رئيس وزراء اليابان يستكشف فرص “المعادن النادرة” في السعودية.
يبدأ رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، غداً الأحد، جولة خليجية ترتكز معظم أجندتها على “الطاقة”، ومن أجل استعراض بلاده تقنيات حديثة من شأنها تسهيل الوصول إلى مستوى “الانبعاثات الصفرية” التي تهدف للوصول إلى الدول النفطية خصوصاً السعودية.
وتشمل زيارة فوميو التي تعد الأولى له لمنطقة الشرق الأوسط منذ تسنمه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 السعودية وقطر والإمارات وتستمر يومين، كان من بين أهم قضايا تركيزها الاستثمار في “المعادن الأرضية النادرة” التي يتردد أن الرياض تملك احتياطات كبيرة منها.
وتأتي الجولة في إطار مساعي تعزيز التعاون من أجل ضمان استقرار إمدادات النفط في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.
وكشفت تقارير صحافية ملفات رئيسة على أجندة الزيارة، يأتي أهمها “تأمين إمدادات نفطية” ثابتة لبلاده التي تعتبر رابع أكبر مستورد للنفط في العالم، وكذلك لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج.
وحول الزيارة، علق مسؤول كبير في وزارة الخارجية اليابانية حول الزيارة قائلاً “من المهم جداً بناء علاقة ثقة شخصية مع الزعماء المسؤولين في كل دولة في السنوات المقبلة”.
وقال المسؤول الذي تحدث لوكالة “رويترز” وطلب عدم نشر اسمه “أسعار النفط الخام مرتفعة بسبب الوضع في أوكرانيا لذا من المهم جداً تبادل وجهات النظر حول سوق النفط الحالية وسوق الغاز الطبيعي المسال… ومن المهم جداً تبادل وجهات النظر مع هذه الدول حول استقرار سوق الطاقة”.
وتسعى اليابان والسعودية إلى استثمارات مشتركة في مجال المعادن الأرضية النادرة، حيث من المتوقع اتفاق رئيس الوزراء الياباني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على استثمار مشترك لتطوير هذا النوع الثمين من الموارد.
وستساعد طوكيو أيضاً في تسريع تطوير الموارد التي يجري تعدينها بالفعل في السعودية مثل النحاس والحديد والزنك.
الاعتماد على النفط والغاز
ولا تزال تعتمد الدولة الصناعية الشرق آسيوية بشكل كبير على واردات النفط والغاز الطبيعي المسال، في حين يمثل منتجو “أوبك” أكبر موردي النفط لها بخاصة دول الشرق الأوسط التي تشكل 80 في المئة، وهي تسعى إلى تجنب تكرار أزمة الطاقة الحادة التي عصفت بها قبل نحو عامين.
وتعتبر السعودية والإمارات من أكبر البلدان المصدرة للنفط بالعالم، فيما تتربع قطر على عرش أكبر بلد يصدر الغاز الطبيعي، ولليابان نصيب وافر منه.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، اتفقت اليابان ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على إقامة حوار بين كبار المسؤولين في وقت تتطلع فيه إلى تعزيز أمن الطاقة. والتقى حينها المسؤول الياباني كي تاكاجي أمين عام “أوبك” هيثم الغيص في مقر المنظمة في فيينا، إذ ناقشا إمدادات الطاقة العالمية وتوقعات الطلب، واتفقا على إطلاق خط اتصالات دائم.
الانبعاثات الكربونية
واتساقاً مع توجه الدول النفطية نحو “تصفير الانبعاثات الكربونية” انخرطت اليابان في تطوير تقنيات طاقة أكثر ميلاً للموارد المتجددة لأنها تريد الوصول إلى درجة الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وسيحاول كيشيدا من خلال جولته الخليجية الترويج للمعرفة اليابانية نحو أهداف الخليجيين الخضراء الطموحة.
وقال المسؤول “أحد الإنجازات التي نتوقعها من هذه الزيارة يتمثل في التعاون في مجال الطاقة الجديدة المعتمد على مصادر طاقة صديقة للبيئة مثل الهيدروجين والأمونيا، مع الاستفادة من التقنيات اليابانية ومن ثم تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة”.
