رأي

العقبة الكبرى

التحدي الأساسي الذي يواجه تطبيق مشروع القرار الأمريكي حول غزة ومندرجاته، يكمن في موافقة إسرائيل عليه، بعد أن باءت جهودها بالفشل في حذف عبارة «دولة فلسطينية» من القرار الذي صار ملزماً لجميع الدول بالامتثال له بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
فإذا كانت هناك إشكاليات متعددة في نص القرار، خاصة لجهة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية»، ودور «مجلس السلام»، ونزع سلاح حركة حماس، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وكيفية إدارة السلطة فيه- فإن العقبة الكبرى تتمثل في الفقرة التي تدعو إلى «بلورة مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وقيام دولة فلسطينية»، وهي المرة الأولى التي تعترف بها إدارة الرئيس دونالد ترامب بضرورة قيام «دولة فلسطينية».
من المفترض أن ينفذ القرار بكامل نصوصه، فإما أن ينفذ كله، وإما ألا يجوز الاستثناء أو الانتقائية، أو ممارسة ازدواجية المعايير في التنفيذ لمصلحة طرف معين، لاسيما أن الممارسات السابقة أكدت أن إسرائيل لم تنفذ أي قرار صدر عن مجلس الأمن، بدعم أمريكي، معتبرة نفسها فوق كل القوانين والمواثيق الدولية، وهو ما شجعها على تجاوز كل القرارات السابقة. لكن هذه المرة تبدو الأمور مختلفة، إذ إن رفض القرار لا يعني تحدياً لمجلس الأمن والمجتمع الدولي فحسب، وإنما للرئيس ترامب تحديداً صاحب خطة السلام التي دعت في مرحلتها الأولى إلى وقف إطلاق النار في غزة، على أن يبدأ تنفيذ المرحلة الثانية بعد التصويت على القرار.
وفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية فإن حكومة بنيامين نتنياهو بدأت تشعر بالقلق لأنها فوجئت بمشروع القرار، لأن واشنطن لم تستشرها فيه، كما لم تستشرها في التعديلات التي جرت عليه، إضافة إلى ذلك، هناك مخاوف إسرائيلية عبّر عنها مسؤول إسرائيلي في تصريح لشبكة «سي إن إن» من أن تتجاوز واشنطن مرحلة نزع سلاح حماس والانتقال إلى مرحلة إعادة إعمار غزة، بما يتناقض مع مطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس أولاً، لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية باتت تدرك أن نزع سلاح حماس قضية تحتاج إلى وقت، كما تحتاج إلى دور تقوم به الدول المعنية بالمفاوضات مع حماس، إضافة إلى صعوبة في تنفيذ هذا الطلب بالسرعة التي تطالب بها إسرائيل، نظراً لتعقيدات تواجهها عملية نزع السلاح.
ولأن إسرائيل باتت تشعر بالخوف من تداعيات القرار، فقد عمد نتنياهو وأعضاء حكومته إلى رفع منسوب اعتراضهم، من خلال التأكيد على رفض الدولة الفلسطينية، وذهب بعض الوزراء أبعد من ذلك بنفي وجود الشعب الفلسطيني، حتى إن المتحدث باسم حزب «الليكود» الذي يتزعمه نتنياهو قال في تصريح له أمس: «إن أي حديث عن الدولة أوحل الدولتين أو حتى حلول بديلة، هو مشروع مؤجل إلى أجل غير معلوم»، وأكد أن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب حول مبادرات السلام أو مشاريع الدولة الفلسطينية «لا يمكن فرضها على إسرائيل»، ما يعني أن إسرائيل عازمة على تحدي ترامب، بما يشكله ذلك من أزمة كبرى قد تقع بين تل أبيب وواشنطن.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى