لماذا فقدت الكويت دور المبادرات؟
جاء في مقال للكاتب حسن علي كرم في جريدة السياسة الكويتية :
عندما تجرأ طلبة المتوسطة من احدى مدارس محافظة درعا، وهي احدى المحافظات السورية، فكتبوا على سور المدرسة شعارات ضد النظام والرئيس الاسد، سارعت الشرطة السورية الى اعتقال الطلبة.
معروف عن تلك المحافظة ان سكانها يتمسكون بالتقاليد والاعراف القديمة، وهي ايضا اشتهرت بين السياسيين والامن السوريين بكونها مركزا للاخوان السوريين، فكانت تلك الحادثة الصبيانية كافية لكي تقوم في كل سورية قيامة ما يسمى المعارضة.
اكتشف فيما بعد ان لا معارضة ولا خلافات اقتضت الخروج الى الشوارع، ومواجهة أمنية مع غوغاء ومدسوسين ومدفوعين من الخارج.
في ذلك اليوم وفي تلك الساعة قلنا انها لعبة ومؤامرة ملعونة على بلد لا يزال ينعم بالامن والاستقرار، وان هناك من يريد بسورية سوءاً، اما حسداً واما نكاية ببلد مازال صامتاً.
وقلنا ان احداث سورية مؤامرة خماسية الابعاد والاضلاع وليست بعيدة عن جوار سورية.
وقد شهد فيما بعد من وتمزيق الاستار، وكشف الحقيقة بشهادة وزير خارجية قطر، حينذاك، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في شهادته الى «الصندوق الاسود» مع الاعلامي المتميز عمار تقي.
وقد تحدث عن الذين انغمسوا وحبكوا خيوط المؤامرة على اسقاط النظام السوري، راهنوا على سقوطه في بضعة اشهر، لا تزيد على الثلاثة اشهر، لكن الثلاثة اشهر تلك، التي راهنوا عليها، امتدت الى احد عشرة عاماً، فسقط رهانهم وبقيت سورية صامدة.
اليوم عادوا فادركوا الحقيقة الصادمة، وان اسقاط النظام رهان خاسر، لكن بعد ماذا؟ بعد خراب مالطا، بعد المأسي والجرائم التي اقترفوها، من موت ونزوح وهدم بيوت وتخريب وقتل ونحر الابرياء.
هذا خلاف تراجع الاقتصاد السوري ومليارات الدولارات التي انفقت لاسقاط النظام، فهل كان تخريب دولة امنة وشعب قنوع، واقتصاد ناجح يستحق كل ذلك؟ ان عودة المتآمرين لا معنى لها الا خيبة امل وعبث سياسي!
لقد خابت الجامعة العربية التي طالبت باسقاط عضوية سورية من «جامعة ابوالغيط»، اذ تصوروا خروج سورية منها خروجها من الجنة، وهكذا ربحت سورية، وخسر المراهقون.
ما يؤلمني حقيقة ان نسقط نحن بين خلافات لا ناقة لنا بها ولا جمل، بل لعلنا خسرنا صديقا، كان في المحنة الا اول الصفوف.
لا ادري لماذا نحن دائما نضع العربة قبل الحصان، العقلاء فقط يعرفون اين ومتى يضعون اقدامهم؟
سلطنة عُمان الدولة الخليجية الشقيقة التي ما فتأت تتمسك بسياسة التوازنات، فرفضت خروج سورية من الجامعة، ورفضت سحب سفيرها من دمشق، هكذا يظهر ثقل السياسات ومن يرسمها.
قلنا ونعود لنقول: الكويت لم يكن لها لا ناقة ولا جمل في الحرب الظالمة على سورية، لكنها انجرت، ما كان ينبغي ان تنجر، وليس هناك مبرر لكي تنجر او تتدخل.
الكويت منذ استقلالها كان قرارها الحياد، وعدم التدخل في شؤون الغير، فلماذا لم نتمسك، او نسينا ان سياساتنا مرسومة على لوح من حجر لا يجوز تجاوزها؟
لماذا كنا نحن في كل الازمات طرف حيادي ومبادر، ولماذا سقطنا في بحور الاخرين في حين لا مصلحة ولا يد لنا فيها؟
إن الدول ترسم سياساتها وفقاً لمصالحها، فالاتحاد الاوروبي الذي يقترب الاعضاء فيه من ثلاثين دولة، ورغم الخطوط العريضة لسياساته العامة، لكن لكل دولة عضو في الاتحاد مصالحها التي ليست بالضرورة تتوافق مع مصلحة المجموع، فتنفرد بما يتناغم ومصالحها، هذا بخلاف ان دول «التعاون» الخليجي لا تتفق ومصالحها بالسياسات الموحدة، بدليل انفراد سلطنة عمان بسياسة بعيدة عن الدول الخمس.
نعود ونقول مجدداً: ما هكذا تورد الابل، ولا كان ينبغي ان نتجرد من سياسات خاصة تصون كياننا، وتبرز صورتنا الحقيقية وثقلنا امام العالم، ولا كان هناك من ضرورة، او اسباب، او الذرائع تدفعنا للاصطفاف مع سياسات مراهقة.
نقول ذلك لاننا نريد ان نستشعر اننا دولة موجودة على خارطة العالم والمنطقة، لا نتبع الاخرين!