أخبار عاجلةشؤون لبنانية

المرتضى: ما زلنا على خط النار واستقرارنا الاجتماعي مستهدف بقوة.

إفتتح وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى متحف “الحديد والشظايا” للفنان شارل نصار في بلدة رمحالا- قضاء عاليه، بالتعاون مع بلدية البلدة وفي حضور حشد من الفاعليات السياسية ونواب  القضاء ومجالس البلديات والشخصيات الثقافية والهيئات والروابط الاجتماعية.

وقال المرتضى خلال الاحتفال: “من “جورة الذهب” كما تدل عليها السريانية، تُطلُّ “رمحالا” علينا مكلّلةً بالغار ومسوّرةً بالكرامة وبدفقٍ من محبةٍ هي أصالة هذا الجبل وتاريخ أهله الشرفاء. وعندما نذكر رمحالا نستذكرُ العيش الواحد وإرادة البقاء والإصرار على التنوّع ضمن الوحدة والرغبة في أن يبقى الجبل جبلًا في هوّيته وتاريخه وإخاء ابنائه وهذا ما حققتموه يا أهل هذه البلدة التي عرفت التهجير والعودة والهدم والاعمار واليأس والأمل والفِرقَةَ واللقاء فأنجزتم بذلك التحدي الكبير، تحدّي البقاء في الأرض والبقاء معًا حيث عناق الاديان وحوار الثقافات وتلازم المصائر في الوطن الواحد الموحد فتحيّة الى لكم يا ابناء بلدة المصالحة المسالمة والمنفتحة والمتسامحة والمحتضنة للآخر وتحية الى كل بيت عاد أهلُه اليه والى كل أرض عاد مالكُها اليها والى كل شارع في رمحالا عاد اليه المارّة والمواطنون تحرسهم العذراء مريم  ومار مخايل ومقدساتٌ تنتشر في انحاء البلدة وتتحاور وتتجاور.”

وأثنى على انجاز الفنان وصمود أهل البلدة وقال: “واذ نفتتح اليوم واحة الإبداع هذه للفنان شارل نصار تحت عنوان “شظايا وحديد” لا يسعنا سوى ان نثني على هذا الفن الرائع الرصين الذي أثمر تحويل الحربِ الى حب والبغضاءِ الى محبة والرصاصِ الى شموعٍ تضيء دروب الحرية… أنت مدرسة في الوطنية الحقّة يا أخ شارل وانموذجٌ للبناني الصالح نستلهم منه الحكمة والقدرة والوعي والعمل من أجل الصالح العام.

وبالفعل أيها الأحبّة مدهشةٌ هذه القدرة على تطويع المادة واعطائها شكلًا روحانيًا مؤنسناً وتحويلها من ادوات حربٍ وموت الى تحفٍ تحاكي ارقى المشاعر الانسانية.

وقال: أراد الصهاينة وعملاؤهم وأدواتهم الأسرة مكانًا للموبقات فيختلط حابل الشذوذ بوابل الجندرة فلا نعلم بعدها من هو الرجل ومن هي المرأة فاذا بهو يصير هي واذا بهي تصير هو فيفلت العنان ويتفلّت العقال ويخرج الشذوذ من الجدران المغلقة الى الشوارع المفتوحة ومهدداً قيمنا واسرنا وأولادنا ومستقبلنا”.

وأردف المرتضى: “لقد سارعنا للمواجهة ولم ننتظر أحدًا وحاولوا الالتفاف والردّ لكنهم خسئوا وفوجئوا بحجم تضامن المجتمع اللبناني وها هم اليوم يتراجعون انما الى حين لأننا نرصد خططهم الجديدة بعد الانحسار ولذلك علينا جميعاً ان نبقى يقظين متنبهين.

أيّها الإخوة ما زلنا على خط النار واستقرارنا الاجتماعي مستهدف بقوة فما لم يفلح العدو في تحقيقه بارهابه العسكري يريد تحقيقه بإرهابه الفكري والايديولوجي. ورمحالا رأس رمح في هذه المواجهة ونحن الى جانبها صفًا واحدًا في المعركة، في معركة حفظ الصيغة اللبنانية سبب كينونة هذا الوطن وضمانة استمراره بركنيها: العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، والقيم الأخلاقية والإيمانية الجامعة.

