الدينار العراقي يواصل تراجعه أمام الدولار الأميركي.
تراجع الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي في الأسواق العراقية إلى مستويات قياسية تقترب من مستويات فبراير (شباط) الماضي، مما دفع بغداد آنذاك إلى رفع سعر صرف الدينار أمام الدولار ليكون من 1460 ديناراً مقابل الدولار الواحد إلى 1310 دنانير.
في غضون ذلك وصل سعر الدولار خلال الساعات الماضية إلى 1650 ديناراً في السوق الموازية (السوداء) وهو قريب من سعره قبل رفع قيمة الدينار التي كانت تترواح بين 1690 و1720 ديناراً مقابل الدولار الواحد، عندما كان سعره الرسمي 1460 ديناراً.
ويبدو أن فارق السعر في السوق الرسمية عن الأسواق الموازية يشير إلى فشل معظم خطط الحكومة العراقية لحل تلك الأزمة التي أثرت كثيراً في الأسعار وأصابت السوق العراقية بالشلل في عدد كبير من القطاعات.
وجاء ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي وسط تأكيدات البنك المركزي على ارتفاع احتياطات العراق من العملات الأميركية والأجنبية إلى نحو 120 مليار دولار للمرة الأولى في تاريخ البنك المركزي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
الارتفاع مستمر
ويرجح النائب السابق أحمد حما رشيد زيادة سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية خلال الفترة المقبلة في ظل استمرار منع الحكومة البيع النقدي للدولار في 2024، مستبعداً السيطرة على عملية تهريب الدولار إلى خارج البلاد.
وأصدر البنك المركزي العراقي قراراً بمنع البيع النقدي للدولار بشكل نهائي اعتباراً من مطلع العام المقبل، فضلاً عن تحويل مبالغ الحوالات الواردة إلى العراق سواء لأفراد أو شركات من الدولار الأميركي إلى الدينار العراقي، على أن يكون التسليم بالدينار فقط لهذه الحوالات.
وقال رشيد وهو عضو سابق في اللجنة المالية في البرلمان إن “قرار تغيير سعر الصرف من قبل الحكومة من 1460 ديناراً للدولار الواحد إلى 1310 دنانير كان غير مدروس وفرض على البنك المركزي بناءً على رغبة إحدى الكتل الكبيرة في مجلس النواب”، مشيراً إلى أن “جميع إجراءات البنك المركزي كانت موقتة ولم تحد من خروج الدولار من داخل العراق إلى دول إقليمية”.
الدولار رخيص
وأوضح رشيد أن “أي إجراء يتخذه البنك المركزي لا يستطيع السيطرة على أسعار الدولار نظراً إلى أن سعر الدولار أرخص عملة مقارنة بدول الجوار ومن المستحيل السيطرة على تهريب العملة الخضراء”، مرجحاً ارتفاع أسعار الدولار إلى مستويات كارثية إذا اتخذ البنك المركزي قراراً بعدم البيع النقدي للدولار عام 2024”.
وأضاف أن “هذا الأمر سيجعل المواطن العراقي غير قادر على تلبية حاجاته الأساسية وربما يؤدي إلى تظاهرات عارمة قد تسقط الحكومة”، مشيراً إلى أنه “اقترح قبل أشهر مبادرة طرحها على رئيس مجلس الوزراء تضمنت تثبيت سعر الدولار وتوزيع مبالغ فرق العملة التي قد تصل إلى 23 تريليون دينار (17 مليار دولار) على المواطنين الفقراء.
وعن إمكان زيادة سعر الصرف مجدداً، أوضح رشيد أن “سعر الصرف يعتمد على تداعيات المرحلة الحالية، فمثلاً إذا توسعت الحرب الدائرة بين حركة حماس وإسرائيل وتدخلت أطراف أخرى إقيلمية فيها فسيرتفع سعر الصرف”، لافتاً إلى أن إجراءات البنك المركزي منع بيع الدولار النقدي ستؤثر سلباً في سعر الدولار.
من جهته يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أن “عدم السيطرة على المنافذ الحدودية وارتفاع الطلب على الدولار من قبل المسافرين إلى الدول التي تخضع لعقوبات دولية أدّيا إلى زيادة الطلب على الدولار”، متوقعاً تراجع قيمة الدينار مستقبلاً.
وأوضح أن “الاقتصاد العراقي كان اقتصاداً بالدولار بامتياز، إذ إن جميع المعاملات في السوق العراقية معاملات بالعملة الخضراء سواء في قطاع الأغذية أو الأدوية أو حتى قطع الغيار والكهربائيات والسيارات، لافتاً إلى أن “هناك سلعاً تدخل إلى العراق من منافذ غير رسمية لتباع في السوق المحلية بالدينار لشراء الدولار من الأسواق الموازية”.
125 مليار دولار
وقال قصي إن “هذه الفوضى التجارية أدت إلى نمو مافيات محلية في كل القطاعات تعتمد على التهرب الضريبي والجمركي وتمويل دول الجوار ’بالدولار الأسود‘”.
وتابع أن “الدولار سيرتفع في الأسواق الموازية كلما ازدادت حوكمة الدولار وتتبعه”، داعياً الحكومة إلى التفرقة بين من يبحث عن الدولار غير النظامي، فهناك أغراض شرعية ولكنها لا تحصل على الدولار من الأسواق الرسمية بالسعر الرسمي.
600 مليون دولار شهرياً
وأشار قصي إلى أن “العراقيين المقيمين في الخارج، تحديداً في دول الجوار بغرض السياحة في إيران يطلبون الدولار في الداخل من السوق غير النظامية ويحولونه إلى دولهم”، لافتاً إلى أن هؤلاء يشترون الدولار من السوق الموازية، إضافة إلى أن ما يقارب الـ600 مليون دولار شهرياً يحول إلى خارج العراق من قبل العمال الأجانب غير الشرعيين، ومطالباً بضرورة إيجاد حلول منها دراسة إمكان تبادل سلعي بين الدول التي تخضع لعقوبات دولية والعراق لتخفيف الطلب على الدولار، إلى جانب ضبط المنافذ الحدودية وتولّي وزارة التجارة استيراد السلع وضخها في الأسواق لضبط الأسعار.