اقتصاد ومال

طرح الصين سندات دولارية في السعودية يعزز أفق التعاون بين البلدين

في خطوة تعكس عمق التعاون الاقتصادي بين الصين والسعودية، اختارت الحكومة الصينية السوق المالية السعودية لإطلاق إصدار سندات مقوّمة بالدولار بقيمة ملياري دولار، هي الأولى لها بالعملة الأميركية منذ عام 2021.

وقد استقطبت هذه السندات التي طُرحت، يوم الأربعاء، في السوق المالية السعودية، اكتتابات فاقت بكثير المبلغ المنويّ جمعه. إذ أشارت «بلومبرغ» إلى أن الطلبات تجاوزت 25.7 مليار دولار.

كانت وزارة المالية الصينية قد أعلنت في وقت سابق من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، خططها لبيع ما يصل إلى ملياري دولار من السندات، ذات أجلَي 3 و5 سنوات.

وقالت «بلومبرغ» إن اختيار السعودية مكاناً لطرح السندات هو أمر غير اعتيادي، حيث عادةً ما يجري اختيار لندن ونيويورك وهونغ كونغ لإجراء مثل هذه المعاملات.

وتعد الخطوة الصينية في اختيار المملكة إصداراتها بمثابة إشارة قوية من بكين إلى رغبتها في جذب الاستثمارات السعودية، وفق ما قالت لـ«الشرق الأوسط» المؤسِّسة المشاركة والشريكة الإدارية في «إي دبليو بارتنرز»، جيسيكا وونغ.

وتعد «إي دبليو بارتنرز» منصةً استثماريةً مدعومةً من «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، وتسهم في تسهيل الاستثمارات العابرة للحدود بين منطقة الشرق الأوسط وآسيا.

وشرحت وونغ أن «إصدار سندات بعملة مستقرة ومعترف بها عالمياً مثل الدولار الأميركي يساعد الصين على جذب المستثمرين الذين قد يشعرون بأمان أكثر في الدخول باستثمارات مقوَّمة بالدولار. إنها إشارة واضحة إلى أن الصين ترحب بالاستثمار من السعودية، وأن العلاقة الاقتصادية المربحة بين البلدين تستمر في التعمق».

وأوضحت أن العلاقة بين البلدين قوية، كما يتضح من زيارة لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، الأمر الذي يفتح الباب لمزيد من المبادرات الاستثمارية المشتركة بين الجانبين.

الشركات الصينية في الشرق الأوسط

وفي شق آخر، تشير وونغ إلى أن الفرص أمام الشركات الصينية في مجال التكنولوجيا في الشرق الأوسط كبيرة للغاية. إذ تشهد المنطقة، بقيادة المملكة، تحولاً اقتصادياً غير مسبوق، في وقت تركز الحكومة السعودية على تعزيز التقدم التكنولوجي في قطاعات حيوية مثل اللوجيستيات والبنية التحتية والتكنولوجيا المالية، وفق ما ذكرت.

وأضافت: «إن سرعة هذا التحول هائلة وتدرك دول مثل الصين الإمكانات الكبيرة للتعاون في هذه الفرص، وهناك عدد كبير من مشاريع البنية التحتية والاستثمار التي يجري تنفيذها نتيجة لذلك».

وأشارت إلى أن الموقع الجغرافي للمنطقة يجعلها محوراً حيوياً لطرق التجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا. وقالت إنه يوفر للشركات الصينية إمكانية الوصول إلى سوق واسعة، كما يسهّل اللوجيستيات التجارية. وأضافت أن مبادرة «الحزام والطريق» تعمل بالفعل على تعزيز الاتصال وفتح فرص تجارية جديدة.

أبرز المشاريع والاستثمارات

وتحدثت وونغ عن أحد أبرز مشاريع «إي دبليو بارتنرز» المتمثل في إنشاء منطقة اقتصادية خاصة في مطار الملك سلمان الدولي بالرياض، والذي يعكس التعاون بين الحكومة السعودية والشركات الصينية.

وتهدف هذه المنطقة إلى جذب أكثر من 3 آلاف من تجار الجملة والتجزئة ونحو 200 شركة تصنيع خفيف من الصين وآسيا.

وحسب وونغ، فإن هذا المشروع «سيخلق عدداً كبيراً من فرص العمل المحلية، وسيسهم في تطوير المهارات وزيادة الإيرادات لصالح المملكة».

هذا وأشارت وونغ إلى العقد الاستثماري الذي وقَّعته «إي دبليو بارتنرز» خلال مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار»، بقيمة 50 مليون دولار في شركة «ليشينز» التابعة لـ«لينوفو» الصينية في مجال سلاسل التوريد، وذلك لتوطين عملياتها في السعودية لأول مرة. وقالت: «تُعدّ هذه الخطوة نموذجاً حياً لتمكين الشركات الصينية من بناء حضور قوي في السوق السعودية والتمتع بمزايا النمو المستدام».

كما أشارت وونغ إلى استثمارات شركات صينية في خدمات محلية متخصصة، مثل «جي آند تي إكسبرس» الصينية للنقل والتخزين، التي تحتل المرتبة الثانية في كفاءة التسليم، والتي عززت كفاءة العمليات التجارية.

وتقوم مؤسسات مثل «الشركة السعودية للحوسبة السحابية» التي تشارك فيها «إي دبليو بارتنرز»، وهي مشروع مشترك مع مجموعة «إس تي سي» و«علي بابا كلاود» و«سكاي» و«سايت»، بالمساهمة في التحول الرقمي في المملكة، وتقديم حلول متقدمة تساعد على تحسين الكفاءة التشغيلية ودفع عجلة النمو في مختلف القطاعات.

التوقعات المستقبلية

وفيما يتعلق بالمستقبل، تتوقع وونغ أن يشهد العام المقبل تعزيزاً كبيراً في التعاون بين الصين ودول الخليج، مع التركيز على قطاعات مثل الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا. وأضافت: «الاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية وحلول المدن الذكية والتكنولوجيا المالية ستسهم في تعزيز التقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي في المنطقة».

كما أشارت وونغ إلى خطوة أخرى مهمة قادمة في 2025، وهي افتتاح مكتب بورصة هونغ كونغ في الرياض. ورأت أن «هذه الخطوة ستكون مفصلية في تعزيز الروابط المالية بين الصين ودول الشرق الأوسط، حيث ستمكن المستثمرين من الوصول إلى أسواق مالية متنوعة، وستسهم في تعميق التعاون بين أسواق رأس المال».

وأضافت: «وجود بورصة هونغ كونغ في الرياض سيساعد المستثمرين السعوديين على الاستفادة من الفرص المتاحة في الصين، مما يعزز التكامل بين أسواق رأس المال في الشرق والغرب».

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى