخرى من هذه الجهة او تلك.
ويوجد شبه اجماع سياسي في لبنان على ان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي بدأ يتلقى اجوبة على أسئلته المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، وإن زار لبنان في بحر الشهر المقبل فانه لن يغير من واقع الحال وستكون مهمته هذه المرة كمن يحفر جبل من الصخر بإبرة ، في دلالة واضحة على انه سيكون من الصعب عليه ان يسجل الاختراق المطلوب في جدار الازمة بما يُمكن النواب من النزول الى ساحة النجمة وانتخاب الرئيس.
حتى ان بعض السياسيين بدأوا يشككون في حصول الزيارة الفرنسية الى لبنان في الموعد المحدد، وأن الموفد الفرنسي بما يملك من معطيات قد يلجأ الى تأخير الزيارة برهة من الوقت عّل الظروف الاقليمية والدولية الموجودة حاليا تتبدد لصالح تفكيك بعض العقد التي ما تزال تعترض طريقه.
وفي هذا السياق يقول مصدر وزاري لموقع “رأي سياسي” ان مسألة انتخاب الرئيس بعد مرور عشرة اشهر على الشغور الرئاسي ما تزال وكأنها لم يمر على هذا الشغور يومين، بمعنى ان المراوحة ما تزال سيدة الموقف، وان الاسباب الكامنة وراء عدم انتخاب خلف للرئيس ميشال عون ما تزال هي..هي ولا شيء تغير على الرغم من المساعي التي بذلتها اكثر من دولة لهذه الغاية.
ويؤكد المصدر ان مفتاح الحل معروف اين هو موجود، وأن التفتيش عليه يأتي من باب مضيعة الوقت بإنتظار تبلور ظروف ما على المستويين الاقليمي والدولي، ومن العبث في تقدير المصدر الاستمرار في محاولات التفاهم على انتخاب رئيس بمعزل عن وجود ارادة اميركية- ايرانية- سعودية لتحقيق هذا الهدف، فصحيح ان باريس صادقة في الجهود التي تبذلها لتقريب وجهات النظر لدى الافرقاء اللبنانيين بما يمكن من التفاهم على اسم الرئيس، غير ان فرنسا بحد ذاتها لديها قناعة راسخة بأنها لن تستطيع لوحدها المساهمة في ذلك ، وأنها بحاجة الى مساعدة جهات أخرى لها نفوذها في لبنان ، وقد سعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من خلال سلسلة اتصالات ولقاءات أجراها مع هذه الاطراف وبقيت الى الان من دون جدوى تحت حجج مختلفة لكل دولة، وأن استمرار فرنسا في محاولاتها رغم علمها بانها لن ينجح في هذه المهمة ما لم تلق الضوء الاخضر من هذه الدول الثلاث نابع من كون ان فرنسا تعتبر نفسها الاقرب الى لبنان ولن تتركه في ازمته على غرار ما فعلته في سنوات سابقة.
غير ان المصدر لا يرى ان الامور مقفلة ، لافتا الى ان بصيص امل لاح في الافق في الاونة الاخيرة يمكن البناء عليه لحصول حلحلة على الخط الرئاسي، حيث ان الحديث عاد عن امكانية ان تلتقي هذه الدول المشار اليها عند تقاطع الافراج عن الاستحقاق الرئاسي وأن بشائر ذلك عودة العلاقات بين طهران والرياض الى طبيعتها ، وان ذلك سيترسخ مع الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني الى المملكة العربية السعودية، وثاني البشائر هو افراج واشنطن عن اموال ايرانية كانت محجوزة في مصارف اكثر من دولة مقابل الافراج عن سجناء لدى ايران ، وانه في حال تراكم هذا التقارب باتجاه الملف النووي نكون قد اصبحنا على عتبة الدخول في مناخات ايجابية تؤدي الى انهاء الازمة الرئاسية والشروع في معالجة الازمات المتفرعة عنها.
ويأمل المصدر أن يكون هذا قريب ، لأننا دخلنا في سباق مع الوقت حيث يوجد الكثير من الصواعق التي يجب تفكيكها قبل ان تقع الواقعة ويصبح كل شيء مستحيل، فالمخيمات غير مستقرة، وازمة النزوح السوري باتت تشكل خطرا، والملف المالي في حال فتح على مصراعيه قد يعقد الامور في الداخل ناهيك عن الوضع المعيشي الذي سيتفاقم اكثر مع اقتراب استحقاق العام الدراسي بما يهدد بحدوث انفجار اجتماعي ما لم تقم الحكومة بخطوات ما تُقلل من تأثير هذه الازمة على غالبية شرائح المجتمع اللبناني.