“خطوة بخطوة ومقابل خطوة ” للحل السوري
كتبت روزانا بومنصف في “النهار”: لا تشك مصادر دبلوماسية في واقع ان فرملة الاندفاعة العربية من اجل العودة إلى الاعتراف بشرعية الرئيس بشار الأسد والتحفظ الذي أبدته الولايات المتحدة الأميركية على رغم الانتقادات الداخلية على عدم وجود استراتيجية سورية لدى إدارة الرئيس جو بايدن تترك مفاعيلها بقوة على الحسابات الروسية والايرانية كما حسابات افرقاء حلفاء للنظام السوري في لبنان. الامر نفسه انسحب بالنسبة إلى الخيبة من الموقف السعودي المهم عربيا وخليجيا على نحو اطاح بالطموح المتعدد بإعادة الاسد إلى مقعد #سوريا الشاغر في القمة العربية المقبلة .
باتت جملة امور مرتبطة بتعقيدات مختلفة اكثر من اي وقت مضى . فالرهان على الاقرار بشرعية النظام مجددا والتي كان يؤمل ان تسير في موازاة تقدم او توقع تقدم في ملف المفاوضات للعودة إلى الاتفاق النووي الايراني كان قويا في المرحلة السابقة. خرج الموفد الدولي إلى سوريا غير بيدرسون الذي زار لبنان اخيرا على نحو لافت باعتبار ان النظام السوري تحفظ دوما على مرور الموفد الدولي في لبنان ولقائه مسؤوليه في طريق عبوره إلى سوريا او منها في ظل اضطرار الاخير إلى المرور حكما عبر مطار بيروت نتيجة تعذر هبوطه في مطار دمشق، بمعادلة يأمل ان تنجح معه مطلع السنة المقبلة. وتقوم هذه المعادلة بحسب المصادر الديبلوماسية نفسها واستنادا إلى جولة بيدرسون ولقاءاته الكثيفة التي عقدها في بعض دول المنطقة، ليس على سياسة الخطوة مقابل الخطوة كما سرى بالنسبة إلى خطة نسبت اليتها إلى العاهل الاردني الملك عبدالله بن الحسين نتيجة تسويقه ضرورة الانفتاح على الاسد فحسب بل تضم المعادلة نفسها صيغة مكملة على قاعدة ” خطوة بخطوة او وراء خطوة، وخطوة مقابل خطوة ” معا كسبيل لمحاولة اطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية مطلع السنة الجديدة. وهو ابلغ اعضاء مجلس الامن في الاحاطة الشهرية الاخيرة للمجلس حول الوضع السوري وتطوراته على الصعيد الانساني ان مقاربته الجديدة قد تتيح للدول المؤثرة باعتماد هذه المعادلة على طريق تأمين خطوات متدرجة ومتبادلة وتبادلية وواقعية ودقيقة بحيث يمكن التحقق منها ويمكن اتخاذها او اعتمادها على نحو متواز من اجل الوصول إلى نقاط توافق على حل للمأزق السوري.
تقول المصادر المعنية ان الرسائل بالغة الدلالة في اتجاهات عدة. اذ انه وللمرة الثانية التي تقصف فيها اسرائيل حاويات في ميناء اللاذقية خلال شهر واحد من دون اتاحة الرد من روسيا لا من جانب النظام السوري ولا من جانب ايران او “حزب الله” باعتبار ان اسرائيل لا تخفي استهداف الطرفين الاخيرين ، فان تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في دمشق، حول الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية، كانت ترجمت تطورا لافتا في المواقف الروسية من حيث تعزيزها التسريبات الإسرائيلية حول التفاهمات التي تم التوصل إليها مجددا بين حكومة نفتالي بينيت وموسكو في شأن منح اسرائيل مجالات أوسع للتحرك على الأراضي السورية لمواجهة إيران. وكان لافرنتييف قال من دمشق بالذات ان موسكو تؤكد ” رفض الهجمات غير الشرعية من قبل إسرائيل ” لكنه ذكر أن الرد باستخدام القوة لن يكون بناء لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب جديدة على الأرض السورية. ودعا إلى ” التواصل مع الطرف الإسرائيلي حول ضرورة احترام سيادة سوريا ووقف القصف”. وهذا الموقف تبين انه حاسم حتى الان في منع الرد على اسرائيل من اي جهة . وهذا الالتزام لافت ومهم من الجهات المعنية على نحو مباشر لا سيما ان لا أحد يحتاج إلى حرب جديدة في المنطقة وليس على الارض السورية فحسب بما فيها لبنان.
كما ان الدلالة المتمثلة في التحفظ السعودي في شكل خاص عن التطبيع مع الاسد مجددا في ظل سقف مرتفع ازاءه أحبط الآمال بان تعويم الاسد يمكن الاستفادة منه كما كان يرجو البعض في المدى المنظور حتى لو ان في ذلك المزيد من الاختناق للبنان. اذ ليس خافيا ان تعميم الحال السورية اجتماعيا واقتصاديا وحتى سياسيا بما فيها رفع سقف العداء للدول الخليجية على لبنان نتيجة العزلة والحصار الذي يفرض على النظام بات يربط بقوة بين التعافي المحتمل في كليهما بما في ذلك الشق السياسي وهو الامر الذي ترجمه استفادة الاسد من الموافقة الاميركية على استجرار الغاز المصري والاردني عبر الاراضي السورية إلى لبنان. وحتى في ظل عمل الامارات العربية على مبادرة تجولت في بعض العواصم وفق هذه المصادر باعتبارها محاولة انهاء الالتباس حول بلدة الغجر التي لا تزال تحتلها اسرائيل بذريعة انها تخضع للقرار ٢٤٢ وليس للقرار ٤٢٥ التي انسحبت اسرائيل بموجبه من جنوب لبنان فان الامر يخضع للمساومات حول المطالب ومقابلها من كل الجوانب او الاطراف المعنية . وهذه المحاولة لم تنفصل عن المساعي وراء الكواليس لتغيير الواقع ازاء النظام السوري وفك ارتباط المأزق اللبناني في الوقت نفسه بازمة سوريا على الصعيد الاستراتيجي المتصل بالصراع في المنطقة الذي تغيرت حيثياته وتطبيقاته في الوقت نفسه.
هذا كله تم ترحيله إلى السنة المقبلة في ظل استحقاقات اقليمية بالغة الاهمية وغياب وضوح الرؤيا كليا في المنطقة فيما رهانات الاستمرار والبقاء تحمل تحديات للانظمة المتهالكة كما في سوريا ولبنان.