
لينا الحصري زيلع
خاص_رأي سياسي
تفاقم الازمة الاقتصادية خلال السنوات الأربع الماضية، وغياب الاستقرار السياسي والمالي والاجتماعي ادى الى تداعيات سلبية عدة، منها ارتفاع في نسب الطلاق مقابل انخفاض ملحوظ في عقود الزواج، حسب اخر الإحصاءات الصادرة عن المديرية العامة للأحوال الشخصية، مما ينذر الى مؤشرات خطيرة ستظهر نتائجها بشكل اكبر خلال السنوات المقبلة من تفكك للأسر، وبالتالي إمكانية انحراف بعض الأولاد نتيجة فقدان الأمان العائلي.
وحول هذا الموضوع سأل موقع “راي سياسي” عضو لجنة “فأصلحوا” لحل الخلافات الزوجية في المحكمة الشرعية في بيروت الدكتورة رندة مكحل عن هذا الموضوع فقالت :”عملنا هو حل الخلافات الزوجية بالتعاون مع قضاة المحكمة الشرعية في بيروت، عند وصول دعوى التفريق او الطلاق عند القاضي، ولاحظنا ان هناك بعض الحالات التي تحتاج للاستشارة فقط، ولكن الأكيد ان هناك زيادة مرتفعة في نسبة الطلاق وبشكل دراماتيكي ، وذلك لأسباب عديدة أهمها، اقتصادية نتيجة تدهور العملة الوطنية، إضافة الى ان جائحة كورونا التي أدت إلى توقف شركات ومؤسسات، وبالتالي الى طرد عدد كبير من الموظفين، مما جعل العديد من النساء يتذمرن من عدم عمل الزوج، في ظل ارتفاع كلفة متطلبات الحياة الأساسية، مما ادى الى زيادة المشاكل بين الزوج والزوجة و دفعها لطلب الطلاق”.
كاشفة عن سبب استجد خلال السنوات الماضية ، والمتعلق بالهاتف المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال انشغال أحد الزوجين بالهاتف لفترة طويلة، وزيادة حالات الخيانات الزوجية بسبب التعارف الذي يتم على وسائل التواصل.
وأشارت الدكتورة مكحل الى ان نسبة كبيرة من الخلافات الزوجية يعود إلى التربية منذ الطفولة، ويتأثر الأولاد بخلافات الاهل، فيحاول كل من الزوجين أن يعيد ما عاشه مع عائلته في منزل والديه من حالات ضرب وتعنيف، كما ان هناك سبب إضافي يوصل الى الطلاق وهو عندما يقوم أحد الزوجين أو كلاهما بنشر أخبار الخلافات أمام الاهل مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلا من حلها.
وردا على سؤال تقول الدكتورة مكحل ان نسبة الخيانة الزوجية زادت بشكل كبير بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي ، بالإضافة إلى إنشغال الزوج عن زوجته بسبب العمل الطويل لتأمين متطلبات الحياة، وكذلك عند إنشغال المرأة عن زوجها بسبب عملها المضني مما يجعلها تعود إلى المنزل متعبة، فيفاقم هذا الأمر من المشاكل ويصبح هناك شرخ في العلاقة الزوجية يؤدي علاقات خارج الزواج.
وتلفت الى أن نسبة الطلاق أصبحت مرتفعة جداً مقابلة مع نسبة الزواج التي بدأت بالانخفاض بسبب الوضع الاقتصادي، وهجرة الشباب، مما ينذر بوضع اجتماعي وعائلي خطير. وبالتالي أجيال ضائعة منحلّة، نشأت بين عائلة متفككة.
وعن دور لجنة ” فأصلحوا” تشير الدكتورة مكحل الى ان دورها هو توعية المقبلين على الزواج من خلال تقديم النصائح قبل عقد القران، وكذلك من خلال صفحة “الفايس بوك” ومجموعة “مودة ورحمة” على “الواتس اب” للمتزوجين الجدد.
وتؤكد أن حل المشاكل في بدايتها وعدم تراكمها بإمكانه انقاذ الزواج قبل الوصول إلى الطلاق، وتنصح الى توعية وتثقيف الأشخاص المقبلين على الزواج، من خلال حضور برامج مختصة بالمساعدة على حل الخلافات، إضافة الى معرفة حقوق وواجبات كلا الزوجين، كذلك عدم إخبار الأهل بأي مشكلة بين الزوجية، إلا إذا كانت مشكلة خطيرة تحتاج إلى تدخل الأهل، واستشارة مختصين في حل الخلافات الزوجية.
المحاكم الروحية المسيحية
من ناحيته، يقول المحامي المتخصص بالأحوال الشخصية ودعاوى الزواج في المحاكم الروحية المسيحية الكسندر جبران عن موضوع بطلان الزواج :”في ظل الاوضاع الاجتماعية الصعبة نواجه الكثير من دعاوى بطلان الزواج التي ترفع في المحاكم الروحية، لدراسة الملفات منذ بداية الزواج وصحة العقد ، فاذا وجدت المحكمة وجود خلل في العقد اثر على الرضى الزواجي تصدر قرارها ببطلان الزواج، الذي تتعدد أسبابه ، نتيجة وقوع احد من الزوجين ضحية غش ان كان بالسلوك او طريقة الحياة، او لأسباب نفسية لعدم قدرة الزوج او الزوجة على تحمل مسؤولية الزواج، فيقدم احدهما دعوى امام المحكمة الروحية يطلب فيها بطلان الزواج ، في هذه الحالة تعقد المحكمة جلسة الأولى تسمى جلسة المصالحة بين الزوجين واذا فشل الامر، يُتخذ قرار بالسير بالدعوى، على ان تخصص الجلسة الثانية لاستجواب المدعي من قبل القاضي ، اما الجلسة الثالثة تخصص لاستجواب المدعى عليه، ومن ثم يتم استجواب شهود لتثبيت ادعاء المدعي من انهيار العلاقة الزوجية، وبعدها تعيين المحكمة اختصاصي نفسي يجري اختبار على احد الطرفين او على كلاهما، واذا ثبت التقرير الموضوع من قبل الاختصاصي النفسي بان هناك عدم قدرة لاحد الزوجين على عدم التحمل وافرغ الزواج من مضامينه يصبح الزواج باطلا، مع الإشارة الى ان القاضي يعود اليه قرار البطلان اذا كانت لديه قناعة وهو غير مقيد براي التقرير النفسي.”
واعتبر جبران ان وسائل التواصل الاجتماعي باتت عوامل إضافية سلبية اثرت على العلاقات الزوجية وتفاقم المشاكل.
وحول نسبة بطلان الزواج كشف المحامي جبران ان نسبة الدعاوى في المحاكم المارونية كانت في التسعينات وبداية العام 2000 لا تزيد عن 200 الى 250 دعوى سنويا، ولكن ابتداءً من 2010 حتى نهاية العام الماضي وصلت ما بين 500 الى 600 دعوى ، اما هذا العام فقد وصلت الدعوى الى 450 دعوى حتى منتصف شهر تموز، اي ان هناك تزايد متواصل بدعاوى بطلان الزواج، وذلك يعود الى الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، والتفلت الأخلاقي وكل العوامل السلبية المحيطة بالعائلة والازواج أدت الى تفكك العائلة، حتى انه لم يعد هناك فرصة للاختصاصيين لترميم هذه العلاقات.
وختم المحامي جبران بالتشديد على الزامية انشاء مراكز ل في الابرشيات للإصغاء الى الزوجين ومحاولة إقامة صلح بينهما قبل الوصول الى المحكمة، علما ان هناك بعض الابرشيات لديها مثل هكذا مراكز ولكن نسبة المصالحة بين الأزواج لا تتعدى25%.