دونالد ترامب.. والعدوان على غزة
كتب محمد المنشاوي في صحيفة الشروق.
يتقدم الرئيس الأمريكى السابق، دونالد ترامب، فى كل الاستطلاعات التى تجرى بين المرشحين الجمهوريين، ويتمتع بثبات تفوقه بما يقترب من الـ 60% من الأصوات، فى حين تتوزع الـ 40% على بقية المرشحين.
كذلك يتقدم ترامب خلال الأشهر الأخيرة فى أغلب استطلاعات الرأى التى تجرى بينه وبين الرئيس جو بايدن. ويبدو أن التطورات المتلاحقة داخل المعسكر الديمقراطى، سواء تلك المتعلقة بتزايد الغضب على نهج بايدن تجاه العدوان على قطاع غزة، خاصة من التيار التقدمى بالحزب، أو معضلة ارتفاع عمره وتراجع قدراته الذهنية والعقلية والجسدية، ستزيد من هذه الفجوة.
كما يمثل دخول أكثر من مرشح من المحسوبين على التيار الديمقراطى العريض فى سباق الرئاسة مثل المرشح كورنيل ويست الناشط الأسود، أو روبرت كينيدى سليل عائلة كينيدى، أو جيل ستاين زعيمة حزب الخضر، خبرا سيئا لأى حظوظ يمتلكها بايدن لإعادة انتخابه.
من هنا علينا ربما الاستعداد من جديد لرئاسة جديدة يطل منها علينا ترامب الذى يواجه فى الوقت ذاته جبلا من القضايا الجنائية والمدنية ستجعل من عام 2024 عاما فريدا تتخطى فيه الإثارة القانونية والسياسية والدستورية أى خيال.
فى لقاء امتد لأكثر من ساعة مع شبكة يونيفيجن Univision (الشبكة الأمريكية الأكبر الموجهة لـ60 مليون مواطنة ومواطن أمريكى من أصول مكسيكية ولاتينية)، صرح الرئيس السابق ترامب أنه لو كان رئيسا لما شهدنا كل ما جرى ويجرى فى قطاع غزة، وأكد أن إسرائيل تخسر معركة الرأى العام العالمى، قائلا «أعتقد أن على إسرائيل أن تقوم بعمل أفضل فى معركة الرأى العام، بصراحة، لأن الجانب الآخر يهزمهم على جبهة الرأى العام». كما كان ترامب قد انتقد فى وقت سابق رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، قائلا إنه «لم يكن مستعدا لهجوم حماس فى 7 أكتوبر»، وهو الهجوم الذى أسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص إسرائيلى، إضافة إلى أخذ أكثر من 230 شخصا كمحتجزين وأسرى.
أغضب ترامب الدوائر السياسية والإعلامية الأمريكية بعدما أشار إلى أن الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى يتصفان بكراهية بعضهما البعض، ويرى ترامب أن هذه الكراهية المكتسبة راسخة فى كلا المجتمعين. إذ قال إن الشعب الفلسطينى «يتعلم أن يكره الشعب الإسرائيلى فى المراحل الأولى من التعليم المدرسى، مهما كان شكل مدرستهم. ولكن كما تعلمون، لا توجد كراهية مثل الكراهية الفلسطينية لإسرائيل، ولكن هناك كذلك العكس كما تعلمون»، فى إشارة لكراهية الشعب الإسرائيلى للفلسطينى.
وربط ترامب بين إيران وهجمات 7 أكتوبر، مشيرا إلى أن الهجمات ما كانت لتحدث لو كان فاز بانتخابات 2020. وقال: «لقد كانت إيران فى وضع جيد، وكان علينا التعامل معها فى غضون أسبوعين بعد الانتخابات إذا لم يتم تزويرها. كنا سنعقد صفقة مع إيران، لقد كانت إيران مفلسة. أقول بكل احترام، لقد انكسروا عندما كنت رئيسا. كان لديهم موقف، تتذكر أنهم أطلقوا النار. ضربوا إحدى طائراتنا بدون طيار وضربتهم. اتصلوا بنا ليخبرونا أننا سنرد، وسنضرب قاعدة عسكرية لكن لن نصيب الهدف».
كما استغرب ترامب نجاح حركة حماس فى القيام بهجمات 7 أكتوبر، قائلا «كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ حسنا، كانوا قادرين على إبقاء التخطيط لها سريا. من المفترض أنهم لم يستخدموا الإنترنت، ولم يستخدموا الهواتف. لقد فعلوا ذلك بالطريقة القديمة مع حملة الرسائل والورق، والأشياء كانت مختلفة قليلا. لكن القرار الكبير والمشكلة الكبيرة هى ما سيحدث. كيف سينتهى هذا الشىء؟ علينا أن ننهيها. ولا أعتقد أن إدارة بايدن ستنهيها. المشكلة التى أواجها هى أن إدارة بايدن، تفعل الكثير من الأشياء الخاطئة». وحذر ترامب من انزلاق الأحداث وخروجها عن السيطرة، مضيفا «أعتقد حقا أن هذا يمكن أن ينتهى فى وضع سيئ للغاية للجميع. للعالم كله. للعالم كله. يمكن أن ينتهى الأمر بحرب عالمية ثالثة».
وعن التظاهرات المناوئة لإسرائيل حول العالم، قال ترامب «ليس من السهل التعامل مع الأزمة. عندما تنظر إلى المظاهرات الجارية فى الولايات المتحدة، يتفاجأ الناس عندما يرون 50 و100 ألف شخص يتظاهرون ويقولون، (أيها الفلسطينيون، نحن مع أن نقف إلى جانب الفلسطينيين)! أود أن أقول، انتظر لحظة، ما الذى يحدث هنا؟!». وأضاف ترامب «الآن كل الهجمات هى مجرد فوضى كبيرة ورهيبة. وسيزداد الأمر سوءا لأنه لا يوجد أحد من الولايات المتحدة يقود. لا يوجد أحد لديه حل لهذا الأمر برمته. عليك أن تقود. عليك أن تكون قادرا على القيادة. وليس لدينا أحد يقود».
قبل ذلك أطلق ترامب سهامه ضد الجانب الفلسطينى وقال إنه إذا تم التصويت له فى الانتخابات الرئاسية القادمة، فسوف يضمن إلغاء تأشيرة كل شخص مؤيد لحماس يدرس فى أى جامعة أمريكية وسيعيدهم إلى ديارهم. وقال كذلك إنه سيمنع أيضا أولئك الذين يدعمون حماس أو «الشيوعيين أو الماركسيين أو الفاشيين» من دخول أمريكا، منوّها «إذا كنت تريد إلغاء دولة إسرائيل، فأنت غير مؤهل للهجرة للولايات المتحدة». وكرر ترامب أنه لن يكون هناك مكان فى أمريكا لأى داعمين مؤيدين لحركة حماس. وأغضب ترامب النخبة السياسية الأمريكية حين امتدح كفاءة حزب الله اللبنانى، وقال إنهم يتصرفون بذكاء شديد.
لم يغضب من يدينون بالإسلام فى أمريكا كثيرا ولم يلتفتوا لتصريحات ترامب العدائية لإدراكهم أنها لا يمكن أن تصبح سياسة يمكن تطبيقها فى ظل وجود التعديل الدستورى الأول الذى يضمن حرية التعبير عن الرأى. لكن فى الوقت ذاته، ترتفع شعبية ترامب وتنخفض شعبية بايدن. إذ تأثرت شعبية الأخير بتأكيد 70% من الشعب الأمريكى أنهم لا يوافقون على تعامل بايدن مع حرب غزة.
وعلى الرغم من تقدير مركز بيو للأبحاث أن 13% فقط ممن يدينون بالإسلام فى أمريكا يعتبرون أنفسهم جمهوريين، فى حين يرى 20% منهم أنفسهم مستقلين، بينما يرى 66% منهم أنهم ديمقراطيون، إلا أن أغلبيتهم لا تنوى الآن التصويت لجو بايدن!.
وكان 1.1 مليون ناخبة وناخب مسلم قد أدلوا بأصواتهم فى انتخابات عام 2020، وشاركوا بأعداد كبيرة بما يكفى لتأرجح السباق الرئاسى فى الولايات الرئيسية فى ساحة المعركة مثل ولايات جورجيا وبنسلفانيا ومشيجان وويسكونسن، من هنا قد تأتى الناخبات والناخبون المسلمون بترامب رئيسا للمرة الثانية فى البيت الأبيض.
كاتب صحفى متخصص فى الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن
اقتباس
أطلق ترامب سهامه ضد الجانب الفلسطينى وقال إنه إذا تم التصويت له فى الانتخابات الرئاسية القادمة، فسوف يضمن إلغاء تأشيرة كل شخص مؤيد لحماس يدرس فى أى جامعة أمريكية وسيعيدهم إلى ديارهم. وقال كذلك إنه سيمنع أيضا أولئك الذين يدعمون حماس أو «الشيوعيين أو الماركسيين أو الفاشيين» من دخول أمريكا.