فتيات يتعلّمن فن “الكونغ فو” في غزة
دفع الارتفاع الكبير في عدد حالات قتل النساء في قطاع غزة، فاتن وسامح النقلة، لتقديم مبادرة تعد الأولى من نوعها، التي تستهدف تعليم الفتيات فنون رياضة الكونغ فو القتالية، في إطار تشجيعهن على الدفاع عن النفس حال تعرضهن للخطر، وفق ما اشارت “القدس العربي”.
وفي مقابلات منفصلة معهما، أكدا أن الهدف الأول لإطلاق مبادرة “الدفاع عن النفس”، التي انطلقت امس، هي تحفيز الفتيات بمختلف الأعمار على التسلح بالقدرات القتالية لاستخدامها في الوقت الذي يتطلب الأمر دفاعهن عن النفس.
وقالت فاتن النقلة، في مقابلة أجرتها معها الوكالة الرسمية الفلسطينية “وفا”: إنها أعلنت قبل أيام عن مبادرة الدفاع عن النفس، لكنها لم تتوقع الإقبال الكبير من المشاركات اللاتي عبرن بشدة عن إعجابهن بها، ورغبتهن الكبيرة في تعلم الفنون القتالية، كإحدى أهم وسائل الدفاع عن النفس، مبررات ذلك بخوفهن من التعرض للاعتداء الجسدي أو التحرش بمختلف أشكاله وفي مختلف الأماكن.
وأشارت النقلة إلى أن الإعلان عن المبادرة قوبل بتنمّرٍ من آخرين، ممن رأوا أن الإعلان عن هذه المبادرات يتنافى مع العادات والتقاليد المجتمعية التي تفرض على النساء القبول بالموروث الثقافي المرتبط بالمجتمع، والقاضي بضرورة تقبل المرأة لكونها كائنا ضعيفا منصاعا بشكل أو بآخر لرجل، بغض النظر عن صلة قرابة هذا الرجل، أو شكل الوصاية التي يمثلها.
وأوضحت أنها تعتزم، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، زيادة الوعي المجتمعي بأهمية مثل هذه المبادرات، معللة ذلك بالقول: “إن المجتمع إذا تقبل فكرة تلقي المرأة لمثل هذه الرياضات حرصاً وخوفاً على حياتها، فسوف يتقبل أن نعاود الإعلان عن مبادرات مماثلة في المستقبل القريب”.
وأضافت: “وجدت إقبالا كبيرا، لأن النساء فعلاً يردن ذلك. نحن النساء من حقنا أن نحمي أنفسنا وكرامتنا، لكنني مقتنعة أن الرجال في معظمهم لن يقبلوا بتشجيع نسائهم على الانضمام لنا؛ فقد كانوا أكثر المتنمّرين على مبادرتنا”.
ولفتت إلى أن رفع الوعي المجتمعي بأهمية وضرورة مثل هذه المبادرات من شأنه أن يوفر الحماية اللازمة للفتيات، ليس فقط في البيت، بل في العمل والشارع وكل مكان من المحتمل أن تواجه فيه الخطر.
وعما إذا كانت المبادرة ستمتد لأكثر من مجرد تلقين الفتيات فنون القتال في رياضة الكونغ فو، نبّهت النقلة إلى أن المبادرة تشمل كذلك تدريب مدربات على هذه الرياضة وكذلك مُحكّمات؛ بهدف زيادة عدد العاملين في مجال تعليم هذه الرياضة، وبالتالي زيادة عدد المشاركين في مثل هذه المبادرات لتصبح ثقافة عامة.
وتطرقت في حديثها إلى أهمية أن تولي الجهات الرياضية الحكومية أهمية أكثر لهذا الفن؛ بتوفير أماكن مخصصة للنساء، بشكل يناسب الأعراف المجتمعية، التي تحافظ على خصوصية المرأة، فضلاً عن تقديم البرامج الداعمة لتطوير أداء النساء الراغبات في الالتحاق بهذا المجال؛ بتوفير تدريبات متخصصة لهن من داخل قطاع غزة وخارجه.
فيما قال سامح النقلة، رئيس لجنة الاتحاد الفلسطيني لرياضة الكونغ فو، إن البرنامج سيمتد لثلاثة أشهر، نأمل بعدها أن يتم تشكيل منتخب وطني نسائي يمكن أن يشارك في المسابقات العربية والدولية، مبيناً الفوائد الصحية لمثل هذا النوع من الرياضات، مؤكداً أن المشاركة في البطولات، أو تلقين الفتيات لفنون القتال، ليست هي الأهداف الوحيدة للمبادرة.
في حين قالت هبة شبير، وهي إحدى المتدربات، إنها تشجع وبقوة مشاركة الفتيات في مثل هذه الفنون، مؤكدة رغبتها في مواصلة تلقي التدريبات حتى تصبح يوماً مدربة في المجال الذي قالت إن لديها معرفة مسبقة بأساسياته، مستنكرة حالة الاستهجان التي قوبلت بها المبادرة من العديد من الرجال الذين عدّوا أنها تشكل باباً لاستقواء النساء عليهم.
وقالت: “هذا اعتقاد خاطئ. كل ما في الأمر أن النساء بتن في ظل الواقع الذي نعيشه بحاجة ماسة لاكتساب مهارات جديدة تؤهلهن للدفاع عن أنفسهن بطريقة أو بأخرى. الأمر لا يتعلق بالرجال أو الأفضلية عليهم على الإطلاق”، متمنية أن تلقى مثل هذه المبادرات القبول المجتمعي.
وشهد قطاع غزة، الجمعة، حادثة قتل سيدة (31 عاما)، على يد زوجها، بحسب ما أعلن عنه المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية أيمن البطنيجي، الذي قال إنه عُثر على نهى ياسين متوفّاة في منزلها، مشيراً إلى أن التحقيقات وتقرير الطب الشرعي أكدا أن الوفاة ناجمة عن نزيف حاد إثر كسور في عظام الصدر نتيجة الاعتداء عليها من زوجها الذي أقرّ بفعلته.
فيما خرجت تظاهرات منددة في القطاع بسبب الارتفاع الملحوظ في جرائم القتل التي تستهدف النساء، ما دفع المؤسسات النسوية العاملة في غزة للمطالبة بتفعيل القوانين التي توفر الحماية للنساء.