رغم ضجة “البديل”.. المحافظون يحتفون بمرشحهم لمنصب المستشار

كتب كريستوف شتراك, في “DW” :
ما رأيك في حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي؟ فبعد خلافات الأيام القليلة الماضية حول الاعتماد على أصوات نواب “البديل”، قطع فريدريش ميرتس، مرشح المحافظين لمنصب المستشار وعدًا لحزبه لإنهاء حالة عدم اليقين.
في غضون دقائق بدا وجه فريدريش ميرتس أصغر بعشر سنوات. عندما صعد الرجل البالغ من العمر 69 عامًا إلى منصة “سيتي كوب”، وهي قاعة حديثة في مركز برلين للمعارض، يوم أمس الاثنين (الثالث من فبراير/ شباط) ليفتتح مؤتمر حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي علا التصفيق الحار.
الحسم في 23 فبراير
تنتخب ألمانيا برلمانها القادم أوالبوندستاغ في 23 فبراير/ شباط الجاري بسبب انهيار “ائتلاف إشارة المرور” الذي كان يضم الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر والليبراليين في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وستعقد جميع الكتل السياسية الممثلة في البوندستاغ مؤتمرات حزبية في غضون شهر: لإعادة التأكيد على البرامج الانتخابية، ولتشجيع الحملات الانتخابية وكذلك المرشحين الرئيسيين.
رفع مرشح الاتحاد المسيحي بشقيه: المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي لمنصب المستشار، فريدريش ميرتس صوته ثلاث مرات مقابل التصفيق بعبارة: “سيداتي وسادتي”. كما حاول مرة أخرى بـ “أصدقائي الأعزاء”. لكن التصفيق لم يهدأ. ووقف ميرتس هناك، ربما محرجًا بعض الشيء، وربما استمتع باللحظة.
في بداية الاجتماع الذي استمر خمس ساعات وحضره حوالي 950 مندوبًا، بدا من الواضح أنهم يحتفلون به ويؤكدون له دعمهم.
قد يحتاج ميرتس إلى ذلك. ففي نهاية الأسبوع الماضي، أدى إصراره النهائي على قرارات البرلمان الألماني بتشديد الضوابط على الهجرة ووقف الهجرة غير النظامية إلى تأجيج الأجواء الساخنة بالفعل خلال الحملة الانتخابية.
وقد أعطى ذلك دورًا لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي.
مظاهرة ضد أي تعاون بين الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب البديل من أجل ألمانيا في 2 فبراير في برلينمظاهرة ضد أي تعاون بين الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب البديل من أجل ألمانيا في 2 فبراير في برلين
لقد كانت مسرحية في عدة فصول. ففي أحد الأيام، لم يحصل اقتراح الاتحاد المسيحي المعارض على أغلبية إلا لأن المجموعة البرلمانية لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي قد صوتت أيضًا لصالحه. ومع ذلك، في يوم آخر، لم تكن أصوات الاتحاد المسيحي المعارض وحزب “البديل من أجل ألمانيا” كافية لتمرير مشروع قانون حول تشديد سياسة الهجرة واللجوء.
ومنذ توليه رئاسة الاتحاد المسيحي الديمقراطي في نهاية يناير/ كانون الثاني 2022، أكد ميرتس في كثير من الأحيان أنه لم يرغب أبدًا في أي تعاون مع “البديل” اليميني الشعبوي. والآن كانت هناك انتقادات واسعة النطاق من المعارضين السياسيين وفي وسائل الإعلام، بما في ذلك من الكنائس والمجلس المركزي لليهود في ألمانيا.
وفي عطلة نهاية الأسبوع، خرج مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في جميع أنحاء ألمانيا للاحتجاج، حوالي 160,000 شخص في برلين وحدها حسب الشرطة.
رفض “البديل” اليميني الشعبوي مرة أخرى
في “سيتي كوب” تناول ميرتس هذا الموضوع خلال خطاب ترشحه الذي استمر 50 دقيقة. وقال: “أؤكد لكم بوضوح شديد وبشكل لا لبس فيه: لن نعمل مع الحزب الذي يطلق على نفسه اسم “البديل من أجل ألمانيا”. لا قبل ذلك ولا بعد ذلك ولا على الإطلاق”، هذا ما أكده ميرتس بعد وقت قصير من بدء خطابه.
وأضاف: “هذا الحزب يقف ضد كل ما بناه حزبنا وبلدنا في ألمانيا في السنوات والعقود الأخيرة”، وذكر على سبيل المثال العلاقات مع الغرب واليورو وحلف شمال الأطلسي. وبالنسبة له لن يكون هناك أي تعاون مع حزب “البديل”، ولا حتى حكومة أقلية بقيادة الاتحاد المسيحي.
هنا وقف المندوبون وتعالى التصفيق مجددا وتحول إلى هتافات. عموما لا تُعد مؤتمرات الحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الفيدرالي تقليديًا أماكن للنزاعات الصاخبة، خاصة أثناء الحملات الانتخابية. لكن رد الفعل في القاعة يُظهر مدى أهمية هذا التوضيح من زعيمهم ورجلهم الأول بالنسبة للكثيرين في الحزب. وقد ألمح مندوب أو اثنان من المندوبين إلى ذلك على هامش الحدث.
الخطط في حال الفوز في الانتخابات
ومع ذلك كان لخطاب رئيس الحزب تركيز مختلف. فقد أكد على الوضع الاقتصادي الصعب في ألمانيا وأعلن عن العديد من الخطوات لاستعادة النمو الاقتصادي في البلاد. ومن شأن خفض الأعباء الضريبية على الشركات والحد من اللوائح التنظيمية والبيروقراطية أن ينعش الاقتصاد ويخلق ازدهارًا جديدًا. ويتعلق الأمر بالابتكار وإجراء المزيد من الأبحاث.
وفي الوقت نفسه، حذر من تجاهل تغير المناخ. فالطريق إلى الحياد المناخي “لا رجعة فيه” والتغير المناخي الخطير “يجب ألا يكون موضع تساؤل”. وأشار بإيجاز إلى التخلص التدريجي من الطاقة النووية، لكنه ترك الباب مفتوحًا حول ما إذا كان يريد العودة عن ذلك.
لافتات مُعدّة للتلويح في مؤتمر حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لافتات مُعدّة للتلويح في مؤتمر حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي
لافتات مُعدّة للتلويح في مؤتمر حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطيصورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
وحتى قبل خطابه، تبنى الحزب بالإجماع “برنامج عمل فوري” دون الكثير من المناقشات المتعمقة. وينص البرنامج، من بين أمور أخرى، على إلغاء بعض القوانين التي تعود إلى سنوات ائتلاف إشارة ضوء المرور، مثل الترخيص المفصل قانونيًا للقنب وما يسمى بقانون التدفئة. كما يتضمن أيضًا تدابير مختلفة لتنشيط الاقتصاد.
ويعد الحد من الهجرة غير النظامية جزءًا من هذه الحزمة، إلى جانب نقاط أخرى من اقتراح البوندستاغ المثير للجدل.
وعندما يتعلق الأمر بالدفاع والسياسة الخارجية، يصبح ميرتس جادًا للغاية وتستمع القاعة في صمت. “التحدي الأكبر في السنوات القادمة” هو “الحفاظ على الحرية”. فالهجوم الروسي الوحشي على أوكرانيا كان “أيضًا هجومًا على حريتنا، وعلى أوروبا بأكملها، وعلى الغرب، وعلى التنوير”. التهديد العسكري من روسيا “حقيقي للغاية”.
وأعلن رجل الاتحاد المسيحي الديمقراطي عن تعميق العلاقات مع الجارتين فرنسا وبولندا. وأكد: “سنكون أوروبيين مقتنعين مرة أخرى”.
وقد تحدث زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الشقيق، رئيس حكومة ولاية بافاريا ماركوس زودر، قبل ميرتس، وأشعل الأجواء. فالاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، بمن في ذلك زعيما الحزبين، متناغمان مع بعضهما البعض في الوقت الحالي بطريقة لم نشهدها منذ سنوات عديدة.
وهاجم زودر أيضًا حزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي يعتبر بعض قياداته “يمينيين متطرفين”، “ولكن ليس ناخبيهم”. كما وجه زودر انتقادات شديدة للمستشار شولتس ولحزب الخضر وعلى قرار ترخيص القنب والتجنيس اللغوي، وغالبًا ما يتلقى التصفيق على ذلك. وهو يهاجم حزب الخضر بشراسة.
بالنسبة لزعيم الاتحاد المسيحي الاجتماعي، فإن تشكيل ائتلاف حكومي مع حزب الخضر تحت قيادة زعيمهم روبرت هابيك بعد الانتخابات التشريعية المبكرة غير وارد إطلاقا.
زودر يهيئ الأجواء
وحرص زودر، الذي تحدث لمدة ثلاثة أرباع الساعة، وهي مدة مماثلة لميرتس من بعده على إيقاف التصفيق بسرعة. دائمًا ما تكون خطاباته جيدة للجو العام. وحين سأل صحفي من قناة “فونيكس” التليفزيونية هربرت رويل، وزير داخلية ولاية شمال الراين-ويستفاليا عن تقييمه بعد خطابي الزعيمين قال: “كان زودر صاخبًا. وكان ميرتس ذكيًا”.
يتظاهران حاليًا بالوحدة: فريدريش ميرتس (يسار) وماركوس زودريتظاهران حاليًا بالوحدة: فريدريش ميرتس (يسار) وماركوس زودر
يتظاهران حاليًا بالوحدة: فريدريش ميرتس (يسار) وماركوس زودرصورة من: Ebrahim Noroozi/AP/picture alliance
حتى مؤتمر الحزب الذي استمر بالكاد خمس ساعات يكشف الكثير. ويبدو أن الكثيرين يفترضون أن الاتحاد المسيحي الديمقراطي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي سيشكل ائتلافًا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد الانتخابات العامة. ولكن الجميع يحترمون الأسابيع المقبلة وتطور استطلاعات الرأي.
وبالكاد يذكر أحد الحزب الليبرالي الديمقراطي، الشريك المفضل دائمًا للسياسيين المحافظين في الحزب المسيحي الديمقراطي، أو زعيمه وزير المالية السابق كريستيان ليندنر.