وفي مارس (آذار)، وافقت شركة ماروبيني اليابانية للتجارة على دراسة إنتاج الهيدروجين النظيف في السعودية مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي في الوقت الذي تتطلع فيه الرياض إلى إضافة أنواع أخرى من مصادر الطاقة تتضمن الوقود الأنظف ومصادر الطاقة المتجددة لتنويع اقتصادها القائم على النفط.
قطاعات نوعية جديدة
ووقعت السعودية واليابان في ديسمبر (كانون الأول) 2022 على 15 اتفاقية بينهما على هامش منتدى الاستثمار السعودي الياباني الذي أقيم في الرياض. واعتبر حينها وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني نيشيمورا ياسويوشي أن السعودية هي “أكبر مصدر موثوق لإمدادات النفط الخام إلى اليابان”.
وتضمنت الاتفاقات بين البلدين مجالات الذكاء الاصطناعي والرياضة والتمويل والخدمات البنكية وإعادة تدوير البوليستر والزراعة والأغذية والصناعة والتصنيع والتجارة والطاقة والرقمنة والمدن الذكية والتخصيص.
وأكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال تصريحات صحافية على هامش المنتدى آنذاك، أن “العمل على رؤية 2030 بشكل مشترك بين البلدين أسهم في دفع الشراكة الاقتصادية مع اليابان إلى قطاعات نوعية جديدة”.
ومنذ إطلاق الرؤية السعودية اليابانية 2030 عام 2017، ارتفع عدد المشاريع المشتركة بين البلدين من 30 إلى 100 مشروع، وهناك أكثر من 100 شركة يابانية تعمل في المملكة حالياً.
ويبلغ عدد اليابانيين المقيمين في السعودية نحو 600 شخص، معظمهم يعملون في قطاع الشركات.
إنتاج الأمونيا الزرقاء
وستكون الإمارات الدولة التي يعمل بها أكثر من 400 شركة يابانية ثاني محطات فوميو كيشيدا.
وهي ثاني أكبر الدول الموردة للنفط إلى دولة اليابان، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2021 أكثر من 30 مليار دولار أميركي، وارتفعت قيمة صادرات الإمارات لليابان إلى 26 مليار دولار أميركي، فيما ارتفعت وارداتها من اليابان إلى 6.2 مليار دولار أميركي.
وفي يونيو (حزيران) 2022 أمضت الإمارات ثلاثة اتفاقات بين شركات إماراتية وأخرى يابانية قالت حينها إنه من المتوقع أن تسهم تلك المشاريع في ترسيخ ريادة الإمارات في مجال الوقود منخفض الكربون من خلال الاستفادة من الطلب العالمي على الأمونيا الزرقاء كوقود حامل للهيدروجين النظيف”.
ومن المتوقع أن يبدأ مشروع إنتاج “الأمونيا الزرقاء” عالمي المستوى عمليات الإنتاج في عام 2025 بطاقة إنتاجية تبلغ نحو مليون طن سنوياً في أبوظبي.
وزاد التعاون بين أبوظبي وطوكيو في مجال الفضاء منذ الإطلاق الأول للقمر الصناعي “خليفة سات” من تانيغاشيما في عام 2018، متبوعاً بإطلاق أول مسبار كوكبي للدولة الخليجية “مسبار الأمل” إلى كوكب المريخ في يوليو 2020. ووصل مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ في التاسع من فبراير (شباط) 2021.
ويعيش في الإمارات نحو أربعة آلاف مواطن ياباني وهو أكبر عدد للمواطنين اليابانيين المقيمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتعود أول أيام علاقتهما الدبلوماسية إلى عام 1972.
وفي لقاء يسبق جولة رئيس الوزراء الياباني. يؤكد سفير طوكيو لدى الدوحة ساتوشي مايدا، أن بلاده تحتل المركز الرابع كأكبر مستورد في العالم من دولة قطر عام 2022. وبلغ حجم الصادرات إلى قطر في عام 2022 نحو 1.23 مليار دولار أميركي، ارتفاعاً من 0.76 مليار دولار أميركي في عام 2021، أما الواردات من قطر في عام 2022 فقد بلغت نحو 13.05 مليار دولار أميركي، ارتفاعاً من نحو 9.57 مليار دولار أميركي في عام 2021.
وبحسب السفير الذي تحدث لمجلة “لوسيل” المحلية، يوجد في الدوحة نحو 34 شركة يابانية، فيما بلغ حجم تصدير السيارات اليابانية إلى قطر في عام 2022 نحو 21825 سيارة، في زيادة منذ عام 2020.