التأمين على النقل البحري سلاح آخر في يد الاتحاد الأوروبي لعرقلة النفط الروسي
يمكن للحظر المفروض من الاتحاد الأوروبي على شركات التأمين وإعادة التأمين الأوروبية لتغطية النقل البحري للنفط الروسي، بغض النظر عن وجهته، أن يزيد من وطأة العقوبات على موسكو التي تبحث عن منافذ أخرى، علماً أنه أقل إثارة للانتباه من الحظر التدريجي على الخام.
ولفت كارستن فريتش، المحلل في مصرف «كوِمرتسبنك» الألماني في مذكرة إلى أن الإجراء الذي فرض في الحزمة السادسة من عقوبات الاتحاد الأوروبي في مطلع حزيران/يونيو له «عواقب أكبر على سوق النفط من حظر» النفط نفسه. فقد مُنحت شركات التأمين في الاتحاد الأوروبي مهلة حتى نهاية العام لتطبيقه على العقود الحالية. ويتوقع التزام الشركات البريطانية بذلك، الأمر الذي «من المحتمل أن يؤثر تصاعدياً على الأسعار»، وفق تقديرات ماركوس بيكر، الرئيس العالمي لتأمين شحن البضائع في شركة «مارش».
وكان الاتحاد الأوروبي قد لجأ إلى حظر تأمين نقل النفط في العام 2012، عندما استهدف الخام الإيراني كجزء من العقوبات المفروضة على برنامج طهران النووي المثير للجدل.
يقول الخبراء أن السفن التجارية تحتاج إلى حماية تأمينية على ثلاث جبهات: التأمين على هيكل السفينة والأضرار التي تلحق بها، والتأمين على البضائع، وأخيراً تأمين الحماية والتعويض الذي يشمل تغطية غير محدودة للأضرار التي تلحق بأطراف ثالثة.
هذا التأمين البحري الخاص يغطي مخاطر الحرب والأضرار البيئية، وتوفره رابطات المهنيين بشكل أساسي المسماة «كلوب بي أند آي (نوادي الحماية والتعويض)»، والتي تتقاسم المخاطر.
يوضح ماتيو بيرورييه، المدير العام لمجموعة «ايسوتييه فيرلانغ» في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الأمر يتطلب «مبالغ هائلة» وأن وشركات التأمين التابعة لنوادي الحماية والتعويض هي الوحيدة القادرة تقريباً على تقديم ضمانات مساوية لمخاطر مثل تسرب نفطي كبير أو تصادم مع سفينة». وتقدر هذه الأضرار بمليارات الدولارات.
يذكر أن حوالي 90 إلى 95 في المئة من سوق التأمين «بي أند آي» في أيدي شركات تأمين من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وفق تقدير العديد من المتخصصين في المجال. وصرح مسؤول تنفيذي في شركة لنقل النفط فضل عدم الكشف عن هويته أن «السوق مرتبطة بشكل وثيق بأوروبا لدرجة أنه سيكون من المستحيل تقريباً الإفلات من العقوبات». وأضاف «لا يوجد سوق تأمين بديل ناضج وجدي بما فيه الكفاية».
وكان الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، قد ذكر فيفي مطلع حزيران/يونيو إمكانية «الضمانات العامة في إطار اتفاقات حكومية دولية» مع دول أخرى، ما يعني أن تكون روسيا قادرة على تأمين نفسها بنفسها والالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وقالت المحللة في في «إنِرجي آسبكتس»، ليفيا غالاراتي «هذا صحيح، لكن إلى حد معين فقط». وأضافت «قيمة الأضرار المحتملة هائلة لدرجة أنه لا توجد شركة مستعدة لتحملها بمفردها».
وأكد ماتيو بيرورييه أنه «ليس لأي شركة روسية القدرة المالية الكافية لمواجهة» مثل هذه المخاطر.
أما بالنسبة لنقل نفطها بنفسها، فتؤكد ليفيا غالاراتي أن لدى روسيا قدرة شحن خاصة بها، لكنها تظل ضعيفة.
وذُكرت الهند أو الصين أو اليابان كبدائل محتملة. وكانت اليابان قد قدمت ضمانات للسفن الإيرانية في فترة العقوبات الأوروبية على طهران.
واعتبرت غالاراتي أن «الظروف السياسية لم تعد هي نفسها»، لكن الهند «يمكن أن تُجرَّب». شهدت العلاقة الهندية الأمريكية في ظل إدارة بايدن تراجعاً، حيث تأخرت دلهي بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا وزادت وارداتها من النفط الروسي رغم الانتقادات. وأشار كارستن فريتش إلى أن الهند «تساعد روسيا على مواصلة بيع نفطها رغم العقوبات الغربية»، ولا سيما عبر تقديم شهادات صلاحية لأكثر من 80 سفينة تابعة لشركة فرعية تتخذ من دبي مقراً لها وتعود لشركة الشحن الوطنية الروسية «سوفكوم فلوت».
لكن المخاطر على السمعة ستكون أكبر من أن تتمكن شركات إعادة التأمين الغربية من التعاون مع شركات تأمين آسيوية لتغطية نقل النفط الروسي، وفق ماركوس بيكر. وأضاف أن الضغط ازداد على مالكي السفن، ما سيشجعهم على توخي الحذر.