“تكتل التغيير” يعاني من أمراضٍ سياسية قد تكون مستعصية
في أصعب الأوقات السياسية وأحرجها، لا يزال تكتل “التغيير” في نومٍ سريري يجعله غائباً عن الساحة السياسية وتحديداً عن الإستحقاق الرئاسي المصيري للبلاد والعباد. منذ شهرين ونواب “التغيير” لم يجتمعوا إلاّ على وداع زميلهم رامي فنج الذي خرج من المجلس النيابي مطعوناً بنيابته.
عدم اجتماع نواب ثورة 17 تشرين لأكثر من 60 يوماً، يؤكد أن التكتل يعاني من أمراضٍ سياسية قد تكون مستعصية، ويبشّر بأن السقوط المدوي قد يكون أقرب ممّا يتصوره البعض، خصوصاً أنه وحتى اللحظة، لم تحصل أي مبادرة تعيد تحريك المياه الراكدة بين النواب المتخاصمين.
لا يمكن تحميل هؤلاء وزر ما آلت إليه أوضاع لبنان ولا حتى اتهامهم بتعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن لا بدّ من تحميلهم مسؤولية تغليب المصالح الكبرى على المصالح الوطنية التي تقتضي الوحدة لا التفرقة، والتلاحم لا الإنقسام، والواقعية لا الشعبوية التي تُمارس من قبل بعضهم.
فجّر الإستحقاق الرئاسي الخلاف بين نواب “التغيير”، وأدى عناد اليساريين منهم أمثال سينتيا زرازير وفراس حمدان وحليمة قعقور، إلى توسيع دائرة الخلاف بينهم، حتى أن مبادرات بولا يعقوبيان وملحم خلف وميشال دويهي، باءت بالفشل بفعل الممارسات “السلطوية” التي ينتهجها البعض لفرض خياراته وقراراته على سائر النواب.
كما الأنظار كلها متجهة إلى قصر بعبدا لمعرفة هوية ساكنه الجديد، تتجه الأنظار أيضاً نحو تكتل “التغيير” لمعرفة مصيره، هل سيكون عام الإنفصال التام أم عام العودة المطلوبة للعمل الجدي بشعارات ثورة 17 تشرين؟
مصادر “التغيير” تشير إلى أن التكتل في وضع هشّ وحسّاس للغاية، وهو بحاجة لبناء تقاطعات عديدة حول الأجندة التشريعية، ليتمّ بعد ذلك تعميق النقاش السياسي وإيجاد نقاط تجمع النواب لا تفرّقهم.
وتؤكد المصادر أن الإنفصال التام غير وارد راهناً لأن القواسم المشتركة بين نواب “التغيير” كبيرة، والقاعدة الشعبية كما أكثرية النواب، تصرّ على أهمية التكامل ما بين التغيريين، وتعتبر أن الحلّ يكمن في تخلّي بعض نواب “التغيير” عن ترشيح النائب ميشال معوض، وتخلّي البعض الآخر عن ترشيح عصام خليفة، ليعود التكتل بجميع أعضائه إلى سلّة الأسماء الرئاسية التي تضم نخبةً من المرشحين، خصوصاً أن جميع النواب يعلمون أن لا حظوظ لا لميشال معوض ولا لعصام خليفة، واستمرار ترشيحهما سيؤدي حتماً إلى سقوط التكتل وتفتيته.
وتلفت المصادر، إلى أن وحدة نواب “التغيير” تمكّنهم من إعادة الأمل للناس ومواجهة كل التحديات والحملات التي تطالهم من قبل المنظومة الحاكمة، أمّا الإنقسام والشرذمة ستكون كنقطة سوداء تطبع تاريخ النواب السياسي. لكن الأكيد أن بعض نواب “التغيير” وفي طليعتهم بولا يعقوبيان ومارك ضو وملحم خلف، سيطلقون مبادرات في العام الجديد لإعادة وصل ما تمّ قطعه، وإلاّ على “التغيير” السلام.