إنّ ركني صيغتنا اللبنانية وهما العيش الواحد والقيم الجامعة مستهدفان؛ الثانية، وهي قيمنا الأخلاقية والإيمانية، مستهدفةٌ بترويجٍ للشذوذ الجنسي يتلطّى بعناوين برّاقة كالحريّات والتحضّر والحداثة، وبالله عليكم كيف تكون البهيمية حريّة وكيف تكون مخالفة الطبيعة حداثةً وتحضّراً ؟ ما هي أيّها الأحبّة الاّ محاولات من شياطين الأرض وأعداء الإنسانية ترمي الى هدم قيمنا، سبب صمودنا واساس خلاصنا، لكنّ محاولاتهم ستتكسر باذن الله على صخرة تضامننا وتعاوننا كلبنانيين يجمعنا ما لا يمكنهم تفريقه وهو ايماننا باللهِ وايماننا بلبنان هذا الوطن العظيم. ويستهدفون ايضاً أيّها الأحبّة الركن الآخر من ركني الصيغة اللبنانية الفريدة المتمثل بقرار العيش معاً… يستهدفون هذا الركن من خلال التحريض على مبدأ العيش الواحد فيصوّرونه تجربةً فاشلةً ميؤوساً من صلاحها ويزرعون في الذهن أنه ما على المسيحيين تحديداً الاّ أحد خيارين: إمّا الهجرة لبناء مستقبل خارج، أو الإنعزال والتقوقع في كيانٍ داخلي خاص بهم، ويزوّقون طرحهم الأخير هذا بعناوين جذّابة كالفدرلة أو غيرها”.

وتابع: “لكنّ التنوّع أيّها الأحبّة هو في عمقِ كيان لبنان. هكذا أرادَه الله، وهكذا ينبغي لنا أن نحافظ عليه.

وأوّلُ قاعدةٍ في درسِ حِفظِ التنوّع، أن يقبلَ كلُّ واحدٍ منا الآخرَ كما هو لا كما نريدهُ نحن أن يكون، وأن نحبّه كما هو، لا كما نريد نحن له أن يصير. نحنُ بهذه القاعدةِ نصونُ أنفسَنا أوّلًا، على مبدأ المعاملةِ بالمثل على أقلِّ تقدير، وعلى مبدأ الخير الاجتماعي العام الذي لا يتحقّق إلاّ بالسلام والوئام النابعَين من قَبول الآخرِ لنا وقَبولِنا له، ومحبّة بعضِنا بعضًا كأعضاءٍ في جسدٍ واحدٍ هو هذا الوطن العظيم.

وإذ سأل: “كيف للفدرلة مثلًا أن تتعاملَ مع وجودِكم ههنا، ومع وجود آخرين في بقاعٍ لبنانية مختلطة؟”، قال: “كلُّ الدراسات والخرائط الملوّنة التي تتفشّى على الشاشات والألسِنة، كرُقَعِ الزيتِ على الثوبِ النظيف، لا تعطي جوابًا اجتماعيًّا ووطنيًّا شافيًا على هذا السؤال، لسببٍ واحدٍ أنها تعاكسُ طبيعةَ الوجود، فليس بمقدور أحدٍ أن يجعلَ التاريخَ ضدَّ الجغرافيا، ولا هذه ضد ذاك، لأنَّ نواميس الحياةِ التي وضعها الخالق تعالى، أقوى من كلِّ مشاريع الضلالة والتفرقةِ والتقسيم، أقوى من شذوذهم الأخلاقي الذي حاولوا ترويجه سعياً الى هدم قيمنا الجامعة، وأقوى من شذوذهم السياسي والوطني الذي يحاولون من خلاله هدم الصيغة اللبنانية التي ميّزها الله بالعيش الواحد وجعلها مزدانةً بالتنوّع ضمن الوحدة والوحدة مع التنوّع.

وختم المرتضى كلامه: “أدام الله هذا الجبل الأشم حصناً للقيم، وموئلاً للعيش الواحد”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى