رأي

قبة ترامب الذهبية

كتب يونس السيد, في الخليج:
أثار مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبناء درع صاروخية تحت اسم «القبة الذهبية» لحماية الولايات المتحدة من التهديدات الخارجية كثيراً من الجدل في الداخل الأمريكي وفي الخارج، سواء من حيث الكلفة الباهظة والتمويل، أو لاعتباره من قبل البعض مشروعاً هجومياً من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب الأمن العالمي ويطلق العنان لسباق تسلح في الفضاء.

يعيد مشروع ترامب الجديد إلى الأذهان مشروع «حرب النجوم»، الذي اقترحه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان إبان «الحرب الباردة» في ثمانينات القرن الماضي، لكنه لم يكتمل لأسباب كثيرة ومتعددة. ويرى فيه البعض نسخة فضائية من «القبة الحديدية» الإسرائيلية، التي أثبتت فعالية كبيرة في اعتراض الصواريخ قصيرة المدى، مع طموحات أكبر بكثير تستهدف بناء منظومة دفاع صاروخية متطورة للغاية وقادرة على حماية الأراضي الأمريكية الشاسعة، من هجمات صاروخية وباليستية وفرط صوتية، بما في ذلك الهجمات التي قد تُطلق من الفضاء الخارجي.
وبحسب التقارير، تقوم الفكرة الأساسية لـ«القبة الذهبية» على إنشاء شبكة متعدّدة الطبقات من الأقمار الاصطناعية، تشمل مستشعرات متقدمة وأنظمة اعتراضية، قادرة على رصد واعتراض الصواريخ في جميع مراحل طيرانها، من الإطلاق إلى الهبوط. ووفقاً للبنتاغون، فإن بعض الأنظمة الحالية، مثل أقمار الرصد، وصواريخ باتريوت، يمكن دمجها ضمن المنظومة الجديدة، لكن الجزء الأكبر من المشروع سيُبنى من الصفر. لكن من الواضح أن هذا المشروع لا يزال يواجه تحديات جمة تقنية وسياسية،
فمن حيث المبدأ وضعت كلفة تقديرية للمشروع بنحو 175 مليار دولار، لكن مكتب الميزانية في الكونغرس أشار إلى أنّ التكلفة الحقيقية قد تتجاوز الـ 542 مليار دولار على مدى العقدين المقبلين، بينما ذهب بعض المحللين إلى أن الكلفة قد تصل إلى 831 مليار دولار. وهناك من يشكك في إمكانية إنجازه مع نهاية ولاية ترامب عام 2029، ويرجح بعض الخبراء أن يمتد الجدول الزمني للمشروع إلى نحو عشر سنوات، على الأقل، كما أن الأمر لم يستقر بعد على شركات التكنولوجيا والدفاع التي ستشارك فيه، ما دفع بعض أعضاء الكونغرس إلى الحديث عن أن المشروع لا يزال في مرحلة التصور.
وفي كل الأحوال، فقد لقي المشروع معارضة شديدة من جانب الصين، وهي من بين الدول التي تشكل تهديداً للولايات المتحدة، وفق تقييم الاستخبارات الأمريكية، إلى جانب روسيا وإيران وكوريا الشمالية، حيث اعتبرت بكين أن الخطوة «تزعزع الأمن العالمي» وتحول الفضاء إلى «ساحة مواجهة مسلحة»، فيما استشاطت كوريا الشمالية غضباً، معتبرة أن المشروع الجديد يمثل تهديداً لها، وأنها ستضطر إلى تطوير وسائل بديلة للمواجهة أو الاختراق، في حين اعتبرت موسكو المتقاربة لحظياً مع واشنطن، أن الخطوة «شأن يتعلق بالسيادة الأمريكية»، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن المضي في هذه الخطوة سيؤدي حتماً إلى نقل سباق التسلح إلى عسكرة الفضاء.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى