أبرزرأي

جلسات الحوار …حاجة ملحة للتسوية الداخلية

كارول سلوم.

خاص رأي سياسي …

على مدى السنوات الماضية كان اللجوء إلى الحوار في لبنان أو ما يعرف بطاولات الحوار بمثابة متنفس أساسي للإحتقان الذي كان يسود بين الأفرقاء السياسين أو محاولة للوصول إلى قواسم مشتركة في ملفات شائكة تشكل محور تباين في ما  بينهم .

لم تسجل طاولات الحوار إنجازات كبيرة لكنها خففت لغة التشنج في وقت من الأوقات وكان التمسك في قراراتها يخرق بشكل متواصل، اما بياناتها فأطروحات من المثاليات والكلام المنمق، الا انه لم يطبق على أرض الواقع لأسباب كثيرة.

أقر الجميع بأن لا مناص من الحوار وذهب البعض إلى التأكيد أنه السبيل الوحيد في معالجة الإشكالات للوصول إلى الحلول . وبدت كلمة ” الحوار ” هي الوحيدة الطاغية في فترة من الفترات لاسيما في مراحل انسداد الأفق.

وبالعودة إلى التواريخ والشواهد فإن طاولات الحوار جمعت الأفرقاء المتخاصمين في السياسة والاستراتيجيات الكبرى وشهدت مناكفات عدة لم تنته إلى يومنا هذا .

ومؤخرا لم تستجب بعض الكتل النيابية  لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى طاولة حوار لمناقشة الاستحقاق الرئاسي واستندت الكتل في رفضها إلى انعدام وجود فائدة من الحوار في هذا الملف،  لأن الأساس يبقى تأمين النصاب في جلسة الانتخاب ومواصلة الدورات الانتخابية.

اما اليوم فالوضع تغيّر ،وأي دعوة جديدة للحوار ستجد المصير نفسه ..هذا ما تقوله أوساط مراقبة ل ” رأي سياسي ” مؤكدة أنه حتى الآن ما من بوادر جديدة في سياق تكرار الدعوة ، إما لأن المناخ غير مؤات لذلك أو لأن هناك قرارا مسبقا باقفال الباب أمام حوار يُعد مضيعة للوقت ولا يخرج بالنتيجة المتوخاة.

وترى هذه الأوساط أن عددا من الأفرقاء المسيحيين لا يرغبون بالمشاركة في الحوارالرئاسي ولم تتبدل وجهة نظرهم على الإطلاق .حتى أن الدعوات الخارجية للداخل للتفاهم على رئيس للبلاد تعزز تأكيد أهمية الحوار لإنهاء الشغور، إنما المشكلة تكمن في غياب التوافق على فكرة الحوار على الرغم من انها لا تشكل محور اعتراض من عدد لا بأس به من النواب .

وتفيد انه لم يعد  الأمر مطروحا  على الساحة المحلية بسبب معرفة الأجوبة على الدعوة ، وتسأل: هل من معطيات جديدة تدفع إلى تحريك الدعوة  إلى  الحوار؟

ويقول  مصدر نيابي ل “راي سياسي ” ان الأمور جامدة وكانت هناك محاولة سابقة من ” لوبي نيابي  ضاغط ” مؤلف من مستقلين وتغييريين وكتل الاعتدال الوطني واللقاء الديمقراطي والكتائب من أجل مساعي الحوار إنما الواضح أن النواب التقليديين معتادون على انتظار الايحاءات ، وبالتالي ما من شيء جديد اي أن الموضوع  مجمد، لافتا إلى أن الملف الرئاسي بحاجة إلى ” دفشة” من الخارج .“

  وبالعودة إلى تواريخ الحوارات في لبنان ، ففي آذار عام 2006 عقدت أول طاولة حوار بناءً على دعوة أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري لجمع الأقطاب السياسيين لحوار موسع في ساحة النجمة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والانقسام الذي حصل بين 8 و14 آذار. وحدّد حينها الرئيس بري عناوين الحوار بكشف الحقيقة في اغتيال الحريري والاغتيالات الأخرى، القرار 1559، ترسيم الحدود، سلاح حزب الله والعلاقة مع سوريا.و بسبب حرب تموز  2006  علق الحوار  ليعود الرئيس بري ويدعو إليه بمشاركة  القوى السياسية ، حينها تم التوافق على ميثاق شرف لتخفيف الاحتقان السياسي وعلى نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات خلال ستة أشهر، فيما وافق الفرقاء على انتخاب رئيس جديد يحظى بالتوافق، وتم تأجيل البحث في الاستراتيجية الدفاعية.

 مبادرة وزارة الخارجية الفرنسية أيضاً كانت لافتة بإقناع السياسيين اللبنانيين بعقد جلسة حوار في تموز 2007 في سان – كلو الباريسية بحضور  14 ممثلاً من قيادات الصف الثاني، الا انها خرجت  من دون أية نتيجة. 

 اما  اتفاق الدوحة في العام 2008 ، فقضى بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية الذي دعا في العام نفسه إلى الحوار في قصر بعبدا وحدد عنوانه  الاستراتيجية الدفاعية والسلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات والأوضاع الأمنية في البلاد، إلّا أن الخلاف القوي حول  المحكمة الدولية وتمويلها وشهود الزور دفع  إلى تعليق الحوار بعدها عاد الرئيس سليمان وجدد الدعوة إلى  الحوار في العام 2012  وقد افضى في ذلك الحين  إلى إقرار إعلان بعبدا الذي شدد على النأي بالنفس وتحييد لبنان .  اما الجلسة الأخيرة  فعقدت برئاسة سليمان  في أيار 2014 بغياب عدد من الأقطاب.

 في العام 2015 ، دعا  الرئيس بري  إلى جلسات حوار بشأن الرئاسة في ظل الشغور الرئاسي الذي كان يعيضه لبنان ، كما كان النقاش حول سبل استئناف عمل المجلس النيابي والحكومة وقانون الانتخاب إلّا أنّه الاجتماعات لم تخرج بأي اتفاق.

 وفي عهد  الرئيس ميشال عون عقدت لقاءات وطنية في قصر بعبدا منها الاجتماع الذي عقد في آب 2017 حول قانوني سلسلة الرتب والرواتب واستحداث بعض الضرائب فضلا عن لقاءات ثنائية على أثر الأزمة التي مرّ بها الرئيس سعد الحريري في الرياض وآخر هذه اللقاءات كانت تحت عنوان اللقاء الوطني المالي. كما وجه دعوات اخرى تحت عنوان التهدئة في أعقاب احداث أمنية في البلاد لكنها لم تلق أي تجاوب  .

  وهكذا ارتدت الحوارات التي عقدت ، الطابع الصوري ووصفها البعض بالفولكلورية لكنها كانت أكثر من ضرورية ولا تزال …

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى