الاختبارات الجينية تجلب “عصرا حديثا” من التشخيص.
بحسب أحد الخبراء، إن اختبار الحمض النووي الذي يعتبر الوراثة كعامل خطر في الإصابة بأمراض القلب يمكن أن يبشر “بعصر حديث” من التشخيص لدى “هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية”.
أسست مؤسسة “جين أن كود” GENinCode في عام 2018، وهي تعمل على تطوير الاختبارات الجينومية والخوارزميات التي تساعد الأطباء على تشخيص المرضى بسرعة أكبر وأدق.
وتجدر الإشارة إلى أن أحد منتجاتها هو ما يعرف بـ”LIPID inCode”، والذي تم تطويره لرصد مزيد من الأشخاص في المملكة المتحدة الذين يعانون “فرط كوليسترول الدم العائلي” familial hypercholesterolemia (FH).
ولدى جميع مصابي فرط كوليسترول الدم العائلي طفرة جينية تجعلهم أكثر عرضة لارتفاع الكوليسترول، إلى جانب عوامل الخطر التقليدية، بما في ذلك التدخين أو السمنة.
والحال أن أكبادهم لا تستطيع تكسير الكوليسترول “الضار” في مجرى الدم، مما يعرضهم لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب في سن مبكرة، كذلك النوبات القلبية والوفاة القلبية المفاجئة.
كما يستخدم الاختبار عينة من اللعاب أو الدم من المرضى لتحليل ستة جينات باستخدام تقنية التسلسل.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة “جين أن كود” ماثيو وولز، بأن “النظر إلى المعلومات من الاختبارات يسمح للأطباء بتقديم حلقة لتقييم الأخطار في شأن احتمال إصابة المريض بنوبة قلبية”.
واستطراداً لحديثه مع وكالة الأنباء “برس أسوسييشن” PA، قال “إنه تغيير كبير في الطريقة التي سيتم بها تقييم المخاطر وتشخيص المرضى للمضي قدما”، مضيفاً “إنه عصر حديث، وإن أردت، ليس فقط النظر إلى ما نسميه عوامل الخطر التقليدية مثل التدخين أو زيادة الوزن. سينظر كذلك إلى الوراثة كأحد العوامل الخطرة أيضاً”.
تم نشر المخطط، أو ما يعرف أيضاً باسم الخطة الطويلة الأجل، من قبل الحكومة في يناير (كانون الثاني) 2019، والذي يبين كيفية إنفاق ميزانية بقيمة 20.5 مليار جنيه استرليني على مدى خمس سنوات في محاولة لتحسين النتائج لأولئك الذين يعانون أمراض القلب والسكتة الدماغية، وكذلك السرطان وأمراض الجهاز التنفسي والخرف.
في الشهر الماضي، حدد تقرير صادر عن لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية حول التحول الرقمي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، بأن دراسة التسلسل الجينومي هو عامل رئيس لابتكار العلاج.
يتم حالياً إجراء الاختبارات الجينومية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا من خلال خدمة الطب الجينومي والمعروف بـ”GMS” عبر سبعة مختبرات جينومية تابعة لها والمعروفة بـ”GLHs”.
وهناك أيضاً دليل الاختبارات الجينومية الوطني “National Genomic Test Directory”، والذي يقوم بتحديد مجموعة كاملة من الاختبارات الجينومية بتكليف من هيئة الخدمات الصحية الوطنية، بما في ذلك اختبارات لـ3200 مرض نادر وأكثر من 200 مؤشر سريري للسرطان.
يتم تضمين اختبار فرط كوليسترول الدم العائلي في الدليل ويمكن لأي شخص يستوفي معايير الأهلية أن يعرض عليه هذا الاختبار في جميع أنحاء إنجلترا، ووفقاً للسيد وولز، فإن “المعيار الأبرز” عندما يتعلق الأمر بخطر إصابة الشخص بنوبة قلبية أو سكتة دماغية هي علم الوراثة. ويضيف “هناك كثير من السكان الذين ليس لديهم مكون وراثي قوي. وفي حالة عوامل الخطر التقليدية، فأنت تزيد من الخطر وراثياً، وأيضاً سريرياً مع ما تفعله في بيئتك، مثل التدخين”.
وأردف “إن الوراثة لدى الفرد يمثل نصف خطر الإصابة بنوبة قلبية. وهذا تأثير كبير ولم يتم تضمينه أبداً كأحد عوامل الخطر”.
وفي إنجلترا، تم تنفيذ اختبار LIPID inCode لأول مرة من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في يوليو (تموز) 2022 ويتم استخدامه حالياً في الرعاية الأولية في شيفيلد وليدز ونيوكاسل.
ويتم الآن إجراء الاختبارات للمرضى المعرضين لخطر ارتفاع الكوليسترول بسبب عوامل خارجية، في الحالات التي يشعر فيها الأطباء بالقلق من أنه قد يكون فرط كوليسترول الدم العائلي.
وأكد السيد وولز بأنه ما إن نكتشفها في وقت مبكر، يمكننا معالجتها. وقال “أصبحت الأدوية متوفرة، ما هو غير متاح هو معرفة من وأين هم، ولهذا السبب نحتاج إلى العثور عليهم من خلال علم الوراثة”.
مضيفاً “ونحن نحاول الآن الوصول إلى نقطة الحيلولة دونها من خلال محاولة رصد هؤلاء الأفراد في وقت مبكر، حتى يتمكنوا من تغيير نمط حياتهم أو تلقي العلاج”.
وأردف “هناك عدد كبير من الطرق التي يمكنك من خلالها تقليل فرص الإصابة بنوبة قلبية، ولكن الأهم هو أن تعرف من هم هؤلاء الأفراد الأكثر عرضة للخطر”.
وقال وولز إنه “ليس هناك سبب يمنع من نشر LIPID inCode في جميع أنحاء إنجلترا في السنوات القليلة المقبلة”. ففي مايو (أيار)، خصصت هيئة الخدمات الصحية الوطنية تمويلاً لتسريع توسيع رقعة استخدام الاختبار.
ومن بين الدول التي يتم فيها استخدام الاختبار، الولايات المتحدة، وإسبانيا، وألمانيا، وإيطاليا.
أخيراً، أضاف وولز “نحن لسنا فقط شركة، بل أمة نحاول التأكد من أننا جميعاً أكثر لياقة وصحة وتحديد أولئك الأفراد الذين هم في خطر”.