بارزاني يطلق تحذيراً من بغداد: إقليم كردستان يعيش أوضاعاً «لا تطاق»
أرقام «مفزعة» عن تأثير هجمات الفصائل والخلافات السياسية
قال رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، إن المواطنين الكرد يعيشون وضعاً اقتصادياً «لا يطاق»، ودعا الحكومة في بغداد إلى «حل مشكلة الرواتب والموازنة» بأسرع وقت، فيما كشفت أرقام «مفزعة» تأثير الأزمة المالية على أسواق كردستان.
وجاءت تصريحات بارزاني، اليوم (السبت)، بعد تواتر تقارير إعلامية عن تصاعد «قساوة الأزمة المالية» على الموظفين الكرد، الذين يعيشون «ظروفاً كارثية» بسبب تأخر صرف الرواتب منذ أشهر.
وأكد بارزاني، خلال كلمة في الحفل التأبيني السنوي لرحيل الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الأعلى، محمد باقر الحكيم، ببغداد، أن «الناس في الإقليم يعيشون وضعاً معيشياً سيئاً جراء عدم معالجة هذه الخلافات»، في إشارة إلى الملفات السياسية والمالية العالقة بين بغداد وأربيل.
ودائماً ما تحمل الحكومة المركزية السلطات في إقليم كردستان تجاهل المطالبات بالإيفاء بالتزاماتها الدستورية وقوانين الموازنة، لكن أربيل في المقابل تقول إن بغداد «تعاقب سكان الإقليم» لأسباب سياسية.
ولم ينسَ بارزاني، التذكير بالهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة والتي تستهدف البعثات الدبلوماسية، وقواعد التحالف الدولي في أربيل وبقية المناطق العراقية، وقال إنها «تلحق الضرر بجميع أسواق العراق»، في إشارة ضمنية إلى كساد الأسواق بمناطق الإقليم، وما يمثله ذلك من تحديات صعبة للسلطات وللسكان على حد سواء.
وأضاف بارزاني: «لقد ألحقت هذه الهجمات كثيراً من الضرر بأمن وحياة مواطني إقليم كردستان، وتسببت في انتشار القلق، والاضطرابات بجميع الأسواق ومنحت (داعش) الفرصة لتكثيف هجماته».
الموقف من التحالف الدولي
ورفض بارزاني ضمنياً دعوات إنهاء مهمة التحالف الدولي التي تتعالى في بغداد هذه الأيام، وقال إن هذه القوات «جاءت بناء على دعوة من الحكومة العراقية لغرض التصدي لـ(داعش)، وينبغي أن تُتاح الفرصة للحكومة الاتحادية ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء للحوار معهم، وفق خطة مشتركة وعلى أرضية آمنة خالية من المشاكل».
وفي لقاء منفصل جمع بارزاني برئيس الوزراء محمد السوداني، شدد الجانبان، طبقاً لبيان حكومي، على «المضي في حلّ الملفات والقضايا بين الحكومتين وفق الدستور، بما يضمن تجنيب المواطنين، في محافظات الإقليم، أي ضرر أو تحمّل تبعات التحديات التي تعتري الملفات الإدارية والمالية والاقتصادية».
ورغم عشرات الوفود الكردية التي زارت بغداد خلال السنوات الأخيرة للتوصل إلى صيغة تفاهم حول حصة الإقليم من الموازنة العامة، فإن ذلك لم يأتِ بثماره المرجوة، وظلت الأمور معلقة على ما يشبه الأحجية التي تعكف بغداد وكردستان على حلها دون جدوى»، على حد تعبير سياسي كردي.
أرقام مفزعة
في السياق، قال الباحث والصحافي الكردي سامان نوح، إن «الكارثة الاقتصادية في إقليم كردستان تكاد لا تصدق».
وفي تدوينة على موقع «فيسبوك»، تحدث نوح عن «أزمة الخبز» المتواصلة في أربيل منذ أيام، التي تسببت بغلق 610 مخابز بعد قرار حكومي بخفض سعر الرغيف، إلى 75 سنتاً لكل 10 أرغفة، فيما يقول أصحاب المخابز إنهم غير قادرين على تغطية مصاريفهم الأساسية.
ورجح نوح «تفاقم المخاطر الاقتصادية في ظل تواصل أزمة المرتبات، وغياب المؤشرات على أي اتفاق لتمويل رواتب الموظفين لشهر يناير (كانون الثاني) الحالي»، مشيراً إلى أن «نحو مليون ونصف المليون موظف في الإقليم يعتمدون على الرواتب الحكومية مصدراً أساسياً للعيش».
وقال نوح: «الأسواق خالية من المتبضعين، وفرص العمل باتت نادرة والدخل شحيح، ودفاتر ديون الزبائن تجدها في كل مكان وتزداد عدد صفحاتها وصارت تنتشر حتى عند باعة الشاي والخبز».
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية لديها تأثير أقسى في مدينة السليمانية (شمال)، حيث توقفت أخيراً الحياة الدراسية في عدد من المدارس، جراء انقطاع المعلمين عن الدوام احتجاجاً على عدم صرف الرواتب.
وقال نوح: «بسبب هذه الأزمة تنقطع الدراسة عن نحو 700 ألف طالب منذ بداية العام الدراسي الحالي».
وكانت السلطات الصحية في السليمانية قد أعلنت صيف العام الماضي، أن «آخر عجلة إسعاف لديها خرجت عن الخدمة بسبب نقص الوقود، كما أن الموظفين أضربوا عن العمل بسبب عدم صرف رواتبهم».
قرية كبيرة مدمرة
في السياق، وجه أصحاب المتاجر في السليمانية، اليوم (السبت)، رسالة إلى رئيس حزب «الاتحاد الوطني» بافل طالباني، وإلى ابن عمه وشريكه السابق في زعامة الحزب لاهور شيخ جنكي، وإلى المحافظ هفال أبو بكر، عن أن «العمل في السليمانية أصبح سيئاً للغاية»، وأن هذه المدينة تحولت إلى «قرية كبيرة مدمرة».
وجاء في نص الرسالة: «نحن أصحاب المتاجر في ضواحي السليمانية، لدينا مخابز ومطاعم ومكاتب عقارات ومحال بقالة ومتاجر أخرى، فقدنا مصدر رزقنا في هذه المدينة، ودخلنا الشهري يتراجع بشكل مخيف».
وقال هؤلاء إن «المشاكل السياسية المستمرة في السليمانية التي تدار بشكل سيئ تقف وراء تدهور الوضع الاقتصادي».
ويشكل تأخر رواتب موظفي الإقليم ضغطاً هائلاً على السلطات الكردية، سواء في السليمانية التي تخضع لنفوذ حزب «الاتحاد الوطني» أو في محافظتي أربيل ودهوك اللتين تخضعان لنفوذ الحزب «الديمقراطي» الكردستاني.